كالعادة لا جديد ، أميركا تهدد بطريقة غير مباشرة ، وصالح يشتري أسلحة من موسكو ،والانتخابات أجلت ، لتؤجل معها أعقد الأزمات الوطنية الفتاكة.
ليس المطلوب من الولايات المتحدة الأمريكية أن تضعنا أمام خيارات غير وطنية ، إذ لو أنها كانت جادة لكانت أكدت قبل ذلك للرئيس صالح أهمية أن يضع شعبه أمام مسار ديمقراطي حقيقي ، دون أن تلجا إلى استبطان تهديدات جعلت الرجل في حالة أشبه بالهستيريا .
إشكالية صالح أنه لا يعير نداءات الإصلاح من الداخل أي اهتمام ، وها هو يبدو أنه يدفع ثمن ذلك من علاقاته مع صانعوه ، الذين ربما رأوا في الرجل آلة انتهى عمرها الافتراضي ، وآن لهم باستبدالها ولو عن طريق انتخابات تهيئ لنجله الكرسي، القوى الكمبورادوراتية في اليمن من أبناء المشايخ وما يطلق عليه بالشباب والطرف الثالث لا يمثلون إلا مصالحهم الضيقة ، فثمة من يذهب إلى أن الولايات المتحدة تدعم هؤلاء الجدد الطامحون ، فقط لأنهم عند حسن ضنها بهم ، وسيكونون بالنسبة لها كما يجب ، وكما هو مطلوب.
الديمقراطية كجوهر ،هي خيارنا الذي لا يمكن أن نحيد عنه ،والتدخل في شؤوننا الداخلية لصياغة واقع يتجاوز وحدتنا الوطنية ،وأمننا القومي ،واستقرارنا الداخلي لن يرضى به احد ، نحن نبارك الضغط من الخارج ، ولا نبارك صياغتنا وفق رغبات وأجندات لاتصب إلا في خدمة قوى الهيمنة العالمية ، وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية كما جاء في صحيفة الشارع المستقلة تهدف إلى تقسيمنا إلى 8 أقاليم فإننا نؤكد أن تهديد شخص ما وإن كان سيئا أمر مرفوض لأنها ستتخذ منه ذريعة تبريرية لتحريرنا منه وتجزئتنا ، بالتأكيد نحن مستاؤون من نظام صالح وليس شخص صالح ، لأنه دمر ممكنات تقدمنا باتجاه إيجابي على مختلف الأصعدة ، لكن هذا لايعني بالضرورة أننا سنتخلى عن بلدنا بهذه السهولة
ولو كان صالح أصاخ السمع لمعارضيه لكان اليوم بمنأى عن لسع سوط التهديدات المبطنة ، لكنه ظن أن الاحتماء بأمريكا من موسكو ، أو بموسكو من أمريكا هي الطريقة الأنجع لاستمراره في السلطة ، على صالح أن يطمئن أن أيا من تلك القوى لن تمنحه استمرارية ، ولن تجعله يرحل من السلطة ، فقرار رحيله منها مرهون بإرادة الشعب وقواه السياسية الحية، تلك التي تراكم وعياوطنيا عاما بأهمية تغييره ، وتنتهج نضاليا سلميا راقيا لجعله يغادر ، لن تمنحنا القوى العالمية أمنا واستقرارا ، لأننا نصاغ وفق إرادتها ، وما تقتضيه مصالحها ، وبالتالي فهي لا تأبه بزعماء مكنتهم وافترضت لهم عمرا افتراضيا محددا، نحن مع تعاون هذه القوى من أجل تنمية الديمقراطية لكن ليس على الطريقة الافغانية أو العراقية ، تعاونيا ماديا ومعرفيا ، لتعزيز وعي شعوبنا باهمية انتهاج خيارات عقلانية لبناء أوطانهم كما يجب ، إذا كانت فعلا جادة في ذلك ، ومن أجل ترسيخ قيم الحوار العقلاني ، وإجهاض أجنة التطرف أيا كان مصدره.
*صحفي يمني