د. فايز أبو شمالة
بين النظام الانتخابي القائم على التمثيل النسبي كما تطالب حركة فتح، أم المختلط بين التمثيل النسبي، والأغلبية النسبية “القوائم” كما هو قائم الآن، وتصر عليه حركة حماس، يكمن جوهر التنافس بين التنظيمين الكبيرين حماس وفتح على استقطاب صوت الناخب الفلسطيني، وهذه هي جمالية الديمقراطية، وبداية الطريق الفلسطيني الصحيح للخروج من نفوذ التفرد بالقرار السياسي لسنوات، والخروج من طغيان فرض الأمر الواقع.
نظام التمثيل النسبي يعني: أن يكون الوطن دائرة انتخابية واحدة، ويصوت الناخب على مستوى الوطن، ويختار قائمة التنظيم أو ذاك كاملة، وبالتالي تكون عدد مقاعد الحركات التنظيمية في المجلس التشريعي حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها، من هنا يجيء إصرار حركة فتح على هذا النظام الذي لا يسمح بتسرب أصوات الحركة خارج إطار القائمة الموحدة، لأن نظام التمثيل النسبي لا يسمح بالترشح المستقل، وقد جرت العادة في الانتخابات السابقة أن يشق عصا الطاعة عناصر مستقلة من فتح، تخطف أصوات فتح، وهذا ما لم يحدث مع حركة حماس التي تلتزم التزاماً حديدياً. زد على ذلك أن نظام التمثيل النسبي لا يترك مجالاً للانتقاء بين المرشحين من حركة فتح، فإما أن يختار الناخب كل القائمة التنظيمية، أو أن يرفضها كلها، وهذه نقطة في صالح حركة فتح التي تعود عناصرها، وأنصارها أن يختاروا من يرضون عنه شخصياً، وأن يحجبوا الصوت عن الآخرين، في حين تميز عناصر حركة حماس بالالتزام الكامل بغض النظر عن الموقف الشخصي من مرشح الحركة.
ما يثير الانتباه؛ أنه في الأيام الأخيرة للمجلس التشريعي الأول، طالب بعض أعضاء حركة فتح التي كانت تمثل الأغلبية في التشريعي بتعديل النظام الانتخابي ليكون وفق التمثيل النسبي، ولكن المعارضة جاءت من أعضاء حركة فتح أنفسهم، ممن ظن أنه محصن في مكان سكناه، وله شعبيته الخاصة، ولا قوة تزحزحه عن الفوز، دون أن يحسب حساباً لحيّة موسى الانتخابية التي ابتلعت جميع الحيات، لتصطف اليوم كل فتح في خانة التعديل وفق نظام التمثيل النسبي. ولتصطف كل حماس خلف النظام المختلط، وهدف التنظيمين هو الفوز.
إن ما تقوله حركة حماس: بأن التمثيل النسبي سيسمح بكشف عناصرها في الضفة الغربية للمخابرات الإسرائيلية غير مقنعٍ، لأن الحركة ستكشف عناصرها أيضاً في حالة الأغلبية النسبية، والحركة ستكشف عناصر سياسية معروفة وليست عناصر عسكرية مطلوبة، وكان الأجدر بحركة حماس أن تتمسك بحجة حق المستقلين في أن يكونوا جزءاً من العملية الديمقراطية، ولاسيما أن استطلاعات الرأي قد أعطت للمستقلين نسبة تعادل كل التنظيمات الفلسطينية بما فيهما حركتي فتح وحماس، وبهذا تكون حماس قد أضفت نقطة لصالح الديمقراطية أبعد من أهداف الفوز، وهذا أولاً. أما ثانيا: فإن حركة حماس ستجبر الشخصيات الفلسطينية المستقلة التي شاركت في حوار القاهرة، أن ترفع صوتها، وأن تعترض على نظام التمثيل النسبي الذي يغيّب المستقلين، وإلا يكونوا قد كشفوا عن عدم استقلاليتهم، وفضحوا شهوتهم، واستبدت بهم شهيتهم في الاصطفاف مع طرف دون الآخر.