أعتقد بعد كلمة الصهيوني بوش أمام ما يسمى بالكنيست لم يبقى من الحروف ومن الجمل ومن الدبلوماسية أو السياسة ما يحتاج للإستقراء بل هناك قيمة للإستدلال عن النهج الأمريكي الذي يتجه بترك الشعب الفلسطيني فريسة لوجود كنتوني في الضفة الغربية وانقسام الجزء الغربي من الوطن المحتل ( غزة ) تحت ذريعة واستدراج سلطتكم لمفاوضات عبثية تنحدر من المطالب العليا إلى المطالب القزمية كتفكيك الحواجز أو بعض منها أو تسهيل حركة المرور بين المدن الفلسطينية في الضفة ، لقد كانت كلمة بوش واضحة تنم عن حقد تاريخي ليس للشعب الفلسطيني فحسب بل العربي والإسلامي والأمور تقتضي الآن بمراجعة ملف وجود مثل هذه السلطة وتعثر برنامجها بل فشله وعائدات هذا البرنامج السلبية على الشعب الفلسطيني على المستوى المواجه مع إسرائيل أو على المستوى السياسي الإقليمي وكذلك الدولي .
يا فخامة الرئيس إن ارتضيت لنفسك أن تكون مجرد أمين لخزينة تمولها الوكالة اليهودية والمعبر عنها بصندوق الرباعية فالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين ولن نقبل ان يكون رئيسنا كذلك ، فلقد انتكب شعبنا ما قبل عام النكبة عام 1948 بأنشطة هذه الوكالة التي كانت تمرر برامجها عن طريق البنك البريطاني وغير البنك البريطاني ، والذي أصبح الآن صندوق الرباعية وبالتمويل الأوروبي ، وبمقابل هذه المعونات التي رصدت في أنابوليس هناك أنشطة أخرى للوكالات اليهودية مع الدول الأخرى ككندا وإستراليا وأمريكا اللاتينية لفتح باب الهجرة للكيانيات اللاجئة في الدول العربية أي عملية تفريغ وانهاء محددات معنى النكبة ومعنى الإحتلال ومعنى النزوج واللجوء ، كل ذلك كان تحت ما يسمى برنامج أوسلو الذي استغل لصالح البرنامج الصهيوني ولم يستثمر الجانب الفلسطيني أي من الإيجابيات التي تعزز مواقفه النضالية .
لقد أصبح الفلسطيني سواء داخل الوطن أو خارج الوطن هو عبارة عن كم مجزء تتجزء إرادته مع حركة التشويه للمقاومة ومعاني الصمود والتحدي للإحتلال ولذلك ازدادت معاناة الفلسطينيين ، فها هو شعبك يا فخامة الرئيس منذ أربعة سنوات على الحدود العراقية السورية ، وعلى الحدود العراقية الأردنية ، وها هو شعبك يا فخامة الرئيس في لبنان محاصر في مخيمات لا ترى أشعة الشمس إلا لأوقات معدودة وقليلة ، أقصد الحرية التي منحت ومن حق كل البشر ، وها هو شعبك أيضا في بقاع أخرى في الوطن العربي يمارس عليه الحصار أيضا وأنواع الإضطهاد في العمل وفي الحقوق الإنسانية ، كل ذلك يا فخامة الرئيس من أعباء أوسلو وترهات أوسلو .
لو كان هناك ضمير بعد خطاب القاتل بوش أمام ما يسمى بالكنيست الإسرائيلي لأعلنت تلك الأنظمة مقاطعتها لهذا الرئيس المجرم بحق الشعب الفلسطيني والشعب العراقي والشعب الصومالي والشعب الأفغاني ، هذا الرئيس مصاص الدماء الذي يعمل من الدماء العربية مجاري وممرات ليضخ البترول لعجلته الإحتكارية التي يريد منها أن يسيطر على العالم ، وللأسف تقوم بعض الأنظمة بتحقيق مطالب بوش بزيادة البترول المضخ الذي يمنع عن شعبنا الصامد في غزة ، إنها يا فخامة الرئيس معادلة تسير بسياسة الصور المعكوسة ، فهل يمكن أن تخرجوا من تلك الصور المعكوسة ؟ .. هذا أملنا وليكن الخيار للشعب الفلسطيني ليحدد كيف يواجه الإحتلال معتمدا على تجربته بهذا الصدد إن ما يؤلم إسرائيل هو تهديد أمنها ولذلك إن شئتم أم أبيتم فإن مشروعكم بدا يتهاوى ويتراجع أمام ضربات وبرنامج المقاومة الذي يمكن ان يفرضه اليوم قبل غدا ، معادلة جديدة على الإحتلال فهو لا يعرف إلا تلك اللغة وفي معدلات الربح والخسارة ، فكيف يمكن يا سيادة الرئيس وأنت يدك اليمنى معطلة ويدك اليسرى كذلك ، في حين أن العدو الصهيوني ينظر إلى يديك المشلولتين فلا يستجيب حتى لرفع بعض الحواجز ، بل يماطل بها ويمارس عمليات الإحتلال التي تنعكس بشكل واضح من توجهات أجهزة الأمن لديكم بمتابعة رجال المقاومة وحصارها ، أما آن الأوان يا سيادة الرئيس أن تعرف حقيقة وجودكم الآن في المقاطعة المرهون بطوق من مرمى المدافع والرشاشات الإسرائيلية ، نحن نرفع قاماتنا إذا انتفضت يا سيادة الرئيس وأعلنت فشل أوسلو وتبعاتها وأخذتم الترتيبات اللازمة لإدارة الشؤون المدنية كما كان عليه الحال قبل اتفاقية المهانة التي تسمى أوسلو والتي عدتم من خلالها إلى الوطن .
