أرشيف - غير مصنف

قطعة من خبز يافا

منصور منصور
(1)
 
علمتني قسوة السجان
 
أن أحيا على جرحي العتيق
 
خلف قضبان السرايا
 
أرقب الأفق البعيد
 
أجبرتني ضربة الجلاد
 
أن أقوى بذلي من جديد
 
فجوة في القلب تبكي
 
قد يغوص الجرح فيها
 
قطعة من خبز يافا
 
خانها الوقت الوعيد
 
 (2)
 
و انتظرنا
 
أن يكون الرعد أقوى
 
من شتاء مر في وجه الخريف
 
من عناق الريح أسواري
 
ضماد للنزيف
 
غيمة و الأرض عطشى
 
من لساني علقوني
 
حبل مشنقتي نزيف. . . ! ! !
 
(3)
 
قد تباحثنا كثيراً
 
لا جدال . . . و لا حديث
 
اخبروا السلطان أني
 
في الحصى أطوي الرغيف
 
ساحة الإعدام
 
من جرحي تفيض
 
علقوني
 
فاشنقوني
 
و اقتلوني
 
جثة الأحرار تحيا من جديد
 
(4)
 
من غبار الصيف
 
أمسكنا بمفتاح الخليل
 
و انتشرنا
 
في كؤوس الموت يأتينا الصباح
 
دمعتي تمتص حلمي في الوريد
 
ملحها المصلوب في حلقي

 
يسافر بالسلاسل و القيود
 
فاحجزوا لي مقعدين
 
مقعداً للموت في صدر الرحيل
 
مقعداً للشمس في أرض الخليل. . .
 
(5)
 
من ثقوب السجن نمضي
 
متعب هذا الطريق
 
نامت القضبان في جرح عميق
 
هذه أسوار موتي
 
فابتسمنا للطريق
 
لون جرحي قد تبدل من جديد
 
إنها أسوار عكا
 
فاجأتني
 
كيف يطويها المغيب
 
إنها أرقام صفر
 
بين أوراق الرئيس
 
(6)
 
غاصت الأقدار في جرحي
 
قيوداً من حديد
 
حاصرتني
 
مزقتني. . .
 
صرخة الثوار حلم
 
تكشف الأوراق جهراً
 
إنها زنزانة القدس الجريح
 
أجبرتني غصة في الجرح تنعي
 
أن يكون الحلم فينا من جديد. . .
 
(7)
 
اجعلوني من جفاف الأرض
 
خبزاً. . .
 
و احرقوني. . .
 
قد يكون الحلم أشهى. . . ! ! !
 
سوف تعلو في رمادي
 
كفر قاسم. . . ! ! !
 
أيها السجان لحمي
 
سوف يحيا في حبوب القمح
 
صوتاً بين ذرات الطحين
 
فاعجنوا لحمي و دمي
 
كي يكون الخبز حراً من جديد
 
(8)
 
شرحوني. . .
 
إن حب الأرض سكين
 
لجرحي
 
زجة السجان تاريخاً
 
لشعبي
 
في هوى الأوطان
 
ناراً أحرقتني
 
شرحوني. . .
 
إن ثوبي شعلة الثوار
 
في أرض الجدود
 
كبلتها غيمة فوق الدروب
 
أمطرت من جرح ثائر
 
كان يجتاز الحدود. . .
 
(9)
 
فارس الفرسان غنى
 
عانقوني
 
صار حجم القيد أحلى
 
من حدودي
 
يا نجوم العشق زيدي
 
فوق أبواب الظلام
 
من رمال الأرض غطي
 
ما تبقى للقطار
 
و اصرخي في قيد ليل
 
فكي أسري
 
قبل أن يمشي القطار
 
(10)
 
قبلة من عمق جرحي
 
تبكي في لحن النشيد
 
طعمها من طين عمري
 
هزها الريح الشديد
 
تحفر الأغلال من جلدي
 
تسافر في البريد
 
عانقت زيتونة خضراء
 
قد مالت على وجه الطريق
 
في جبال النار تبكي. . .
 
زيتها في قبر جدي
 
أحرقتني. . .
 
طعمها من لون أرضي
 
عانقت صدر الشهيد
 
(11)
 
اذبحوني. . .
 
إن جرحي قد تقطع في الوريد
 
دمعة القلب الحزينة
 
قد تهاجر للمدينة. . .
 
فتشوني. . .
 
في دمي يجري الحديد
 
تنبت الأشواك في لحمي
 
و تزهر من جديد
 
يحصد السجان زهري
 
تكبر الأرض
 
و يزهر في لحمي الحديد
 
(12)
 
سوف تبقى أيها السجان قرداً
 
إن حب الأرض أكبر
 
إن لون الفجر أقرب
 
سوف يفضحك النهار
 
إن حلم الشعب أكبر
 
لن يطيل الظلم عمراً
 
إن جرح الأرض أطهر. . .
 
من سلاسل أو قيود. . .
 
أدمت التاريخ فينا
 
مزقت جرحي و لحمي
 
سوف ترحل
 
سوف ترحل
 
إن حب الأرض أكبر
 
(13)
 
يا شروق الشمس
 
من ليل عتيق
 
صفعة
 
و المر يحلو من جديد
 
بدلي أسوار قيدي بالزهور
 
فاتني عمر طويل
 
و انثري حبي رجاء في الدروب
 
ترتوي بالجرح أرضي
 
يكتسي بالزهر عمري
 
فاجمعيني فوق حبات التراب
 
هذا جرحي
 
سوف تمطر
 
سوف تمطر من جديد< /div>

 
(14)
 
لن يكون السجن قيداً للأسود
 
كل ليل بات صمتاً كالقيود
 
غابة الفرسان رمزاً للصمود
 
إن خبز الأرض وعداً للشروق
 
إن لون الفجر أقوى
 
من سلاسل أو قيود
 
قاسميني أنت يا جرحي العميق
 
إن قلبي سوف يخفق من جديد
 
هاج عمقي طهريني
 
إن جرح القلب دمع
 
قد تغلغل في الوريد
 
(15)
 
قد تباعدنا كثيراً
 
أيها المقتول فينا
 
كبلونا
 
من عروقي
 
يصنع السجان ماء للسبيل
 
من ثقوب الجلد نحيا
 
من شقوق الباب نمضي
 
من ثنايا الجرح نجني
 
حبنا للأرض خبز المستحيل
 
(16)
 
فجرتني صرخة من لحم طفل
 
كان جسراً للعبور
 
علقتها قصة الثوار
 
رمزاً في الصدور
 
غاب عنا
 
و انتظرنا الشعب يوماً
 
أن يثور
 
علمتني صرخة الأطفال
 
أن أحيا على جرحي العتيق
 
كي يكون الخبز حراً
 
كي كون الخبز حراً من جديد
 
 
 
 
 
منصور منصور
 
شــــاعر فلـــســطيني

زر الذهاب إلى الأعلى