إلى السلطة والمعارضة
نناشدكم أن تتفقوا من أجل الوطن!!
بقلم : رداد السلامي
لدى صانع القرار إشكالية عميقة ، لازمته ، ربما منذ صغره ، أو تكوينا نفسيا جبل عليه ، فما أن يكون على مسار يتحدث عنه في خطاباته ، حتى يقفز إلى مربع آخر سلبي، في استحضار عميق يجسد مدى تأثير تلك السيكولوجية على قدرته والحد من وثباته الناهضة.
فالرجل بالرغم من أن له إيجابيات ما ، قادرة على جعله ينمو معرفيا حتى وإن تقادمت به الأيام ، يجد ذاته محاطا بلفيف من سيكولوجيات تستبطن هي الأخرى ذات سيكولوجيته ، لتكون بمثابة حافز لتثاقله ، حين تبدو قراراته وطنية ، أو تصب في مصلحة الوطن وتقدمه تنمويا وديمقراطيا .
لو أن الرجل غادر مربع القديم ، أيا كان فكرا وسلوكا ، ونظرة ورؤية ، لا ستطاع أن يحقق الحد المطلوب مما وعد به ، أو يردده في خطاباته ، فمن الناحية الخطابية تتجلى عظمة فارعة ، وسامقة ، من الانجازات النظرية ، التي يخجل أوباما ذاته على أن يعد بها شعب أميركا الحر .
إشكالية صانع القرار انه لا يستطيع أن يخلق لديه رغبة ذاتية في تخطي تكوينه السيكولوجي ، ولو قرر يوما بجدية فإن ما تيسر له من حكم يمكن أن يحقق من خلاله نقلة نوعية في البلاد ، لعل الذاكرة تحتفظ له بمتحف أنيق فيها وهي تكتب عن حقبة حكم دامت 30 عاما مجدبة من إنجاز ملموس ، يمكن أن يستفيد منه الشعب عمليا ، وليس نظريا.
يتهمك البعض هنا في اليمن ، بالحقد وأنت تكتب عن حقائق ما فيها ، وسلوك صناع القرار ، لكن الأمر ليس كذلك بقدر ما هو احتراق داخلي يأكل أعصابك ويمتص دمك ، إحساسا بالوطن ، بل ألما وأنت ترى أن ميراث جيل برمته يدمر تماما، فالجيل القادم سيأتي على وطن مداميك أسسه مرتخية ، وبالتالي يجد ذاته أمام وضع لا يؤهله لأن يواصل مشوار ما ناهض بل لا بداية صحيحة يمكن ان يمضي على خطاها ، الميراث الذي سيلتقطه مع الأسف هو هذا العفن من الفساد والاستبداد ، والتخلف ، وعلى خطى من ساروا سيمضي .
آباؤنا وأولهم الرئيس صالح ، لا يفكرون البتة بمستقبلنا كمجموع …كجيل…كوطن ، وما يجب أن يكون عليه وضعنا مستقبلا ، هم فقط يفكرون في أوضاعهم الخاصة ، ووضع أسرهم ، هذا تفكير أناني مدمر ، التمحور حول الذات يجعلك تتخطى ممكنات النهوض لتؤسس وجودك ولو على أسس غير صحيحة ، وما بني على أسس غير صحيحة ينهار ، ولا يؤهل لأن تبنى عليه أسس التقدم والنهوض .
أنا هنا كيمني ومن الجيل الجديد أتحدث ، وفي أعماقي ما يشبه الاحتراق ، صدقوني لو أردت أن أبحث لي عن وجود لوجدته ، لكن وجودي أراه من هنا ن من خلال هذا الوخز الذي ربما سيحيي من كان له قلب ، نحن جيل يجب أن لا نسمح للسادرين بضياع مستقبلنا ، جيل يريد أن لا يرتد إلى نحر بعضه ، لأنه ورث التناحر عنكم ، يريد أن يختلف اختلافا يبني ويحقن الدم ، اختلاف يعزز النهوض ، ويثري الحياة ويرفدها بالأجمل والأفضل والأحسن، اختلافا يزيد من روابط الإخاء الوطني فيما بينه ،أنا لست عدوا للوالد رئيس الجمهورية ، قد تكون كتابتي فيها من الوخز ما يحز في النفس ، لكنها بريئة تكتب من عمق هذه النكبة التي نحياها مرارا وتكرارا ، ونتجرعها كؤوسا من البؤس والضياع والإحساس بانعدام ممكنات الخروج من قلب هذه الدوامة التي تهدد مصيرنا ووحدتنا ووجودنا وكرامتنا برمتها.
نناشدكم أن تكونوا كما نحلم ، نريدكم أن تتفقوا بصدق من أجل اليمن للوصول إلى حل حقيقي على أن يكون عملكم وفق ما اتفقتم، وإلا فإننا لن نكون إلا على شاكلتكم ، وتلك لعنة لن يشفى منها الوطن.
صحافي يمني