بقلم : ميساء البشيتي
أستأذنك ِ سنوات العمر المنتظرة على بابي للحظات .. أوقد فيها نبض قلبي .. أوقظ نفحات العمر الغافية
على شرفة أيامي .. أدق أجراس العودة لعصافير الحب المهاجرة .. ألملم حبات الياسمين في كفي .. وأقطف خمسين وردة أضيئها في عيد ميلاد حبيب العمر .
خمسون عاما ً كان لي فيها خمسون ألفا حضرت معك أجملها وحضر الباقي في قلبي وذهني ومخيلتي عنك .. لم أدع الفرصة للحظات لو بسيطة أن تفر من بين أناملي دون أن أمضي عليها بأحرف اسمي الخمسة .. لم تغب آثار بصماتي التي ارتسمت على روحك وقلبك وعلى سني ِّ عمرك ودفاتر أشعارك ونثرك .
خمسون عاما ً شهدت معك جلّ نجاحاتك مذ كنت َ طالبا ً على مقاعد الدراسة حين وقع اختيار قلبي عليك فنصبت لك قصائد شعري شـِباكا ً .. قلت لك علمني كيف أنظم الشعر .. وهاك َ دفتر أشعاري .. بحور الشعر وافرها جميل …. مفاعلتن مفاعلتن فعول .. بحر الوافر .. كانت هذه أول مرة أركب معك فيها البحر .
خمسون عاما ً زرعنا في حديقة عمرنا أربع زهرات .. على قدر تشابههن كان الاختلاف .. كنا في حيرة دائمة أيهن الأجمل .. أيهن التي تشبهك .. أيهن التي تشبهني وفي النهاية وجدت أن لا أحد يشبهك إلا أنا ولا أحد يشبهني إلا أنت .
خمسون عاما ً كنت َ لنا الحضن الدافئ حين كانت مخالب البرد القارص تضرب نوافذ عمرنا .. كنت لنا عبير الأمل الذي نستنشقه في لحظات الاختناق .. كنت الأمان والحنان الذي يغلفنا في لحظات القلق والخوف .. كنت قطرات الندى التي ترطب حلقنا أيام الجفاف .. كنت حبات المطر التي تسقي روحنا حين يعزّ مطر السماء .. كنت حبيبات الثلج الناعمة التي تلاطف وجناتنا المتقدة في أشهر القيظ .. كنت لنا ساحة الوطن التي لم نغادرها قط .
لم تكن رحلتنا معا ً سهلة كما توقعنا .. ربما أكثر .. كم شعرت بالضيق .. كم نفذ صبري .. كم وقعت فريسة انفعالاتي .. كم تأجج غضبي وعبست ملامحي لكنك كنت دوما ً تلقي على روحي عباءة الصبر .. تبثني الأمل .. تمنحني التفاؤل .. تهبني النصح والإرشاد إلى أن تعود لنفسي سكينتها وتهدأ سريرتي وأعدك بعدم الاستسلام لثورة الانفعالات ولكنني خلال لحظات أكون على أبواب ثورة أخرى .
اليوم في عيدك الخمسين جمعت ثروتي البسيطة من الكلمات ومداد قلمي وبعض الشموع وبحر الوافر ورسائلك القديمة وهدية الله لنا التي بارك فيها حبنا ووهبنا زهرات عمرنا الأربعة .. لنضيء لك هذا العيد ونتمنى لك أحلى الأمنيات .. وندعوا لك بالتوفيق .. والنجاح .. وطول العمر وأن تبقى لنا الحضن الدافئ والوطن الحاضر وأمل الغد وحلم المستقبل وعبير اللحظة .
فكل عام وأنت حبيبي .. كل عام وأنت حبيبنا كلنا .