ملحمة التوريث والحصار

عمــاد عــودة

ملحمة التوريث والحصار
 
حصار قوم عند قوم فوائد , هذا هو ملخص حال غزة هذه الأيام فلا الحصار تم كسره ولا معدات الإعمار خرقت صمت الإنتظار ولا المعونات أطلت برأسها بين ثنايا غزة , والأكثر من ذلك أن لا شيء في الأُفق يستحق النظر اليه من شرفات البيوت التي صفعها البرد والجوع بعد الموت والدمار في غزة . كل هذا باق ما دام الحال لا يتغير على الحدود المصرية للقطاع .
ذنب غزة أن الجغرافيا أوقعتها على تخوم بلد مأزوم في أعلى هرمه السياسي , عنوان أزمته التوريث , وللتوريث شروط وأوراق اعتماد . قبل أيام قام الوريث المنتظر بالحج الى حيث تعتمد الأوراق في واشنطن حيث الرئيس الجديد مزهواً بلون جلدته غير المعتاد في البيت الأبيض , حمل الوريث معه أوراق اعتماده رئيسا جديدا لمصر بعد وفاة والده أو عجزه عن تحريك سبابته التي يهدد الناس بها عادة وخصوصا إذا كانو من العرب . من بين هذه ألأوراق ما كتب بدم الشهداء والجرحى ولها رائحة لا تخفى على من شهد الموت في غزة وفيها أيضا بعض الأشلاء ممزوجة بذل الحصار .
لتكون رئيسا رغم أنف دستورك عليك برضا أمريكا ودعك من رضى الله فالله غفور رحيم , ولترضى عنك أمريكا فلا بد من الولوج عبر البوابة الاسرائيليه وللرضى الاسرائيلي شجون وشروط لا بد من تحقيقها أولها صيانة الحصار وآخرها منع الإعمار .
إغلاق المعابر وعلى رأسها معبر رفح واللعب على ورقة الإعمار ليس له الا معنى واحد , أطيحوا بحماس وكسروا البنادق وجهزوا أصابعكم للبصم على خارطة طريقهم وشروط رباعيتهم . هذا الكلام قد لا يقوله سياسيوا حماس بمثل هذا الوضوح فالبراغماتية تتطلب قول بعض الحقيقة في كثير من الأحيان .
أستغرب صبر حماس ونهجها في التعامل مع مصر الرسمية ’ فقد فاق ظلمهم كل الحدود وحصارهم ما فتيء يقتلنا صباح مساء , قبح الله الجغرافيا فقد جعلت هوائنا حكرا على من ارتهنت إرادتهم للأعداء , وخبزنا أيضا أضحى ورقة يلعب بها الأقوياء وأزلامهم من الضعفاء.
لنفترض جدلاً أن الرضا قد حصل واُعتمدوا الأوراق والدماء وتم التوريث فماذا تأملون من هكذا رئيس أم أن الفلكلور السياسي العربي سيستمر كما عهدناه من مدح القديم إذا ما قورن بسوء الجديد, فهكذا نحن العرب لم يحكمنا حاكم قط الا وترحمنا على من قبله ليس حبا بالآفلين بل بغضا بالقادمين.
 ككل الذين حرمتهم الجغرافيا من شرف المعاناة والصمود مع المحاصرين أشعر بأنه لا يحق لي أن أنصحهم فهم أهل الدار وأدرى بشعابها , ولكن ليس أقل من أسجل موقفي لعل الله يتجاوز عني وعن أمثالي من المحاصرين خارج غزة , ولا أقل من أن أقول ما لا يستطيع الساسة أن يجهروا به وهم يعلمون .
مصر الرسمية هي أصل الحصار وشريك في القتل والدم والدمار مع سبق الاصرار .منع الإعمار هو عين الابتزاز والقهر ويرقى الى مستوى جرائم الإبادة الجماعية . مصادرة أموال التبرعات لسبب أو لآخر هي ايضا من أعمال الحصار .وضع المساعدات العينية في ملعب لكرة القدم هدفة تجويع المرسل اليه. رهن المصالحة الفلسطينية بالاجندة الصهيو- امريكية حصار أشد من الحصار التحقيق مع الجرحى لمعرفة أسرار المقاومة عمل عدائي وخيانة. هدم الأنفاق ومنع وصول الأسلحة للمقاومة هو إعلان حرب عليها . تكميم الأفواه الا النتنة منها هو عين العداء ايضاً وليس هذا الا بعض ما يقال, فلو رغبنا في سرد كل الأمور لما اتسع لذلك أي مقال .
أدعوا جميع المحاصرين خارج اسوار غزة لأن ينتفضوا ويكسروا حاجز الصمت المريب وينزلوا مرة أُخرى الى الشارع ولتكن الشعارات هذه المرة أكثر وضوحا ومباشرة كوضوح حصارهم وخيانتهم , ولنسمي الأمور بأسمائها فهذا عين الصواب , فلا توريث لقتلة غزة ولا رحمة لمن صمت أو أعان على ذلك , ولتكن هذه هي معركة فرقاننا مع أنظمتنا التي لم يعجبها صمود أهل غزة في فرقانهم .

Exit mobile version