لم تعد المنتجات والموضات وحدها من يخرج إلينا في كل يوم بحلة جديدة
لبنى ياسين
لم تعد المنتجات والموضات وحدها من يخرج إلينا في كل يوم بحلة جديدة ولون جديد، فقد جارتها أمور الدين، وصارت القنوات الفضائية تطلع علينا كل صباح بفتوى ما أنزل الله بها من سلطان.
فهذا يفتي برضاعة الرجل من زميلته في العمل تلقيماً من الثدي في العمل درءاً لشرور الاختلاط والاختلاء وغيرها، ولم يكمل الفاضل الذي أفتى دون علم عما يفعله من كان في مكتبه ست زميلات عمل يحتمل اختلائه بإحداهن، هل تجزئ رضاعته من واحدة منهن على اعتبار أواصر الأخوة والصداقة التي تجمعهن بحكم العمل؟ أم أن عليه أن يطوف عليهن واحدة واحدة من أجل الرضاعة؟ وماذا إن كانت الزميلة قد تجاوزت فترة الإرضاع لكبر أطفالها أو لعدم زواجها أو لكبر سنها..هل تغتسل بحليب نيدو ثم تجمعه له ليشربه طالما أنه مر على خلاياها حتى ولو من السطح ؟ أم أن حليب كليم أجزئ؟ وفي حال غير رأيه وأراد أن يخطب زميلته ماذا يفعل؟ هل ترضع الزميلة كفارة لرضعته عشر موظفين بالغين راشدين من نفس الماركة التي استعملتها في إرضاعه سواء كان نيدو أو كليم أو حتى حليب تيوس؟ ومن ثم هل إذا أرضعت جميع من في الدائرة سوف تصبح حرة كما لو كانت في المنزل ويمكنها أن ترتدي حتى ثياب النوم باعتبار أخوة الرضاعة أثناء ساعات العمل الرسمية..وإذا ما كانت قادرة على كل هذا الإرضاع فلم لا تفتح معملا للحليب وهكذا ترضع جميع من في البلد وتتخلص من حرج الاختلاط والحجاب، أم أن في رأسه أفكاراً أكثر ملائمة من ذلك؟!
والآخر يفتي بشرعية زواج المسلمة من كتابي مسيحياً كان أم يهودياً، وكأن رجال المسلمين قد قضوا وصرنا في خطر الانقراض، ولم يتبق للحفاظ على نوعنا إلا أن نتزوج من غير ديننا، ثم أنهم بدورهم ـ على حد علمي ولكم أن تصححوا لي ـ يحرمون الزواج من غير دينهم لذا وجب عليه أن يلبس رداء القس وطاقية الحاخام ويفتي بجواز زواج المسيحي واليهودي من مسلمة، ومن جديد تبرز أسئلة من صدر هذه الفتوى أو من قلبها أو حتى ركبتها ، فهل ينطبق في حالة الكتابي قوله صلى الله عليه وسلم ” من ترضون دينه وخلقه” وبالتالي على المسلمة أن تختار المسيحي أو اليهودي الأكثر تدينا من غيره؟ وأين يجرى عقد القران؟ هل تتكلل في كنيسة أم في كنيس حسب دين زوجها أم تذهب إلى الشيخ ليعقد قرانها؟ والى أي دين ينتمي الأطفال؟ هل تسلم البنت ويتبع الولد دين أبيه، أم بالعكس؟!
