أرشيف - غير مصنف

غبطة ولي الفقيه البطرك…!؟// جهاد نصره

لا يجد علمانيو الديموقراطية التراشقية اللبنانية حرجاً وهم يسترسلون في تظريطاتهم الاستقلالية السيادية حين يظهر جلياً واضحاً  صافعاً أن بعد كل ما أنتجوه خلال مسيرتهم لم يغيِّر من واقع أن الأمور في بلدهم ظلَّت رهن مشيئة المشايخ والبطاركة..! فهاهو غبطة البطرك المعظم صفير ( عجَّل الله الفرج الذي يعمل له ) يتدارس مع مبعوث العلمانية الفرنسية في مسألة لبنانية صميمية .؟
أما كيف يخرّ أولئك الديموقراطيين احتراماً، وإجلالاً، وتسليماً، أمام هذه الحقيقة اللاهوتية البطركية وهم الذين لم يتوقفوا يوماً عن هجاء اللاهوتيين الآخرين الذين عندهم ولي فقيه من نوع آخر فإن في ذلك لمدعاة للتوقف ملياً قبل الاسترسال في ترجيح هذا الخيار أو ذاك وبخاصة أنه قد تكثفت حزمة من التناقضات والأجندات المتعارضة في ساحة لبنان الصغيرة.!
قد يكون مطلوباً من منظري الأحزاب العلمانية في لبنان أن لا يتوقفوا فحسب بل أن يساءلوا أنفسهم عن السر الكامن خلف هذا الموصول الذي جاء بعد مسيرة سبعة عقود من التنظير، والتحشيد، والصخب الشعاراتي الذي أصم الآذان في عموم أرجاء المنطقة المشرقية وخصوصاً أن أحزاباً يسارية عريقة عجزت على الدوام عن إيصال ولو نائب واحد إلى مجلس النواب.!
إن ما يظهره المشهد اللبناني هذه الأيام وبكل وضوح يؤكد من جديد على حقيقة عدم إمكانية الفصل بين الديموقراطية والعلمنة وبخاصة في بنى مجتمعية كان الدين ولا يزال ركيزتها الجوهرية لعشرات القرون ولهذا يبدو مستغرباً أن يستمر معظم مثقفي المشرق في جدالهم الأيديولوجي العقيم حول هاتين المسألتين في الوقت الذي ترتسم أمامهم التجربة ( الديموقراطية ) اللبنانية وهي تقدم درساً بنيوياً حاسماً.!
لقد وجد اللبنانيون أنفسهم بعد خمسين عام من الشدو الديموقراطي عاجزين عن إتمام استحقاق الانتخاب الرئاسي بسلاسة وأنَّ العملية مرهونة بمشيئة ولي الفقيه من رتبة بطرك لأن منصب الرئاسة من حصة الكنيسة.! مع أخذ العلم بحقيقة أن معظم السياسيين، والمنظرين، والمحللين اللبنانيين ومن كل المشارب كانوا على الدوام يتمسحون بغبطة البطرك لنيل مباركته ورضاه عند كل وعكة تنظيرية تلمُّ بهم.! وما سعي الإدارة العلمانية الفرنسية للتنسيق مع البطرك لإخراج السيناريو الرئاسي من عنق الزجاجة إلا تأكيد على الفشل الذريع الذي حصده العلمانيون والديموقراطيون في لبنان الأمر الذي يتطلب منهم التوقف عن التنظير وإعطاء الدروس لغيرهم في الدول الأخرى وهم في الحقيقة لم يتوقفوا يوماً عن هذا الفعل الاستعلائي من واقع ادعائهم أنهم أصحاب تجربة تاريخية ( ديموقرباطية ) فريدة في المشرق العربي.!
نعم إنها حالة مؤسفة ومحبطة أن تستمر في الألفية الجديدة حقيقة أن كل ما يواجه الشعب اللبناني إن كان في حياته اليومية أو في تقرير مصيره على كل الصعد لا يزال رهن إشارة ولي الفقيه لكن برتبة كاردينال.!؟
 

زر الذهاب إلى الأعلى