الرئيسيةأرشيف - غير مصنفاليمن : صناعة الفـوضى..!!

اليمن : صناعة الفـوضى..!!

اليمن : صناعة الفـوضى..!!رداد السلامي
تبدو الديمقراطية في اليمن ضربا من العبث والوهم ، والخداع الذاتي ، فالديمقراطية ما لم تؤدي إلى خلق توازنات سياسية حقيقية وواعية، تصبح صيغة شكلية فقط، لمجرد التمويه والخداع ، وإعادة إنتاج ذات النظام القائم.
 
وما لم تتخذ الديمقراطية مستوى عميقا وتصبح ثقافة مجتمعية تفعل دور الهيئات والمؤسسات وتخترق الوعي الفردي والمجتمعي وتحكم سلوكه وتصرفاته ، فإننا سنظل ندور في ذات الحلقة الصراعية الحادة، سواء حكمت المعارضة أم بقيت السلطة.
 
 
 
نحن لدينا تخلف كبير وجهل واسع ، ولدينا تناقضات اجتماعية مشبوكة بالفوضى، والعصبية المؤدلجة ،والانحصارات والو لاءات الضيقة “قبلية ، مناطقية ، قروية ، سلالية ” مع بروز تشكل لملامح مذهبية بدأت تتخذ تعبيرات عنيفة، ولدينا جنوب يمني يتململ سلميا قمعته السلطة بالقوة وله مطالب لم تستجب السلطة لها بدأت تتجاوز مفهوم الدولة الوطنية الواحدة ، إلى مفهوم ما قبل 22مايو 1990م ، كل هذه الإشكاليات من سيحلها .؟ وكيف سيكون حلها ؟ وثمة إشكالية خطيرة بدأ ينتهجها النظام وهي استخدام الذاكرة الوطنية الثأرية سياسية وقبلية قديمة بهدف حربنة الحياة الوطنية ، وإرباك المجتمع ، وإدخاله في دوامة احتراب داخلي..!! وسبق أن نبهت من خطورة ذلك ذات مقال لي .
 
 
 
يمكن القول بكل قوة وصدق أن النظام السياسي الحاكم المؤتلف من تركيبة متجانسة في الفساد ومختلفة في التوجهات والمشاريع ، هو من خرب الديمقراطية ، ودمر ممكنات تقدمها وتطورها وبالتالي ، تعمد إنتاج هذه الفوضى الوطنية الماثلة .
 
 
 
إننا نطالب بالديمقراطية الحقيقية لأنها هي الحل ، نطالب بها كضرورة لضبط هذه الفوضى ، إن أمريكا لن تمنحنا ديمقراطية حقيقية ، فالنظم القائمة في كل أنحاء الوطن العربي أغلبها عميل لها ومستبد صنعته وأبقته سببا لوجودها أو هيمنتها وتدخلاتها المباشرة أو الغير مباشرة ، ويبدو أن صانع القرار اليمني انتهج سياساتها ، حيث أن أمريكا وضعت بعد الحرب العالمية الثانية ، هدفا رئيسيا كبيرا يتمثل في الحيلولة دون توحد أوروبا وآسيا ، لتجعل منها قوى متنافسة ، وهو تصور “جيبوليتيكي” أمريكي قديم أخذته عن بريطانيا التي كانت تنظر من خلاله إليها . إن الديمقراطية أو الديكتاتورية تجري المفاضلة بينهما بالنسبة- لأمريكا- حسب قدرة كلا منهما في سياق تاريخي معين، على أن تقدم خدمة لمصالح التوسع والهيمنة الأمريكيتين .
 
 
 
وصانع القرار اليمني يبدو انه وضع قبل الوحدة اليمنية هدفا مشابها له كان قد طبقه شمال الوطن قبل الوحدة – مع فارقة التشبيه – يتمثل في الحيلولة دون تحقيق وحدة في النسيج الاجتماعي اليمني وكذلك السياسي ، فحرب 94م ، دليل على ذلك ، كان الهدف الأساسي حين ضمن حين ضمن النصر على حليفيه في تحقيق الوحدة ، هو ضرب متناقضين أيدلوجيين “الاشتراكي والإصلاح” وتم له ذلك ، ومن ثم تلافي حدوث أي وحده بينهما ، لكن اللقاء المشترك الذي حققته شخصيات وطنية مدركة وواعية تم اغتيال بعضها ، أفشل مخططاته ، رغم محاولته تفكيك هذا التكتل العظيم ، وحين لم ينجح بدأ الآن بإشعال الخلافات المناطقية وتحريك الذاكرة الثأرية بين القبائل ، فكثرا ما حدثت حروب ، وأكثر حدوثها حين توجد أزمات سياسية ، الحرب بين أكبر قبيلتين في اليمن حاشد وبكيل اليوم التي تدور والتي راح ضحيتها بحسب البعض 50قتيلا ، يقال أن ثمة تغذية رسمية لها ، الحوثي كحركة مذهبية لها طموح سياسي استطاعت أن تستفيد من هذه الذاكرة الثأرية بينهما ، وغيرت إستراتيجية الحرب والتوسع..!!
 
 
 
صانع القرار استغلها ، وسيتسغل غيرها في مناطق أخرى كما يبدو كورقة ، للضغط على قوى المعارضة للدخول في الانتخابات النيابية القادمة، التي تلوح بمقاطعها بسبب انقلاب المؤتمر على اتفاقيات المبادئ الموقعة معها ، ومبادرة لجنه البعثة الاوروبية بتاريخ 18أغسطس من العام ا
لفائت، بحيث يغدو إنتاجه أمرا شرعيا فيما تلعب فيها دورا “كومبارسيا” ديكوريا ، تمهيدا لعملية التوريث السياسي ، وكذلك إيهامها وإيهام الشعب أن البلاد في خطر ، وفعلا البلاد في خطر ولا تحتاج لمزيد من تغذية الصراعات البينية الاجتماعية ونبش الذاكرة الماضوية المتصارعة .
 
 
 
حربنة الوطن اليوم ، وإحداث انفلات أمني ، وتأجيج الصراعات بين المجتمع ، وخلق حالة من الفوضى ، ليس حلا ، ويبدو أن التوريث إذا ما تحقق فعلا بهذه الصيغة أو تلك ، فإنه سيكون بمثابة قنبلة “هيرشوما “جديدة ، لأن ذلك عملا لايرتكز على أي أساس ثوري وشرعي ودستوري وقانوني .
 
—————-
 
*صحافي يمني
 
اقرأ أيضاً
- Advertisment -spot_img

أحدث الأخبار

منوعات