وثالث يبيح نزع الحجاب ويجعله غير مفروض على المسلمات من غير دليل ولا برهان، ولا أفهم حتى اللحظة لماذا أصبح لحجابنا نحن المسلمات أولوية حتى على المجاعات والأوبئة والحروب؟ كأنه ينتمي إلى نوع من أنواع الأنشطة النووية غير السلمية وينقض قواعد اتفاق الحد من التسلح النووي! وهنا أيضا برزت لدي تساؤلات على ضوء الدراسات والمهرجانات والاجتماعات التي تقام من أجله عفوا أقصد ضده، أتمنى أن يجيبني عليها الأخ المفتي بعدم فرضه مشكورا: أهو مضر بالبيئة؟ أم انه يتسبب بهزات أرضية؟ وهل هناك احتمال في أن يتسبب بزوابع عدا زوابع الهجوم والامتعاض؟ أو ربما هو السبب في ارتفاع الحرارة وانخفاض منسوب المياه على الأقل في أعصاب أعدائه!! ولماذا لا يوضع حجاب الراهبات في نفس الزاوية ويهاجم بنفس الوداعة التي يهاجم بها حجابنا؟! وأظنني بعد تفكير عميق خلصت إلى حل جذري للمشكلة: إما أن تصبحي مسلمة بغير حجاب فتخلعيه وأمرك لله، أو أن تتخذي أي دين آخر حتى ولو صرت هندوسية أو من عبدة النار للاحتفاظ بحجابك دون أن يهاجموك في عقر دارك، وهكذا تأمنين شر الهجوم الشرس على (قطعة قماش على الرأس) على حد تعبيرهم.
إلا أن أطرف الفتاوى وأغربها أشدها إضحاكا،ولا أظنها إلا وقد زينت كتاب غينيس على اعتبارها الطرفة التي قتلت ألوفا من الضحك، فتوى قرأتها عن سيدة لا اذكر اسمها تحرم نوم النساء إلى جانب الحائط، لأن الحائط مذكر، وقد يباغتها فيما هي غافلة في أمان الله بما لا يحمد عقباه، لذلك صديقتي ابعدي سريرك عن الحائط ابعد الله عنك شر الفتنة، هل قلت سرير؟ لا…عفوا اقصد فرشة، فالسرير مذكر..وعليك أن تتجنبي النوم فوقه.
وهنا تبرز مشكلة لم تنتبه إليها السيدة التي أفتت، فكل ما في المنزل محاط بالحيطان، كيف إذا نبدل ثيابنا، ونستحم، ونرتدي ثياب النوم أمام ذكور غرباء..أقصد حيطان غرباء، ربما على الحيطان أيضا أن ترضع من النساء من أجل العفة؟؟
ولا ادري كيف أغفلت السيدة الفاضلة أن المخدة والبطانية كلاهما أنثى! وبالتالي وجب فصلهم أيضا عن الرجل، لأنه ليس في الدين (خيار وفقوس)، والعفة فرض على المسلم كما هو على المسلمة تماما.
وهكذا يكون على الأزواج أن يرتبوا زاويتين للنوم، إحداهما بجانب الحائط، ويوضع فيها سرير دون مخدة، أو بطانية، ويكفي أن يكون عليها غطاء للزوج.
والأخرى للزوجة في منتصف الغرفة، حيث تفرش البطانية على الأرض، ويمكن أن توضع المخدة عليها، بعيدا عن الحائط والسرير وغدرهما الذكوري المعروف. وبالمناسبة يحظر قطعياً على المسلمة البالغة المشي حافية القدمين على البلاط أو الموكيت أو الرمل درءا للفتنة فهم..كما تعلمون ذكور.
وبالنسبة لأخواتنا المسلمات المصريات، ناموا في أي مكان ترغبون فأنتم تسمون الحائط (حيطة) وتؤنثونه، وقد تربى في بلادكم على انه مؤنث فلا خطر على عفتكن إن شاء الله.
والى كل متزوجة، إن وجدت زوجك يقترب من مخدتك، فاعلمي أن العفة غادرته إلى غير رجعة، وها أنت قد أمسكته بالجرم المشهود وهو يختلس النظر إلى المخدة.
وأنت أيها الرجل، إن رأيت زوجتك تستند إلى الحائط، أو حتى تقترب منه إلى دائرة قطرها متر، فما عاد لك في زوجتك خير.
أيتها المسلمة الفاضلة…هل ما زلت تحملين جوالا؟!
لبنى ياسين
كاتبة وصحفية