أرشيف - غير مصنف

سيناريو جاهز

 
 
محمود درويش
 
 
 
لنفترضِ الآن أَنَّا سقطنا ،
 
أَنا والعَدُوُّ ،
 
سقطنا من الجوِّ
 
في حُفْرة ٍ …
 
فماذا سيحدثُ ؟ /
 
 
 
سيناريو جاهزٌ :
 
في البداية ننتظرُ الحظَّ …
 
قد يعثُرُ المنقذونَ علينا هنا
 
ويمدّونَ حَبْلَ النجاة لنا
 
فيقول : أَنا أَوَّلاً
 
وأَقول : أَنا أَوَّلاً
 
وَيشْتُمني ثم أَشتمُهُ
 
دون جدوى ،
 
فلم يصل الحَبْلُ بعد … /
 
 
 
يقول السيناريو :
 
سأهمس في السرّ :
 
تلك تُسَمَّي أَنانيَّةَ المتفائل ِ
 
دون التساؤل عمَّا يقول عَدُوِّي
 
 
 
أَنا وَهُوَ ،
 
شريكان في شَرَك ٍ واحد ٍ
 
وشريكان في لعبة الاحتمالات ِ
 
ننتظر الحبلَ … حَبْلَ النجاة
 
لنمضي على حِدَة ٍ
 
وعلى حافة الحفرة ِ – الهاوية ْ
 
إلي ما تبقَّى لنا من حياة ٍ
 
وحرب ٍ …
 
إذا ما استطعنا النجاة !
 
 
 
أَنا وَهُوَ ،
 
خائفان معاً
 
ولا نتبادل أَيَّ حديث ٍ
 
عن الخوف … أَو غيرِهِ
 
فنحن عَدُوَّانِ … /
 
 
 
ماذا سيحدث لو أَنَّ أَفعى
 
أطلَّتْ علينا هنا
 
من مشاهد هذا السيناريو
 
وفَحَّتْ لتبتلع الخائِفَيْن ِ معاً
 
أَنا وَهُوَ ؟
 
 
 
يقول السيناريو :
 
أَنا وَهُوَ
 
سنكون شريكين في قتل أَفعى
 
لننجو معاً
 
أَو على حِدَة ٍ …
 
 
 
ولكننا لن نقول عبارة شُكـْر ٍ وتهنئة ٍ
 
على ما فعلنا معاً
 
لأنَّ الغريزةَ ، لا نحن ،
 
كانت تدافع عن نفسها وَحْدَها
 
والغريزة ُ ليست لها أَيديولوجيا …
 
 
 
ولم نتحاورْ ،
 
تذكَّرْتُ فِقْهَ الحوارات
 
في العَبَث ِ المـُشْتَرَكْ
 
عندما قال لي سابقاً :
 
كُلُّ ما صار لي هو لي
 
وما هو لك ْ
 
هو لي
 
ولك ْ !
 
 
 
ومع الوقت ِ ، والوقتُ رَمْلٌ ورغوة ُ صابونة ٍ
 
كسر الصمتَ ما بيننا والمللْ
 
قال لي : ما العملْ؟
 
قلت : لا شيء … نستنزف الاحتمالات
 
قال : من أَين يأتي الأملْ ؟
 
قلت : يأتي من الجوّ
 
قال : أَلم تَنْسَ أَني دَفَنْتُكَ في حفرة ٍ
 
مثل هذى ؟
 
فقلت له : كِدْتُ أَنسى لأنَّ غداً خُـلَّبـاً
 
شدَّني من يدي … ومضى متعباً
 
قال لي : هل تُفَاوضني الآن ؟
 
قلت : على أَيّ شيء تفاوضني الآن
 
في هذه الحفرةِ القبر ِ ؟
 
قال : على حصَّتي وعلى حصّتك
 
من سُدَانا ومن قبرنا المشتركْ
 
قلت : ما الفائدة ْ ؟
 
هرب الوقتُ منّا
 
وشذَّ المصيرُ عن القاعدة ْ
 
ههنا قاتلٌ وقتيل ينامان في حفرة واحدة ْ
 
.. وعلي شاعر آخر أن يتابع هذا السيناريو
 
إلى آخره ْ !
 

زر الذهاب إلى الأعلى