أرشيف - غير مصنف

قصة إبريق الزيت العربي بقلم : محمدعبدالرحمن

لا كبير الأنظمة العربية كبير ، ولا أوسطها وسط ، ولا صغيرها صغير . هي جميعها سواسية مثل أسنان مشطٍ ألقته الرياح في هاوية حلزونية بلا قاع . وبلا قاع لأنها دائرية مقفلة ، أي لانهائية محدودة ، بحيث أنّ المتدحرج فيها لا ينفك يدور دون أن يعرف إن كان هو فوقاً أم تحتاً ! . إنها دوامة الضياع الحلزوني الدائرية ! .
 
 
 
كنا في الإسكندرية (عام 1946) ستة أنظمة ، ولأن الكثـرة َبـركة ٌسنذهب إلى الدوحة أثنين وعشرين نظاماً ، ربما سينقصها رأس واحدٍ منها تترصده كما يشاع الشرطة الفيدرالية (الجوية) ! . ذلك هو الرئيس عمر البشير الذي قبلَ التحدي وطار مغامراً إلى أرتيريا دون الإصغاء للوحي التراجيكوميدي العربي الذي ولكي يتجنب الحَرج فقد إخترع للبشير حلا سحرياً على هيئة (فتوى !) بملازمة الدار حتى لا تقع طائرته الرئاسية في الأسـر الدولي فتكون الفضيحة ويسود الهرج ! . يا فخرنا .
 
 
 
ما علينا ، سواء كنا بالبشير أو بدونه فإننا سنجتمع معاً في عرس الدوحة الكبير ، وفي كل الأحوال يمكن للبشير كما يمكن لأي ملك أو رئيس أو سلطان أو أمير أنْ ينتدب إليها ممثلا عنه لزوم إكمال العـدد .. والعـدّة.
 
تـُرى ، ما هي العـدّة ، عـدّة القمة العربية القادمة ؟! . هذا لعمرك يا ساءل سؤال زائد عن الحاجة . إنما لا بأس من تحويلك إلى القذافي ، فعند العقيد الخبر المفيد لأنه عوّدنا مع كل قمة عربية أن يضعنا في صورة جـوّها الوئامي ويتلـوعلينا ( قبل التئامها !) بيانها الختامي ! . وإلى أنْ يتجـلــّى العقيد عن البيان العتيد دعونا نتسلى بالقديم ـ الجديد ، وما دامت هذه المناسبة يطغى عليها اللون السـوداني فمن الأجدى والأجمل أن نذهب لنتفرج أولا على قمة الخرطوم الأولى (1967) :
 
في ذلك العام الحزيراني (نسبة إلى هزيمة الخامس من حزيران) ، إجتمعت الأنظمة العربية في الخرطوم لتطلق من مدفعها التــّوعـّدي الهجومي ثلاث قذائف صوتية من العيار العابر للتاريخ ( لا صلح مع إسرائيل ، لا تفاوض مع إسرائيل ، لا اعتراف بإسرائيل) ثمّ لا فارزة ولا نقطة ولا رأس سطر ولا نقطتان شارحة فبقية قصة (إبريق الزيت) معروفة :
 
ـ هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟! .
 
ـ كلا
 
ـ كلا أم لا كلا ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ نعم
 
ـ نعم أم لا نعم ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ صمت
 
ـ صمت أم لا صمت ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ أوباما
 
ـ أوباما أم لا أوباما ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ إيران
 
ـ إيران أم لا إيران ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ غزة
 
ـ غزة أم لا غزة ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ ممانعة
 
ـ ممانعة أم لا ممانعة ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ إعتدال
 
ـ إعتدال أم لا اعتدال ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ شـَـلوم
 
ـ شـَـلوم أم لا شـَـلوم ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ بورصة
 
ـ بورصة أم لا بورصة ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ تشَـيـّع
 
ـ تشـَيـّع أم لا تشـيـّع ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ تسـنـّن
 
ـ تسـنـّن أم لا تسـنـّن ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ هراء
 
ـ هراء أم لا هراء ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
ـ صه
 
ـ صه أم لا صه ، هل تعرف قصة إبريق الزيت ؟!
 
 
 
 هكذا يمكن لقصة إبريق الزيت أن تلف وتدور إلى ما لا نهاية مثلها مثل مشط النظام العربي الرسمي الهائم في دوامة الضياع الحلزوني الدائرية ، حيث لا فوق له ولا تحت ، لا قمة ولا قاع ، لا تعرف له رأس من قـَدَم ولا وجه من قفا ، لا كبيره كبير ، ولا صغيره صغير ، لا الأول في العير ولا الثاني في النفير .. بل الجميع كما بول البعير .. إلى الخلف الذي لا يسار ولا يمين ولا أمام له .. يسير .
 
وهئا هئا سعيدهْ .. يا بـو قمّـهْ جـديـدهْ ..
 
وفـُرّيرهْ للعَـيـّـل .. خـُذ لكْ سَـبـَعْ فـرافيرْ ..
 
طراطيرْ يا وادْ طراطيرْ
 
طراطير .. طراطير .. طراطيرْ ..

زر الذهاب إلى الأعلى