أرشيف - غير مصنف

ايران بين الحقيقة و الخيال// جاسم الحيدري

لقد أدرك بشار الأسد أخيرا عدم جدوی مصادقة ايران و أن تلک الصداقة لا تجلب له الا کل شر شرور. و أدرک أيضا أن ايران هي المستفيد الأول و الأخير من تلک الصداقة عديمة الجدوی التي تجمع بين بلدين لايتفقان في الأيدلوجية في شئ و لكن لأن حافظ الأسد قد وقف  مع الخميني في حربه ضد رمز من رموز العربية، أصبحت سوريا هی الحليفة الصديقة لإيران الفردوسي لإيران الفارسية و التي قد حاربت المد العربي و التي لا تکن للعرب و العروبة إلَّا حقدا دفينا يحاولون تغطيته بين فينة و أخری كما صرح سابقا المستشار الإعلامي للخامنی شريعتمداري بأنَّ البحرين ماهی إلَّا جزء لا يتجزأ من ايران الكبری التي تمتد من أفغانستان إلی لبنان. و ذلک ما يسعون إليه دوما لذلك تجدهم يزرعون خلايا لهم هنا و هنالك في البلاد العربية و تجدهم يدخلون الی تلك البلاد بذرائع مختلفة يأتون بها من حين إلی أخر. و مهما حاولت إيران من طمأنة دول الخليج العربي و محاولة إفهامها أنَّ إيران لا تشكل خطرا لهم إلَّا أنَّ القائمين عليها سرعان ما يطلقون تصريحات نارية تكشف عن نواياهم الخبيثة، هذا علی مستوي الدولة أما علی مستوی الشعب الإيراني، فالزائر لإيران هنا لا يحس ذلك الحقد و خصوصا إن کانت زيارة قصيرة، أما لو مکث هنا لحين من الدهر لأدرك ما يكنه هذا الشعب لكل ما هو عربي و لكل من ينتمي للعروبة، فسرعان ما يدرك الإيراني أنك عربي يبدأ ببث برکان من حقد لا تجد له مبررا. فلو سألته لم تکره العرب لقال لك أنهم قد دمروا حضارتنا و جعلونا مسلمين، و الشئ الذي يبعث علی الملل و السأم أن کل الإيرانيين يحملون فکرا واحدا لأنهم من عامل النظافة إلی الأستاذ الجامعی يعتقد أن ثروة بلاده تذهب إلی سوريا و فلسطين و لبنان، و تجدهم أيضا يشکون دوما صعوبة المعيشة نتيجة لإنفاق حکومتهم ( حکومة الملالي ) علی الشعب السوري و اللبناني و الفلسطيني من أموال کانت من المفترض أن تخصص للشعب الإيراني. لذلك تجد الطلاب الأجانب و خصوصا السوريين منهم و اللبنانيين يعانون أيما معاناة من ذلك الفكر العقيم، فتجد کل إيراني يحقد عليهم لأنهم قد احتلوا مقاعدا للدراسة کانت من المفترض أن تملأ من قبل الطلبة الإيرانيين، لذلك تجد الطلبة السوريين يحاولون الکذب عليهم إن سألوهم عن مصدر البعثة و المنحة الدراسية و من أين يتم الإنفاق عليهم، لذلك تجدهم يقولون أن بلادهم هی التي بعثتهم و أنَّ هي التي تنفق عليهم فالويل ثم الويل إن عرف الإيراني أنَّ بلاده تعطيك منحة داسية. فالطلاب الأجانب هنا بشکل عام يعانون من عزلة اجتماعية فرضها عليهم شعب أناني عنصري لا يحب إلَّا غيره، فتجد الإيراني تواق إلی السفر للخارج و العمل هناك، و لكنه في ذات الوقت يکره وجود الأجانب في بلاده و يحاول مضايقته بشتی السبل، فالإيراني إن عرف أنك أجنبی، تجده يضع حاجزا بينه و بينك و يعاملك علی أنك أجنبي و إن طال بك الأمد في بلاده و إن تزوجت منهم فأنت لا تزال أجنبي غير مرغوب فيه و ستظل کذلك، و