اشتعلت شوارع عديدة في العاصمة اللبنانية بيروت الأربعاء بمواجهات مسلحة عنيفة، استخدمت فيها القنابل والأسلحة الرشاشة من مختلف الأعيرة بين قوى مؤيدة للمعارضة اللبنانية وأخرى مساندة للحكومة، في أحداث قد تكون الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1991.
وظهر الفرز المذهبي واضحاً في العاصمة بين الأحياء التي تقطنها غالبية شيعية مؤيدة للمعارضة المتمثلة بحزب الله وحركة أمل، وتلك التي يقطنها السنّة والدروز الموالين بمعظمهم للحكومة ولتيار المستقبل بزعامة النائب سعد الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة وليد جنبلاط.
وذكرت مصادر أمنية مطلعة أن استخدام السلاح انتشر على نطاق واسع في بيروت، وألقيت قنبلة على شارع رئيسي في المدينة أسفرت عن سقوط خمسة جرحى، مبدية تخوفها من تزايد المعلومات التي تشير إلى احتمال انفجار الوضع تماماً خلال الساعات المقبلة.
وقال مصدر أمني رفض الكشف عن اسمه بسبب حساسية منصبه أنه لم يسجل رسمياً حتى الساعة سقوط قتلى أو جرحى، سوى الجرحى الخمسة، بينهم اثنان من عناصر الجيش، الذين سقطوا في شارع “كورنيش المزرعة” بقنبلة يدوية مجهولة المصدر.
ووضع المصدر “كورنيش المزرعة” و”حي اللجا” و”رأس النبع” على رأس قائمة الأحياء التي شهدت أعنف المواجهات، وهي بمجملها مناطق “تماس” بين السنّة والشيعة، غير أنه ذكر بأن تبادل إطلاق النار لم يكن حتى الساعة “مباشراً” وإن كانت المعلومات التي ترد غرف العمليات الأمنية تشير إلى احتمال تفجر الوضع خلال الساعات المقبلة.
وأكد المصدر أن قذائف مضادة للدروع من نوع “آر بي جي” سقطت على منطقة الطريق الجديدة، التي تعتبر معقلاً لتيار المستقبل، بعدما أطلقت في الأجواء من مكان غير محدد، وكشف أن الأوامر المعطاة للقوى الأمنية حتى الساعة تتمثل في عدم الاحتكاك المباشر مع المتصادمين والمتظاهرين إلا في حالات الدفاع عن النفس.
وكان آلاف المتظاهرين المعارضين الذين يقودهم حزب الله، قد أغلقوا شوارع وسط بيروت، والطريق المؤدي إلى مطار رفيق الحريري الدولي، الأربعاء، دعما لإضراب ينفذه اتحاد العمال.
وقالت أسوشيتد برس إنّ آلاف الجنود ورجال الشرطة انتشروا في المدينة وأغلب الطرق السريعة الرئيسية، ناشرين عربات مدرعة عند التقاطعات.
غير أن غالبية تلك القوات ظلت مرابطة بالأرصفة في الوقت الذي كان فيه المتظاهرون يقطعون الطرق ويضرمون النار في إطارات السيارات.
ووجّه الدعوة إلى الإضراب اتحاد العمال للمطالبة برفع الأجور بعد أن رفض عرضا تقدمت به الحكومة في اللحظة الأخيرة، معتبرا إياه غير كاف.
غير أنّه يتقاطع مع “مواجهة” جديدة بين الحكومة وحزب الله.
وزادت الأزمة السياسية العميقة من سوء الأوضاع المعيشية للبنانيين لاسيما مع زيادة أسعار الطاقة وكذلك ارتفاع قيمة اليورو.
ومع انقسام البلاد عمليا إلى موالاة ومعارضة، انعكس ذلك أيضا على نقابات العمال.
وفي الوقت الذي دعت فيه جماعات سياسية ونقابات محسوبة على الموالاة إلى تجاهل الإضراب، زادت المعارضة من دعواتها إلى دعم الإضراب والانضمام إلى مظاهرة عمالية مقررة في وقت لاحق في بيروت.
ولدعم الإضراب، قام معارضون شبّان بإضرام النار في إطارات مركبات، وضعوها في قلب الطرقات، منذ ساعات الصباح الأولى، وكذلك على أغلب الطرقات السريعة الحيوية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة ولاسيما في الضاحية الجنوبية.
كما قامت شاحنات بجلب القاذورات ووضعتها في قلب الطريق السريعة الرئيسية التي تؤدي إلى المطار الدولي وكذلك في عدة تقاطعات في محيطها.