أرشيف - غير مصنف
الحرب الطائفية بين السنة والشيعة في السعودية: كلمة السر عند "ملالي" إيران!
قوبل عرض باراك أوباما التاريخي لطهران بتجاوز ثلاثين سنة من العلاقات الأمريكية-الإيرانية العدوانية بحذر في السعودية حيث انطلق نقاش حول السلوك الذي ينبغي اتخاذه تجاه الناشطين الشيعيين السعوديين الذين اتهموا بولائهم لملالي إيران.
إن اليد الممدودة من باراك اوباما باتجاه قادة إيران الشيعية، الذين يخشى النظام السني السعودي جهودهم التبشيرية في كثير من الدول العربية والإسلامية، دفعت أحد أهم الناشطين السعوديين، علي آل أحمد، المعارض المقيم في واشنطن، إلى أن يطلب من السلطات الأمريكية اعتبار وزير الداخلية السعودي، الأمير نايف بن عبد العزيز، شخصا “غير مرغوب فيه”.
واتهم المعارض عبر موقعه “وكالة الأخبار السعودية” (واسم) الوزير باستخدام الأراضي الأمريكية لإصدار أوامر للقيام بعمليات قمع ديني واعتقالات لأطفال وانتهاكات حقوقية متعددة يعاقب عليها القانون الأمريكي. ويقول الناشط السعودي أنه سيبعث اليوم (الاثنين) برسالة تتعلق بهذه “الانتهاكات” إلى العديد من كبار مسؤولي الحكومة الأمريكية.
ففي الأسبوع الماضي، قام الأمير نايف بإصدار الأوامر من نيويورك، حيث تواجد لعيادة ولي العهد ووزير الدفاع الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي يقضي فترة نقاهة بعد إجرائه عملية جراحية، إلى الأقلية الشيعية في المملكة باحترام النهج السني السلفي (أو الوهابي)، عقب مواجهات شهدتها المدينة المنورة في شهر فبراير المنصرم بين الشرطة الدينية وحجاج شيعة حمّلهم الوزير مسؤولية المواجهات.
مطاردة الشيخ نمر النمر
منذ انطلاق أحداث المدينة المنورة، نظم الناشطون الشيعيون عدة تجمعات احتجاجية في منطقة القطيف الشرقية، وخاصة يوم الخميس في بلدة “العوامية” حيث قامت قوات الأمن “باعتقال العديد من الشيعيين، بينهم أطفال، وشابين أمريكيين من أصل سعودي هما الأخوان نوح وعلي العبد الجبار، كما جرى قطع التيار الكهربائي”، حسب ما نشر موقع “راصد” الموالي للشيعة.
وتؤكد شبكة “راصد” اليوم الاثنين أن السلطات الأمنية السعودية فصلت مساء الأحد التيار الكهربائي عن أحياء في “العوامية” في وقت استمرت حملة المداهمات والاعتقالات بحق المشاركين في اعتصام الخميس.
وكانت قوات الأمن تسعى إلى اعتقال الشيخ نمر باقر النمر، القائد الشيعي الراديكالي الذي كان قد هدد بـ”انفصال المنطقة الشرقية” الغنية بالنفط “إذا لم تضع السلطات حدا نهائيا للتمييز الطائفي”، حسب ما جاء في موقع “راصد” و”حركتي مقاومة شيعيتين” ظهرتا على الشبكة إبّان الاحتجاجات: “خلاص” و”أحرار القطيف”، اللتان تهددان بـ”عواقب وخيمة” و”العصيان والخروج المسلح” في حالة اعتقال الشيخ النمر الموجود حاليا “في مكان آمن”.
الكرة في الملعب الإيراني
يبدو أن يد باراك اوباما الممدودة إلى طهران لم تخفـّف من تشدّد موقف السلطات السعودية، و أن “مغازلة ” الرئيس الأمريكي للحكام الإيرانيين لم تدع السعوديين غير مبالين.
فالعديد من كاتبي الافتتاحيات في السعودية، التي دعت مؤخرا البلدان العربية إلى الاتحاد من أجل رفع “التحدي الإيراني”، يتساءلون اليوم إذا كان الإيرانيون سيقبلون يد أمريكا الممدودة وبالتالي يوقفون تصدير ثورتهم إلى البلدان المجاورة.
“الكرة اليوم بملعب إيران، ومن مصلحتها التعامل بالمرونة المطلوبة مع الدعوة الأمريكية”، كما جاء في افتتاحية “الوطن” يوم السبت. ودعت الصحيفة الإيرانيين إلى “إبراز حسن ن
يتهم وطمأنة المجموعة الدولية”. ولكن في افتتاحية الاثنين تخف نبرة التفاؤل وتقول الصحيفة ”أقفلت إيران إحدى أذنيها واستمرت من موقع “المنتصر” في فرض شروطها للحديث مع واشنطن”.
يتهم وطمأنة المجموعة الدولية”. ولكن في افتتاحية الاثنين تخف نبرة التفاؤل وتقول الصحيفة ”أقفلت إيران إحدى أذنيها واستمرت من موقع “المنتصر” في فرض شروطها للحديث مع واشنطن”.
من جهتها، أكّدت صحيفة “الرياض” يوم الأحد أن مبادرة أوباما “هي فرصة لإيران لأن تشيع التعاون ليست فقط مع أمريكا، وإنما مع محيطها العربي، والإسلامي”.
