أرشيف - غير مصنف

سيبويه في ميدان طلعت حرب !!

د. مصطفى رجب 
كنت أشق طريقي بصعوبة في زحام وسط البلد متجها إلى شارع عبد العزيز ، حين استوقفني رجل وسيم حسن وجهه مضيئ محياه ، باسم ثغره
قائلا : أهلا ياابن رجب ..إلى أين المسير؟
تفرست في ملامح الرجل قليلا بين مصدق ومكذب إنه بعينه ، وأنفه ، وأذنيه ، وصوته : عمرو بن عثمان بن قنبر مولى بني الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن خالد بن مالك بن أدد ،الملقب بسيبويه ويكنى أبا بشر. [ وسيبويه بالفارسية رائحة التفاح ]
                   معقول؟ عم سيبويه ؟ كيف حالك يا أبا بشر ؟ وكيف جئت إلى هنا ؟ و… إلى أين المسير؟
       إلى شارع عبد العزيز ، وصلت أمس من البصرة ، وأقمت في ” خان” يدعى (هيلتون ) وشد ما انزعجت من اسمه لأنه ينتهي بالواو والنون ولكني لم أره مذكورا عند شيخي الخليل بن أحمد ضمن الملحقات بجمع المذكر السالم .
                   لا عليك . فإنه علََم أعجمي . وما تبغي من شارع عبد العزيز ؟
       جئت لأغير نغمات هاتفي المحمول ، فقد ضاق صدري بنغمة (والله زمان يا سلاحي ) فغيرتها بنغمة ( بلادي بلادي بلادي ) ففوجئت بابنتي ” سوسو ” تفزع منها كلما رن الهاتف ، فأنا أسعى في طلب نغمة ( باحبك يا حمار ) أو ( المصريين أهمه )
                   ولكنك فارسي يا أبا بشر ؟ أليس كذلك ؟
                   بلى يا أبا مختار ، ولكن هل غاب عنك قول المرقش الأوسط ( أحمد فؤاد نجم ):       ” إيران يامصر زينا
وعندهم ماعندنا
تمسك ودانك من هناك
تمسك ودانك من هنا
الخالق الناطق هناك
الناطق الخالق هنا “
                   وما الذي جاء بك إلى مصر يا أبا بشر ؟
       بالأمس سمعت كبير النظار الذي تسمونه ” رئيس الوزراء ” يقول – كما نشرت الصحف – ” لن تسمح الحكومة لأحد بلوي دراعها ” فأصابني هلع ، واحرنجمت أختبط تعاسيف اليربوع حتى اغسوسق المشق في غضابير الوشائر .
                   ما شاء الله .. لهذه الدرجة غضبت ؟
                   كنت قد ارتحت في قبري سنين عددا ، فجاء هذا الرجل فقلب علي مواجع قديمة
                   وماهي؟
       لقد سمعت رئيس وزراء سابقا يدعى عبد الرزاق عبد المجيد يقول تحت القبة أواخر السبعينيات أو أوائل الثمانينيات ( ورحمة أبويا الميزانية فيها فائض ) أو ( وشرف أبويا ) أو ( وحياة راس أبويا ) أو كما قال . وبعدها سمعت عاطف صدقي يقول ( إن الحكومة تسمع دبة النملة ) وبعدها سمعت عاطف عبيد يقول عن المتفحمين في قطار تملكه حكومته ( القتلى ) ،وبعدها سمعت أبا الغيط يقول إنه ( هيكسر رجل اللي يعدي الحدود ) وبعدها سمعت ابن بطرس غالي يقول لموظفي الضرائب ( ما حدش هيقدر يلوي دراعي ) ، وهاهوذا رئيسه يكرره بحروفها ….. فبعت معجم العين و( الكتاب ) لرجل يبيع فيهما طعمية في شرق البصرة ، وجئت لأقيم هنا لأتعلم هذه اللغة المتحضرة ( ولا أقول ” الحضرية ” حتى لا أذهب وراء الشمس ) !!
                   ولم ذاك ؟ ألم تسمع قول المتنبي ” الملافظ سعد !! ”
       يا ابن رجب : الناس على دين حكوماتهم ، فيجب أن نترك لغتنا القديمة المتحجرة لنتكلم لغة أهل مصر المتحضرة ( من الحضري ) فهمت يا حمار ؟
                   ماذا تقول يا أبا بشر ؟ هل تشتمني ؟
      
معاذ الله يا أبا مختار ، كنت أقصد أن أقول لك : لعل المقصود بلغة ( باحبك يا حمار ) شيئ آخر غير الحمير التي نعرف .
عند هذا الحد من الحوار وصلنا إلى ما ظنناه شارع عبد العزيز ، فوجدنا باعة النغمات قد أغلقوا وغيروا أنشطتهم ، فلما سألنا عنهم قيل لنا إنكم تسيرون في شارع مكرم عبيد في مدينة نصر .!!! فعدنا أدراجنا نسأل عن شارع عبد العزيز يروحوا له منين من مدينة نصر .!!

زر الذهاب إلى الأعلى