اليمن بين البناء والهدم..دعوة للتأمل
بقلم : زياد ابوشاويش
عندما يصدر العدد الجديد من صحيفة الشموع الاسبوعية تكون أكثر من مناسبة قد مرت على القارىء أهمها عيد الأم الذي يوافق عيد الربيع في الحادي والعشرين من مارس(آذار) من كل عام.
وقبل أقل من أسبوعين كان عيد المرأة العالمي، وهذا يعني أننا في شهر الحياة بافتراض أن المرأة هي الحياة والأمل ولأن الأمهات بعطائهن يشبهن الوطن والأرض الخضراء المعطاءة.
والحياة وازدهارها تعني البناء والتقدم، وتعني الأمل في غد أفضل لكل الناس، والسعي لصنع أفضل الظروف من أجل مستقبل مشرق للمجتمع اليمني الذي لا زال متمسكاً بقيمه ومحافظاً على نسيجه العربي المتين رغم المحن والمصاعب التي مرت ولا زال يعيشها.
في الايام الماضية مر اليمن بمجموعة من الأحداث اللافتة منها ما يمكن تصنيفه برديف التقدم والدعوة للبناء والتقدم وأخرى تعمل للهدم والتدمير، ولتناقضها في الشكل والمضمون والنتيجة وحكماً في الاستدلال والاستنتاج فقد وجدنا أن الدعوة للتأمل من الجميع ضرورية في هذا الوقت الذي يحتاج فيه اليمن لكل عقل منفتح ووجدان نظيف وضمير حي من أجل توجيه الدفة نحو البناء والتعمير ونبذ التطرف والهدم المتمثل في الخروج عن القانون وعن كل قيم العدل والحق، والفاقد للروح الانسانية وهو ما شاهدناه في العملية الارهابية التي أودت بحياة أربعة من السياح الكوريين الجنوبيين، هؤلاء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم أحبوا اليمن فقاموا بزيارته للوقوف على مجده التليد وحضارته التي ملأت الدنيا نوراً ذات يوم.
لقد خرج اليمن قبل فترة قصيرة من قطوع خطر ومعقد عبر الاتفاق على إرجاء الانتخابات التشريعية لسنتين لتمهيد الطريق لتوافق وطني يضم الحكومة وحزبها والمعارضة بكل أحزابها كما ويعطي الفرصة لبناء ظروف أكثر ملاءمة لانتخابات حرة ونزيهة ومتكافئة بين الجميع وبالتراضي الأمر الذي كان مبعث ارتياح الشعب اليمني بعد أن كادت الأزمة تطيح بكل ما تم بناءه في السنوات الماضية على طريق تعزيز الاتجاه الديمقراطي في الدولة.
إن ذلك قد منح المجلس متسعاً من الوقت لمناقشة قوانين وتشريعات تساهم في تسهيل حياة الناس وتقدم حلولاً للعديد من التشابكات الفقهية حول بعض التشريعات وخاصة في الشؤون المدنية المتعلقة بحقوق المرأة والموظفين وغيرها وهذا يدخل ضمن عملية البناء ويعلمنا كيف نستفيد من كل حالة انسجام داخلية رغم أنها أتت على حساب ممارسة الحق الديمقراطي في اختيار من يمثل الناس، ولأن الخيار كان بين هذه ودخول اليمن متاهة التشظي والانقسام وفقد الجو الأخوي والصحي للعمل السياسي فقد اختار الجميع التأجيل والتضحية مؤقتاً بهذا الحق.
ولأننا نتحدث عن النقيضين الظاهرين في أحداث الفترة المنصرمة فقد كنا قد أشرنا في مقال سابق حول موضوع القاعدة في اليمن والسعودية والاعلان عن قيادة مشتركة باعتباره اعلاناً دعائياً وأخذ أكبر من حجمه وقلنا أن هؤلاء لن يفعلوا سوى مزيد من تشويه سمعة وطنهم عبر استغلال مشاعر الشباب ودفعهم باتجاه الانحراف عن جادة الحق ونبهنا لضرورة أن يتعاون الجميع في ضبط الحالة عبر حملات منظمة لدرء مثل هذا الخطر الذي يلحق الأذى باليمن وبالشعب اليمني.
إن توجيه البنادق نحو الداخل وبعيداً عن المعركة الحقيقية رغم كل الرغاء الكاذب عن فلسطين والاحتلال الجاثم على صدر أهلها الصامدين يظهر إلى أي مدى تنحرف بوصلة هؤلاء وكيف يتم استغلال البسطاء والسذج وشحنهم للهدم والتخريب.
وفي المقابل تابعنا بارتياح عملية الانتخابات الشفافة لنقابة الصحفيين اليمنيين والتي رفعت شعار حرية الصحافة وحماية الصحفيين بقوانين تمنع البطش بهم من جانب الحكومة أو الرقابة أو أي جهة وتقدم لهم أفضل الظروف لممارسة مهنتهم على أفضل وجه، وقد تحدث الرئيس علي عب
د الله صالح بهذه المناسبة الهامة وقال كلاماً مفيداً وقاطع الدلالة حول حدود الحرية التي يجب أن يتحلى بها الصحفي ودقة معلوماته التي لابد أن تستند للحقيقة وتتيح له تقديم مادة مفيدة للناس وكذلك تقديم نموذج مهني محترم يجبر الآخرين على الاصغاء والقراءة واحترام ما يقولون، وكان سيادته قد أفرج قبل يوم عن أحد الصحفيين المتهمين بمخالفة القانون الحالي للنشر(رئيس تحرير الشورى) الأمر الذي بعث الارتياح في نفوس الصحفيين اليمنيين الذين طالبوا بالمزيد من الحرية وأيضاً بتحسين مستوى معيشتهم وتعديل الرواتب والأجور لتناسب ظروف الحياة ومستوى المهنة.
وما دمنا نتحدث عن البناء والحياة والمرأة فلابد أن نشير بكل ارتياح لنجاح حققته المرأة اليمنية في هذه الانتخابات رغم عدم تمكنها من الفوز بمقعد النقيب حيث حصلت السيدة رؤوفة حسن على 392 صوت من الجمعية العامة وهو عدد يقل بتسعين صوت فقط عن الأصوات التي حصل عليها السيد ياسين المسعودي الفائز بمقعد النقيب، كما كان لافتاً فوز المعارضة بنصف مقاعد النقابة.
إذن هي تجربة ناجحة بكل المقاييس ويمكن البناء عليها لمعالجة كافة النقابات والاتحادات وبذات الروحية والتعاون الذي يجب أن ينسحب على كافة الشؤون السياسية والحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، حيث يتحول الجميع إلى عاملين في ورشة كبيرة باتساع الوطن اليمني من أجل البناء بعيداً عن الشك والريبة تجاه الآخر.
بين الحياة التي يصنعها التعاون واحترام القانون وخيارات الآخرين والموت الذي تجلبه الأحقاد والتطرف والجهل والتربص بالآخر بون شاسع ومسافة يمكن أن نجعلها لمصلحة الشق الأول ومن أجل الحياة، ومن أجل اليمن بنسائه ورجاله… كل عام وامهاتنا وكل نساء اليمن بخير.
زياد ابوشاويش
Zead51@hotmail.com