مناخ سياسي هاديء
بقلم : رداد السلامي
يسود الواقع الوطني هدوء سياسيا غير طبيعي ، فيما الواقع الاجتماعي يمور بشتى الأحداث ،مع غياب مريب للمعارضة ،الأمر الذي يدفع إلى القول إنها بانتظار حدث ما يتشكل دون إرادتها .
القراءة الأولية لذلك تقول أن ثمة تكلس حال دون أن تغادر قوى الفعل الوطني مواقعها التي تجمدت فيها ، لتكتفي بصيغة تشاورية واجتماعات محدودة تناقش فيها ما أسمته بالأزمات الوطنية ، ليعتبر البعض تلك المشاورات حوار مع الذات فقط .
في القضايا الاجتماعية ينبغي على المعارضة إن كانت فعلا جادة في التغيير أن تخلع ردائها السياسي لتدخل الواقع الاجتماعي بالرداء الذي يتناسب معه ، كي تتمكن من تحقيق مقاصدها ، لكنها لا تحضر إلا بردائها السياسي الأمر الذي يؤكد نخبويتها وانفصالها عن الواقع، كثيرا ما تفسد السياسة الأوضاع لتنحو منحى سلبي ، الأمر الذي يفوت من إمكانية التحامها بالناس وتوجيههم وجهة صحيحة ، فالسلطة تلعب بجدارة فائقة من خلال ذلك في تعكير أجواء عملها.
لدى الشعب رغبة في التغيير ، ولديه مطالب بدأت تتضح حتى في أشد البيئات الوطنية تخلفا ، وجهلا ، مطالب تتمثل في وجود دولة حقيقية وعدالة ونظام وقانون ، لكن القوى السياسية لا تتحرك إلا متأخرة ، ولا تجيد إلا فن الاستعراضات السياسية والأناشيد بلغات مختلفة ، مما يخلق لديها وهما بأنها أضحت من الكرسي قاب قوسين أو ادنى ، مثل هذه الأحزاب كسيحة ، لا تدرك أهمية العمل مع القوى المتحركة المنفصلة عنها ، وتوجيهها وإنضاج مطالبها ، هناك حراك اجتماعي مشتت وقوى لها مطالب حقوقية شمال الوطن ، لايؤبه لها ، ولا تجد من يوظفها التوظيف الواعي الذي يمكن ان يجعل منها توليفة قادرة على استقطاب الأغلبية الصامتة والمسحوقة لتححد معها وتشكل ضغطا شعبيا باتجاه إصلاح الأوضاع ، أو تنحي النظام عن الحكم إن فقد القدرة على أن يكون مؤهلا لذلك.
ليس المهم الاستيلاء على السلطة ، إن ذلك هدف انتهازي لايدرك أهمية إنضاج الوعي الشعبي أولا وتحريك الجموع الصامتة ، الوصول الى السلطة دون النظر على الواقع مغامرة لن تفضي إلا إلى الفشل في كلا الحالتين ، الأهم الآن هو كيفية خلق وعي صلب لدة الناس بأهمية التغيير ، إن الأمر لا يتطلب تحريك فقط ، بل يتطلب حسن توجيه، لكي يصبح التغيير المنشود جذريا وناضجا.
من السهل صناعة الكلام الثوري التغييري ، لكن من الصعب ربطه بالواقع الموضوعي ، وهذه مشكلة أحزابنا السياسية الكبيرة ، حتى إطار توليفتها الرائعة “اللقاء المشترك” الذي أبدع نوعا ما في تحريك جمودنا الوطني ، الذي كاد أن يوصلنا إلى حافة اليأس.