بانتظار الجولة الثالثة..
موسى أبو كرش
يبدو أن الأخبار التي تطل علينا من القاهرة حول نتائج الحوار الفلسطيني ,تأتي في إطار “بشّروا ولا تنفّروا”,أما التصريحات التي تتناقلها وسائل الأعلام, من “هنا وهناك” فتشير بوضوح غامض،وغموض فاضح إلي أنه :” لو كان فيها زيت لضوّت”,صحيح أن القضايا التي تم الاتفاق عليها كثيرة,ولكن من المؤسف أن القضايا التي لم يتم الاتفاق أو “الوفاق” بشأنها,رئيسية وحيوية وخطيرة،ولا يمكن اعتبار الحوار ناجحا أو ناجزا بدونها,خاصة ونحن نتحدث عن البرنامج السياسي لحكومة الوفاق الوطني,والمرجعية المؤقتة لمنظمة التحرير الفلسطينية،والالتزام بالاتفاقيات الموقعة ,ومرجعيات الأجهزة الأمنية وطبيعة تكوينها . ولما ينجح الوسيط المصري في تقريب وجهات النظر حولها,رغم الجهد المضني الذي بذل ولا يزال, في سبيل إنجازها,وإتباع الأشقاق في مصر لسياسة” توليف الحمام” بين الفرقاء, وتوفير كل ما من شأنه أن يساهم في إنجاح الحوار,ومما يؤسف أيضا أن مؤتمر الدوحة قد دخل حيّز الانعقاد قبل إتمام هذا الملف, ما يعني بالضرورة أن عدم طي صفحة الخلافات العربية سوف ينعكس سلبا علي هذا الحوار, وربما يزيد من تعميقه وتصعيده, خاصة وأن المؤشرات تشير إلي أن الرئيس المصري حسني مبارك سوف يتغيب عن هذه القمة وهناك احتمال تغيب العاهل السعودي عن أعمالها أيضا,الأمر الذي يؤكد أننا ذهبنا للحوار مجبرين ,وليس نتيجة لمراجعة سياسية شاملة أو استقراء دقيق للحالة الفلسطينية, على الأقل من جانب الفصيلين الكبيرين ,فتح وحماس,واللذين لم يجريا حتى الآن أية مراجعات لحالة الانقسام ونتائجها المأساوية علي الشعب الفلسطيني وقضيته في آن! فالحوار جاء بعد الحملة الانتقامية الإسرائيلية الشرسة علي قطاع غزة، وما جّرت عليه من مآس وويلات,وكنتيجة حتمية لوصول اليمين الإسرائيلي المتطرف إلى دفة الحكم في إسرائيل,وارتقاء باراك أوباما عتبات البيت الأبيض, وإغواء وإغراء المليارات الخمسة التي أقرها اجتماع شرم الشيخ الأخير,وإذا أضفنا إلي كل ذلك الضغوط الإقليمية والدولية,والموقف الإسرائيلي من هذا الحوار, أدركنا مدي الصعوبات التي تواجه المتحاورين,والذين ينبغي عليهم إدراك هذه الحقائق جميعا , ومدى حساسية الظرف الذي تمر به قضيتنا الفلسطينية وإبداء المرونة اللازمة لإنجاح الحوار قبل فوات الأوان,بعيدا عن المصالح الحزبية الضيّقة والتي ترهن الحوار بمدى تحقيق كل طرف لمصالحه,لندرك جميعا أن أشقاءنا العرب قد ملّوا منّا ومن خلافاتنا, أن شعبنا الذي حملناه فوق محمله بات يعيش ظروفا غاية في السوء علي كافة الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحيّة, وأصبح ضجرا من السياسات التجريبية والعبثية والتي عادت عليه بالمزيد من الخراب والدمار والانقسام,وباعدت بينه وبين تحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال ,وأصبح حاله كحال الشنفرى من قومه:
أقيموا بني أُمي صدور مطيّكم فإني ,إلي قوم سواكم لأميل
فلا النفرّي بيننا حتى يذكّرنا:”أن الحروف تجري حيث القصد ,جيم جنة ..جيم جحيم,ولا الشنفرى ذاته بين أظهرنا حتى يطربنا:
لعمرك ما بالأرض ضيق علي أمريء سرى راغبا ,أو راهبا وهو يعقل!