إتفق العرب على أن لا يتفقوا،وهي أُكذوبة في الحقيقة ظل يُرددها بعض المُنومين بمغناطيس الإنهزامية،وكلام غير سليم ودقيق ،بل منطق مُعوج مبني على افتراءات كاذبة تُسيء إلى سُمعة العرب المعروفين بسخائهم وكرمهم وحبّهم للجار،وشهامتهم من خلال مواقفهم الرجولية ودفاعهم عن أعراضهم وشرفهم وعن الحق المبين،وتضحيتهم بالمال والنّفس والنفيس ،دفاعا عن مقدساتهم وعن حرماتهم.
هنا وجب علينا أن نلفت انتباه القارئ ونطلب منه أن يحذر من التسلل فالأمور مغلوطة ومخلوطة ومتشابهة تشابه الأرقام المقلوبة ،وأن لا يتسرع في حكمه حتى ينتهي من هضم ما نعنيه.
حكّام اتفقوا على أن يؤسّسوا أجيالا راعية لهم لا تعصي لهم أمراً ولا تردّ لهم طلباً،وكوّنوا أجيالا تحت رحمة قهرهم وتسلطهم لاتستطيع أن تنش الذباب ، وخرّجواعلماء للبحث لهم في المتشابهات والمتناقضات ،فصغّروا من يجب تكبيره وكبّروا من يجب تصغيره.
اتفقوا فيما بينهم على التنازلات للمحتلين ، وتسابقوا لتقديمها ،تنافسوا في حفاوة الإستقبال مقابل قروض زائلة،وفرشوا البساط وأداروه بعسس كأنهم جند سليمان عليه السلام.
اتفقوا على الهرولة بالاحتضان والعناق ورفع غصون الإستسلام،اتفقوا على الابتسامة الطيبة واللطيفة الملفوفة بالذلة والمهانة ،تقابلها الأضداد في كل فقرة على شعوبهم،اتفقوا على الولاء التام وتطبيق الأوامر والنواهي لفرعون العصر وحج البيت الأبيض كركن من أركان الإعتراف بهم، اتفقوا على الصوم ،وهو حفظ الأسرار ،اتفقوا أيضا على أن يضربوا بدون شفقة يد كل من تسول له معارضتهم،واتهامه بأنه ضال ومُضلّل ،اتفقوا بأن لا يقترب منهم أحد حتى يُسبّح بحمدهم ويكبّرهم حتى ولو كانوا أقزاما،وأن يهابهم ويخافهم ويفعل لهم مثل ما يفعلوه هم لأكابرهم وسادتهم وزيادة،حتى ولو كانوا يُبللون ثيابهم و لا يستطيعون القدرة والمحافظة على التحكم بوظائفهم الفيزيولوجية،وهم يُقادون فوق كراسي متحركة .
فأي عدم اتفاق بعد الذي سردناه وهي عناوين فقط؟
اتفقوا على إهانة شعوبهم وخدمة أسيادهم ببساطة ،ولو شرحنا كل مفردة من هذه المقولة لألّفنا كتبا ومجلدات تحكي حال هؤلاء، إن مقولة إ تفق العرب على أن لا يتفقوا مقولة لاأساس لها من الصحة والواقع أنهم إتفقوا على أن يتفقوا كما أوضحنا
اللهم إلا إذا كان المقصود بعدم الإتفاق شيئا آخر.