كلام في القمة

عمــاد عــودة

كلام في القمة
في قمة الدوحه سيحضر لفيف من الزعماء والقادة ويلقون الخطابات , بعضها عصماء وأُخرى عصية على الفهم ناهيك عن التصديق فحجم المطروح أكبر من قدراتهم ومبلغ التحديات جاوز أقصى توقعاتهم وهواجسهم . كبار هم بحسب عد الرؤوس ولكن تقييم المنجز ينبيء بغير ذلك .
انها قمة تنازلية بحسب الاستقراء الرياضي, ففي كل قمة عقدها العرب حلوا عقدة من عقد صمودهم حتى جاء الدور الآن على أشخاصهم فلم يعد هناك محظور ولا ممنوع ولم تعد الألقاب من فخامة الى جلالة الى سمو تحمي صاحبها , فصاحب الفخامة مات مسموما في رام الله وصاحب السيادة مات مشنوقا في بغداد وصاحب فخامة آخر بات طريدا يخشى عتمة السجن وذل الإعتقال , اللهم لا شماته , وإذا ما استمر الحال على هذا المنوال فسوف نبحث قريبا في استئجار زعماء يحضرون القمم فهي فأل سيء ودفع النحس يقضي بعدم الحضور.
حصار غزة بات يحاصر الجميع خارج الأسوار والمعابر, والمذنبون تفضحهم عيونهم قبل أفعالهم وتكبر انوفهم كلما تمادوا في الكذب . سؤال سيطرحه البعض رغبا أو رهبا , أما آن لهذا الحصار أن ينكسر؟ , وحتى لو لم يجرؤ احد على طرح السؤال بمثل هذه الطريقة المباشرة فلن يعدم السؤال وسيلة وسيظهر في حركاتهم وأناتهم وسيخترق مساحيق وجوههم ويعبر ألقابهم المانعة ويفضحهم . الحل عند البعض منهم هو عدم الحضور والتذرع ربما بحرب صغيرة هنا أو هناك مع فضائية تهجو ضعفهم أو شبه جزيرة صغيرة تلعب أدوارهم وتكشف فسادهم .
موضوع الاعمار أيضا له ظلال سيلقيها وسيسأل أحد الحاضرين بمكر شديد أين وصل إعمار غزة وهل انتهينا من تضميد جراح اهلها , وسيرد علية ماكر آخر : الإعمار لم يبدأ بعد , سيدي فيسأل الأول : كيف هذا وقد تقاطر العالم وصفع صدره وتبرع بارقام يصعب على الفقراء قرائتها ناهيك عن مليارات العرب الموعودة , جواب هذا السؤال فيه ادانة للكثيرين , فلا المتبرعون أوفوا بعهودهم ولا الجيران فتحوا حدودهم ولم يخرق صمت غزة الا طيران العدو يقصف كرامة المجتمعين دون تمييز, والحل مرة أُخرى ان لا يحضر من تكدره الإجابة .
قصة الطائرات الإسرائيلية التي خرقت كرامة الأُمة قبل حاجز الصوت فوقها ووصلت حتى ملابسنا الداخلية وعبرت الحدود دولة بعد اخرى لتصل الى عمق عورتنا وتقصف ابنائنا في السودان وتقتل وتدمر وتعود غانمة سالمة مسترخية فلا أحد يجرؤ على تهديدها أو جرع مشاعر من أرسلها بل ينقلب الجميع على الضحية لائمين معاتبين على عدم ستر الفضيحة . مثل هذا الأمر يقتضى ايضا سؤال والحل عند الجهابذة الجدد هو عدم الحضور مرة اخرى .

المشترك الأكيد في كل ما سبق هو أن المذنب يعرفه الجميع ويعرفون الضحايا ايضا وحتى إذا ما أقتضى العرف الديبلوماسي قول نصف الحقيقة وإبتلاع النصف الآخر فإن الأخير أضحى فاقع اللون وما عاد يجدي في ستره افتعال حروب صغيرة مع فضائية بعينها أو من يحميها.
 فهل يعقل أن بلدا بحجم مصر تحاصرة محطة فضائية أو تأخذ دوره – الريادي – شبه جزيرة صغيرة كقطر, وهل بالفعل سحبت قطر الملف الفلسطيني من اليد المصرية السعودية بعد اللبناني وقبل السوداني , وهل بالفعل كانت قطر ستتمكن من ذلك لو كان هناك دورا مصريا أو سعوديا حقيقيا لحل تلك الملفات الشائكة .
لم يعد كتمان الحقيقة امرا ممكنا فالأرض غدت قرية كونية مفضوحة لا ساتر فيها وأصبحت عورات الأنظمة مبثوثة على الهواء مباشرة وما عاد غربال سعودي أو مصري قادر على حجب الشمس وقريبا سيسقط ملف العداء لايران الشيعية عندما يعادون السودان السنية ويسمحون بضربها من أراضيهم ولنا في العراق عبرة ومثل , كذلك مع كل الأعذار سيسقط عذر قلة الحيرة فالأمر ليس الا هوان وضعف نتج عن استماتة الزعماء للحفاظ على عروشهم وتقزيم شعوبهم على عظمتها وسعة مواردها وقد صدق الشاعر حين قال :
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها           ولكن أحلام الرجال تضيق
Exit mobile version