مرحلة “القوة الناعمة”
من جهة أخرى يرى كاتبو افتتاحيات آخرون أنه لا ينبغي التوهم فإيران لن تتخلى أبدا عن “نزعتها التبشيرية وهيمنتها”.
كذلك يرى عبد الرحمن الراشد، في صحيفة “الشرق الأوسط”، أن “نعومة أوباما هي أخطر من شراسة بوش، موضحا أن “أوباما برسائله الإيجابية والذكية جرد الإيرانيين من كل مبررات الرفض الدائمة للتعاون، وجرد أيضا خصومه السياسيين من أي حجة لمنعه، لو قرر غدا مواجهة إيران سياسيا أو حتى عسكريا…”.
حماية الشيعة… من إيران
أما الدكتور سعد بن طفلة العجمي، ومن موقف عملي، دعا في مقال في “الشرق الأوسط” الدول العربية المجاورة لإيران إلى “حماية الشيعة من أجل مواجهة إيران”، أي سحب البساط من تحت أقدام الإيرانيين، وتساءل: “وهل الشيعة العرب في حاجة إلى حماية من طرف ما”؟
وأضاف العجمي أن “الشيعي العربي الذي يشعر بالمواطنة والاستقرار والمساواة والحرية الدينية والمذهبية، لن يتطلع إلى مساعدة من الخارج لنيل حقوقه بل سيتصدى لأي تدخل خارجي … علينا أن نعمل على الدفاع عن حقوقهم كمواطنين و على تعزيز الحقوق المدنية كبديل للأطروحات الطائفية”.
لا دارفور آخر، ولا بشير آخر
أثارت مبادرة أوباما التاريخية أيضا نقاشا حادا حول جدوى قمع السعوديين الشيعة أو ضرورة منحهم حقوقهم. ومما هو أكثر إثارة للدهشة كون أن هذا النقاش صدر في موقع “الساحات العربية” السعودي المعروف بدعواته الصريحة لطرد المواطنين الشيعة من المملكة أو إبادتهم عن بكرة أبيهم.
من جهته، كتب مستخدم انترنت تحت اسم مستعار، “نجران”، أي اسم مدينة سعودية مجاورة لليمن، قائلا: “العالم تغير. كما تغير ميزان القوة الإقليمي لصالح إيران التي نرى كيف عجز العالم على منعها من تطوير برامجها النووية. فإيران مثلما زرعت حزب الله في لبنان تستطيع أن تزرع أكثر من حزب في القطيف. يجب على الإخوة السلفيين (السنيين) إذن أن يكفـّوا عن تهميش المواطن الشيعي وقمعه واستفزازه”.
كما توجّه “نجران” إلى الشيعة قائلا: “يجب أن تدرك أخي المواطن الشيعي أن ليس لك وطن إلا هذا الوطن وليس لك انتماء إلا إلى هذه الأرض ولا تكن ألعوبة في أيدي أعداء هذا الوطن يوظفونك كيف يشاؤون وهم لك كارهين”.
وأضاف قائلا: “العالم الغربي لا يعترف إلا بحقوق الإنسان ولن يكتفي بالتفرج إذا تحولت مظاهرات القطيف إلى أحداث دامية مثلما حدث في الماضي”، في إشارة خاصة إلى الأحداث العنيفة التي جرت في شهر نوفمبر 1979 في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية والتي قمعها الحرس الوطني السعودي بشراسة.
واختتم “نجران” قوله: “هكذا لن تصبح القطيف دارفور، ولن يكون الملك عبد الله بشيرا آخر”، إشارة إلى الرئيس السوداني عمر البشير الذي اتّهمته المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في دارفور.
الضرب بيد من حديد!
ولكن دعوة “نجران” قوبلت بالرفض من عديد القراء الذين اتهمه البعض بالانتماء إلى الأقلية الشيعية الإسماعيلية المتمركزة في مدينة نجران، بنما اتهمه أحدهم بمحاولة ”بث السم بالعزف على أوتار الوطنية”.
من جهته، أكّد عبد الرحمن بن محمد بن علي الهرفي في مقال مطول على الموقع الموالي للسنّة “لجينيات”، أن الشيعة السعوديين لا ينقصهم شيء ولكن شيوخهم هم اللذين “يريدون تجديد تجربة حزب الله اللبناني في المملكة العربية السعودية”.
كما كتب الهرفي أن “القطيف تتمتع بما لا يوجد في غيرها من المحافظات، فالشيعة يشغلون مناصب في مختلف الوزارات، والسفارات، والحرس الوطني، وكذلك شرطة المرور”، إلا أنهم “يصرخون بأنهم مظلومون… وهذا الصراخ الشيعي هو من صميم العقيدة الشيعية. أليسوا هم الذين يلطمون صدورهم ويضربون رؤوسهم بالسيوف (خلال عاشوراء) لمقتل الحسين رضي الله عنه ؟”، الذي تم اغتياله من قبل السنّة في سنة 680.
وأضاف: “قد تستمر أحداث القطيف بل ستسعّر على وتيرة منسقة مدروسة، إلا إذا اتخذت الدولة موقفا أكثر حزما ممن يؤجج الأحقاد”.
ويضيف مستخدم انترنت آخر من جهته: “بعبارة أخرى، يجب الضرب بيد من حديد”