أرشيف - غير مصنف
جحا وحماس وبعض الناس
عمـاد عـودة
جحا وحماس وبعض الناس
يحكى أن جحا ذهب مع ابنه يوما قاصدا سوق الحمير ليشتري حمارا يعينه على مشقة الاسفار , تم له ما أراد وغادر السوق ممتطيا حماره العتيد مردفا ولده خلفه , فلما رأه الناس قالوا : ما أقسى قلب هذا الرجل يُحمل الحمار فوق طاقته , سمع جحا الكلام وترجل عن ظهر الحمار مبقيا ولده راكبا فقال الناس انظروا الى جحا كيف يتركه ولده الشاب يسير وهو رجل طاعن في السن فأنزل جحا ولده عن ظهر الحصان وركب هو فقال الناس ماذا أصاب جحا يفضل نفسه على ولده هذا من عجائب الزمان فرضخ جحا للأمر ونزل عن ظهر الحمار وسار هو وولده على أقدامهم تاركين الحمار بلا أحمال فقال الناس يا لغباء جحا يشتري حمارا ولا يركبه فعمد جحا الى ترك الحمار طليقا لا صاحب له .
حال جحا بالأمس مع الناس لا يختلف كثيرا عن حال حماس اليوم مع بعض الناس , فيوم امتنعت حماس عن الدخول الى الانتخابات قالوا هذا تخلي عن واجب وطني وخوف من حماس على انكشاف ضعف تمثيلها في الشارع الفلسطيني , ويوم خاضت حماس الانتخابات وفازت بأغلبية لم يحلم بها يوما تجار اوسلو قالوا هذا تراجع من حماس عن ثوابتها وطمعا في المناصب والامتيازات.
عندما صبرت حماس على ظلم الأجهزة الأمنية الدايتونيه قالوا هذا جبن من قادة حماس وخوفا من هزيمة نكراء يمنون بها إذا حاولوا تصحيح الأوضاع وعندما حسمت حماس الأمر في ليلة وضحاها قالوا هذا إنقلاب عسكري على الشرعية فعملوا على حصار حماس وإقفال المعابر والتآمر يوم الفرقان وبعدها .
عندما أسرت حماس جندي اسرائيلي قالوا هذا أمر خطير سيعرض حياة الفلسطينيين الأبرياء لخطر الانتقام الاسرائيلي وتناسوا أعداد الشهداء قبل الأسر وعندما طالبت حماس بتبادل الأسرى الفلسطينيين ضمن معايير حددتها حماس لا فصائلية فيها شككوا بامكانية حدوث ذلك بل وعملوا على إفشال الصفقة أكثر من مرة .
عندما أطلقت حماس الصواريخ على الجنوب الفلسطيني المحتل قالوا هذا عبث وفيه ارهاق لشعبنا في غزة وعندما قبلت حماس بمبدأ التهدئة لفترة محددة قالوا هذا تراجع عن نهج المقاومه وتسييس للبندقية وتنسيق غير مباشر مع العدو .
عندما كان الصهاينة يجتاحون غزة ومخيماتها بجيب عسكري أو اثنين ويعبثون في كرامة الرجال أمام نسائهم كانوا يقولون أين حماس من مقاومة هؤلاء وعندما صمدت حماس وقوى المقاومة في موقعة الفرقان لثلاثة اسابيع امام نخبة الجيش الصهيوني وردتهم خائبين مهزومين مأزومين لم يرى هؤلاء من الصمود سوى أعداد الشهداء من المدنيين والبيوت المهدمة والمدارس المدمرة .
أحدهم بالأمس على قناة القدس ينعق بما لا يعرف ويرفض نصر غزة بالمطلق والسبب في رأيه أن شهداء القسام أقل بكثير من الشهداء المدنيين بل وادعى ان فصيله قدم أكثر من سبعين شهيدا في ذات الموقعة وكلنا يعرف الحقيقة في ذلك . بكائه على شهداء غزة ذكرني بالتماسيح حين تبكي وبدت البغضاء من فيه وبدا واضحا لي أن مثل هؤلاء لم يحددوا عدوهم بشكل صحيح فإسرائيل بالنسبة لهم جار جغرافي والعدو هو حماس.
لقد ذهب هؤلاء الناس الى ابعد مما نتخيل وسقطوا في مستنقع الخيانة والإرتهان للغير فهم يسبحون بحمد أسرائيل وترهبهم قوة أمريكا وتغريهم دعة العيش على حساب أموال الشعب ولا يحسبون ليوم القيامة أي حساب.لقد ذهب بعضهم الى حد إعتبار التنسيق الأمني مع اسرائيل مكسبا وطنيا ونصرا لعباس وأزلامه يجب الحفاظ عليه . نعم الى هذا الحد .
خلاصة القول في هؤلاء أنهم أبعدوا الشقة ولم يعد لهم ساترا من الله والناس الا أسماءا اعتمروها يظنها البعض عربية لكنها اصل التصهين والردة ولن أقول فيهم وفيما يجري معهم في القاهرة سوى ما قاله أمل دنقل في قصيدته الشهيرة ” لا تصالح “.