أرشيف - غير مصنف
لا .. لمسابقات الاستهزاء والاستبلاد ..!
ذ. محمد زمران
إن أي متتبع للتغييرات التي أحدثت في إعلامنا الرسمي ( القناتين الأولى والثانية ) لا يمكنه إلا أن يخرج بنتيجة واحدة، هي أن بعض البرامج لم تزدد إلا سوءا، ولم يزدد منشطوها إلا إمعانا في الضحك على الذقون، خلافا لما تقوم به الفضائيات العربية والأجنبية التي تقدممواد مميزة، متجلية في العديد من الأعمال الناجحة، وبرامج المسابقات القيمة التي تحظى بمتابعة المشاهد المتعطش للثقافةوالأدب والعلم، وبعيدة كل البعد عن ما تسلكه قناتينا المغربيتين اللتين لانجد في برامج مسابقاتها إلا عامل جني الأرباح من خلال الاتصال، مع مايواكب ذلك من ضياع للوقت الثمين، في اعتقاد منهما بأن هذا العمل بإمكانه جذب المشاهد، رغم أن المسابقات المذكورة لاتعرف إلا التفاهات، والأخطاء التحريرية التي لاتغتفر.
جميل أن تبرمج القناتين مساحات خاصة بالمسابقات والتباري التي من شأنها خلق التنافس والحماس بين جمهور المشاهدين فيما يعود عليهم بالفائدة، وما ينورعقولهم ويزيدهم أفكارا تكون لهم عونا في هذه الحياة التي تعد كلها تعب، وليس بالجميل أن تستخف مثلا بعقول المشاهدين واسبلادهم واستنزاف أرزاقهم، بدعوى أنهم بمجرد اتصالهم عبر
( SMS) بالرقم المعلوم أوالمشؤوم – كما أصبح يسميه جل المشاهدين- سيحصلون على جوائز مهمة، والتي يبقى علم حقيقتها عند اللـه، وإذا كان الغرض من المسابقة هو تنوير الرأي العام بالدرجة الأولى .. و جعله يستفيد ويضيف إلى معلوماته ما استجد من حوله في جميع الميادين، فكيف يفسر القائمون على هذه المسابقات التي أصبحت قناتينا تعتمد عليها في برامجها، وما تفعله بعقول العباد الذين تشدهم الإغراءات الواهية التي توحي لهم بالحصول على جوائز مهمة دون بذل أي مجهود يذكر، من خلال طرح أسئلة سهلة مقابل جوائز ضخمة، وأقل ما يمكن أن يقال عنها أنها جد سخيفة، ولا تليق البتة أن تقدم إلى معشر أطفال المستوى الأول من التعليم الأساسي، فبالأحرى إلى نظارة يجلسون أمام الشاشة الصغيرة من أجل الاستفادة، ولماذا يسمح مبرمجوها لنفوسهم بالضحك على ذقون الناس، ودفعهم إلى الرمي بأمواهم بين أيدي الغيرتحت طائلة الإغراء ؟ مع العلم أن ما تحويه طرق هذه المسابقات يخالف الشرع والدين الحنيف، لأنها أصلا تهدر المال والوقت فيما لايفيد .. ولامحالة فان هذه العمليات تعد من الميسر، ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ) ولاشك أن الكثير من الأسئلة البسيطة التي تطرح، وتسيل لعاب الطامعين في الربح بالطرق السهلة، الذين يخيل لهم تحقيق الحلم في الثراء، هي عامة ولا يرجى من ورائها أي نفع، اللهم إلا تجزية للوقت وجلب المزيد من المعاصي دون علم بذلك، وكثيرا ما طرح المراقبون عدة تساؤلات عن مدى صدقيتها أو عدمها، وعلى هذا الأساس فالمسلم الحقيقي يجدر به ألا يشغل نفسه بما لاينفعه في دينه ودنياه، لأنه محاسب على أوقاته ولحظات عمره، كما صح في سنن الترمذي عن ابن مسعود، عنِ النبي صلى اللـه عليهوسلم قَالَ ” لاتزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسْأَلَ عن خمس ..عن عمره فيما أفناه، وعنشبابه فيما أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم “، وإذا كان اللـه عز وجل سائل الإنسان يوم القيامة عن عمره ووقته فماذا سيجيبياترى الذي تغريه المسابقات التي لاتسمن ولاتغني من جوع ؟!
ولما نجد مسؤولي القناتين المغربيتين العاملتين في أرض المسلمين يخالفون هذه التعاليم، أليس هذا استخفاف بمواطني بلد معظم سكانه من الشباب المتعلم الحاصل على الشهادات العليا، والباقي (من السكان) لا يستهان بتجاربه في الحياة، إذن لماذا تطرح على هؤلاء أسئلة لاتمت للثقافة ولا للأدب أو الفن بصلة ؟ يا للا ستهتار! ألا يعد هذا إغراء يراد به أكل أموال الناس بالباطل؟ نعم ..أيها المسؤولون، إنكم بأسئلتكم هاته تضحكون على العباد وتحتقرونهم، و تسطون على ما في جيوبهم، فاتقوا اللـه في المسلمين ولاتتلاعبوا بعقولهم، وارحموهم وقدموا لهم ما يفيدهم، لأن وسائل الإعلام من واجبها أن تكون النبراس الذي يضيء الطريق، وليس وسيلة لفسح المجال للمتطفلين لتعلم الضحك على المشاهدين
“على وزن تعلام الحسانة في روس ليتاما “