قال تحليل لمجلة أمريكية متخصصة في رصد الإعلام العربي إن الفتاوى الأخيرة للعديد من الرموز الدينية السعودية ضد الفضائيات السعودية بشكل خاص تمثل جزءا من صراع على النفوذ بين السلطة القضائية، ممثلة في العلماء، مع الأسرة الحاكمة السعودية التي يرتبط العديد من أفرادها بقنوات فضائية مشهورة في العالم العربي.
ورصد التقرير الصادر عن مجلة “الإعلام العربي والمجتمع” الإلكترونية ردود فعل العديد من العلماء السعوديين، على ما تبثه قنوات فضائية سعودية مملوكة لسعوديين مرتبطين بالأسرة المالكة، وعلى رأسهم الشيخ وليد الإبراهيم، صهر الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، ومالك محطة إم بي سي، والأمير وليد بن طلال مالك قنوات روتانا.
وأشار التقرير بشكل خاص إلى مسلسل نور الذي بثته محطة إم بي سي العام الماضي، والذي اكتسب شعبية واسعة في السعودية.
وقال التقرير، الذي أعده الصحفي أندرو هاموند، إن شعبية مسلسل نور دفعت بعض العلماء السعوديين إلى التحذير من أن العلمانية “تقوم بدور مخرب في المجتمع السعودي”.
وأشار التقرير، الذي حصلت عليه وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك، إلى أن هذا الجدل بشأن المسلسل التركي أعقبه عاصفة إعلامية أخرى بسبب تصريحات للشيخ صالح اللحيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية، والذي وصفه التقرير بأنه من أبرز مشايخ التيار “الوهابي” في السعودية.
ففي برنامج إذاعي قال اللحيدان إن أصحاب الشبكات التلفزيونية الذين يبثون “برامج بذيئة” يمكن قتلهم إذا تم محاكمتهم على “جرائمهم”.
وأشار التقرير كذلك إلى تصريح للشيخ عبد العزيز آل شيخ، والذي وصفه بأنه يمثل “الصوت الحكومي في الشئون الدينية”، قال فيه: “لا يُسمح بمشاهدة المسلسل التركي.. إنها ممتلئة بالخبث والشر والانهيار الأخلاقي، وتمثل حربا على الفضائل…”
وقال التقرير إن هذه التصريحات المثيرة للجدل “تمثل فاصلا جديدا في الجدال بشأن الحشمة في الدولة الإسلامية (السعودية) وحدود التعبير من قبل مؤسسة العلماء المحافظة في السعودية، والبرامج العلمانية والحداثية في الشرق الأوسط والتي تبثها قنوات فضائية ’ليبرالية‘ وملاكها ذوو الصلات الجيدة”.
واعتبر التحليل أن تدخل اللحيدان وإصداره فتوى بهذا الشأن هو “جزء من صراع تاريخي أوسع بين المؤسستين: العلماء الوهابيين وأسرة آل سعود المالكة، وهما المؤسستان اللتان تمثلان شكل وجوهر المملكة العربية السعودية، وهو صراع على مدى تأثير كل منهما في هيكل الدولة”.
وقال التقرير إن تصريحات اللحيدان برزت من “نزاع على مستقبل السلطة القضائية والمحافظة التقليدية على العلماء وقدرة المؤسسة الدينية الوهابية على التشبث بسلطاتها الممتدة التي قامت بجمعها منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي”.