لم يجد وزير الطاقة والمناجم ما يطفئ به نار الغضب الشعبي المتزايد لهيبها، سوى تبشير الجزائريين بأن مداخيل مبيعات النفط لسنة 2008 ستتجاوز 75 مليار دولار، وكنت أتمنى على وزيرنا أن يلتزم الصمت حتى لا يوقد ما تبقى من مشاعر هادئة فينا، فأية بشرى هذه ولمن؟
الكل يعلم أن احتياطي الجزائر من العملة الصعبة، بعيد كل البعد عن الرقابة الشعبية، وبعيد كل البعد عن أن تقرر مصيره مؤسسات الشعب المنتخبة، فهو احتياطي بيد جماعة لا نعلم هويتها ولا حتى جنسيتها، تودع ما شاءت منه من ملايير الدولارات في الخزينة الأمريكية، ولا تكلف نفسها حتى عناء إخبار الشعب بذلك، فهي تقامر بأمواله كيفما شاءت، وكأن أموال الشعب هي ملك لها لوحدها، فوزير المالية وفي إجابته على أسئلة بعض النواب نفى أن تكون السلطات قد أودعت كل الاحتياطي في الخزينة الأمريكية وأقرّ بإيداع 45 مليار دولار فقط، ولم يكشف في الوقت نفسه هوية من أمر بعقد هذه الصفقة المشبوهة، والمؤامرة الخطيرة في حق الشعب الجزائري، وما دام أن الجماعة نفسها التي تلاعبت بأموالنا وثرواتنا هي نفسها اليوم التي تشرف على تحصيل عائدات النفط، فلا يمكننا أن نستبشر بأي خير من كلام وزير الطاقة شكيب خليل، لأن الشعب وببساطة سوف لن يستفيد من ال 75 مليار دولار التي دخلت إلى خزينة الجماعة، ولن يأتي اليوم الذي سيلحظ فيه أي تغيير على حياته المعيشية، لأن عشرات المليارات التي سبق وأن دخلت خزينة الجماعة في السنوات الماضية، لم ينله منها سوى الفتات، ولم تزده سوى بؤسا وجوعا، فالكل يعلم أن أفراد هذه الجماعة ينفقون على كلابهم وقططهم في نادي الصنوبر عشرات المرات أكثر مما ينفقه الموظف البسيط على عائلته،
وما ينفقونه هم وعائلاتهم على مواد التجميل المستوردة، يتعدى بحق كل تصور.
بكل تأكيد أن بشائر النعمة ستحل على مواطني «دولة نادي الصنوبر»، التي أحمد الله واشكره أنني لم أتجنس بجنسيتها، وكفرت بدينها ومعتقداتها، وكل مواطنيها يعلمون ذلك جيدا، ويشهدون أنني هربت منها ومن أهلها حفاظا على هوية وتاريخ عائلتي ووطني الجزائر.
هروبي من دولة نادي الصنوبر، لم يكن نتاج خوف من سلاطينها وأمرائها، وإنما خوفا من أن تصيبني العدوى، وأفقد الذاكرة، ولا أنتبه بالتالي لصراخ الجياع من مواطني الدولة الجزائرية، وأنين الآلاف ممّن يبيتون في العراء في الشوارع الرئيسية للعاصمة الجزائرية، وكل المدن الأخرى.
لا أجد ما أقوله في هذا المقام، سوى..هنيئا لأمراء دولة نادي الصنوبر في جزائرنا المسلوبة الارادة، والعزاء كل العزاء لمواطنينا في الجزائر على فقدانهم هذا المولود الجديد الذي فاق وزنه 75 مليار دولار….
جمال الدين حبيبي