ما يطلقون من فينة إلی أخری من إدعاءات بأنهم کريمون ما هی إلَّا أباطيل الأقاويل، فالأجنبي في أيران هنا مقسم إلی طوائف، فإن کنت من البلاد الغربية فأنت معزز مکرم و تجده يتودد إليك ما إستطاع إليه سبيلا. أما إذا کنت من البلاد العربية أو الإفريقية، فإنك لا تلاقي منهم إلَّا سوء في المعاملة، و يکفيك أن تعلم أنهم في ذلك سواسية إن کانوا رجال دين أو کانوا من غيرهم، و يكفيك أيضا ما حدث منذ سنوات قلائل في الحوزة العلمية بقم،إذ إدعی أحد مسؤوليهم بأنَّ العراقيين و الأفارقة المتواجدين في قم ما هم إلَّا أناس قد فروا من جحيم الفقر و الحرب المستعرة في بلادهم و يكفيك أيضا أن تعلم أنهم يعاملون الأفغان أسوأ معاملة مع أن معظمهم من طائفة الشيعة، فالأفغاني عندهم يساوي الکلب و العياذ بالله. أما عن الترکيبة النفسية للشعب الإيراني فإنك لا تجد لها مثيلا في الشعوب فهو شعب عبوس كئيب تجده يشکو دوما من صعوبة الحياة و إن کان من الأثرياء. و تجد أغلب سکان الولايات يودوا لو کانوا من سکان طهران و التي لا تجد فيها شئيا يشجعك علی السکن فيها اللهم الا ازدحام السيارات و التلوث الناشئ عن ذلك و غلاء الأسعار و التضخم الهائل و مع کل هذا تجد کل إيراني يدعي أنه من سکان طهران و أنه ينتمي الی سلالة الفرس العريقة علی حسب ما يخال اليهم.. و الشئ العجيب هنا أنك إذا تحدثت مع شخص واحد و کأنك تحدثت مع بقية الإيرانيين فهم يحملون نفس الفكر كما ذكرت سابقا و كلما قابلك ايراني تسمع منه ما ألفت سماعه من قبل. فالإيراني خاوي روحيا و فكريا لذه تجده يحاول أن يغطي علی ذلك بالجانب المادي مما يجعلهم يعيشون دوما في تعاسة و بؤس فالإيراني لا يشبع أبدا و إن أعطيته مال قارون. و تلك التعاسة و البؤس التي يعيشها الإيراني تنعكس علي حال الطلاب الأجانب المتواجدون هنا، فهم بدورهم و نتيجة لهذه الظروف السئية يعيشون حالات نفسية متأزمة، و تجد بعضهم و قد إستغلتهم الإستخبارات الإيرانية و جعلت منهم جواسيس يتجسسون علی بعض الطلاب و أحيانا علی دولهم، و کم من طالب أجنبي قد طرد من إيران لأن نفسه أبت و أن ترضخ لمطالبهم فوجدوا لها عذرا في طرده لأنه لا يخدمهم في شئ. و يعاني الطلاب هنا أيما معاناة من البروكراسية و المماطلة إن كان عندك عمل إداري لديهم، فالموظفون هنا خلاف ما تدعيه وسائلهم الإعلامية من نشاط و كد دؤؤب في انجاز عملهم، تجدهم في مكاتبهم يقضون جل وقتهم في شرب الشاي و تناول الوج
بات الشهية و الإستماع الي الإذاعة و التلفزيون، مما يشكل ذلك عبئا علی الطالب الأجنبي و يزيد من تأزم حالته النفسية.
 
إن السنوات الدراسية التي يقضيها الطالب الأجنبي هنا في إيران ما هي إلا سنوات عجاف ملئية بالكوابيس و المحن. و إن الطالب الأجنبي عندما يخرج من إيران و كأنه قد خرج من سجن رهيب و إن كان سجنا مفتوحا. فالطالب الأجنبي و عند عودته الی بلاده يكون في أمس الحاجة الی تأهيل نفسي و إجتماعي و اصلاح ما قد خرب طيلة مكوثه في بلاد الخيال و الزيف.
 
جاسم الحيدري
 

زر الذهاب إلى الأعلى