ولتشكل قيادة موحدة تضم كل الفصائل الفلسطينية خارج الوطن وداخله لمواجهة المرحلة وعقد مجلس وطني عاجل والتخلص من البطانة التي ليس لها مصالح إلا في توافقيات مع الإحتلال تحقق مصالحها ، لم يبقى أمامكم يا فخامة الرئيس كثير من الوقت وبين مفارقتين إما أن تصبح في نظر الشعب الفلسطيني وفي التاريخ قائدا يخلده التاريخ أو قائدا تهاون وفرط وتنازل وبين المفارقتين معايير كبيرة تنعكس على حركة التاريخ للشعب الفلسطيني .
فخامة الرئيس لقد مورس عليكم ضغوط من بعض الدول الإقليمية لكي لا تقدموا الإستقالة أو تنهوا سلطة أوسلو أو توضع العثرات في طريق وحدة وطنية إرضاء لحكومة الرباعية حكومة فياض ، وكذلك تحقيقا لمصالح تلك الدول وسياساتها متخذة الموقف السياسي للسلطة عبارة عن ” كوبري ” أو جسر لتمرير سياستهم وذرائعهم في تنفيذ البرنامج الأمريكي والصهيوني والذي وضع محدداته بوش في خطابه أمام ما يسمى بالكنيست الإسرائيلي لم تكن ضغوطهم عليك بكيا على الشعب الفلسطيني ، وإلا لما رأيت غزة تحاصر والقدس تهود والفلسطينيون خارج الوطن معذبون يفتقرون لأي سقف من الحماية بل واقعين تحت سياسات عربية متناقضة ، هذا هو الحال يا فخامة الرئيس ، إنهم يقولوا أن الفلسطينيين لا يريدوا أن يحاربوا وأن شعارهم السلام كخيار إستراتيجي ولو حاول هؤلاء تجريدنا من ملابسنا التي تغطي عوراتنا ، المهم السلام خيار استراتيجي ، هل هذا معقول با فاخمة الرئيس ! .. إن نقطة تغيير المواقف ونزع المبررات من البرنامج الأمريكي في المنطقة هم تخليكم عن هذا الطريق الذي لن يوصلنا إلى أضعف النتائج الإيجابية وعندئذ ماذا سيقول فخامة الرؤساء والملوك العرب لشعوبهم وللتاريخ عندما يقرر الفلسطينيون أن يموتوا في معركة المواجهة ولا أن يموتوا في معركة قوامها الإبتزاز واللعب على عامل الزمن لإرهاق وإزهاق شعبنا .
إذا اتخذتم موقف جريء يا فخامة الرئيس فإن الدول العربية ستهتز لهذا القرار الذي يرفع الغطاء عن كل المبررات الواهية التي أتاحت لإسرائيل مزيد من الإستيطان واختفاء النفس القومي واختفاء بل اتهام النفس الإسلامي في مواجهة الإحتلال الصهيوني الصليبي ، فلم تكن كلمة بوش إلا خطابا صليبيا صهيونيا .
ولذلك وكما تحدثت ” فلسطين اليوم ” والتي أفادت عن وصول تقارير لكم عن تهرب وتملص أميركا من وعودها والتزاماتها نحو حل الدولتين والمبادرة العربية ، أعتقد أن الأمور لا تحتاج إلى تقارير أكثر مما قدمه بوش في تقريره أمام ما يسمى بالكنيست الإسرائيلي ، ولم تكن التقارير أقوى من ما لاحظتموه في مقابلتكم الأخيرة مع القاتل بوش ، أو مع القاتل أولمرت .
يا فخامة الرئيس ليس بيننا حقدا شخصيا بل بيننا فلسطين ، فمن يقترب من فلسطين ومن معاناة الشعب الفلسطيني في نه
ر البارد وفي الجلزون وفي بلاطة واليرموك ورفح والوسطى وجباليا وكل المخيمات الفلسطينية فنحن نصنع من جماجمنا أهرامات يخلدها التاريخ للأبطال في شعبنا الذين انتفضوا وتجاوزوا كل معاني الضغوط والحصار والإذلال .
ولتفتح مرحلة جديدة في السياسة الفلسطينية ترفض تعددية المسارات في القضايا النضالية للامة العربية.
بقلم / م . سميح خلف