يومُ مسيلمة الكذّاب
قد يتساءل البعض باستغراب شديد ،عن فضاعة هذا العنوان لنبل مشاعرهم ،وقد لا يستغرب آخرون من طرحه لفراسة وحنكة وبصيرة،لكن أغلبهم متفقون أن سرّا ما وراء هذا العنوان ،ولعلّه على علاقة وطيدة بيومنا هذا. إنه ما أصبح يسمى بكذبة أفريل باختصار شديد . لقد جال بخاطري أن مسيلمة الكذّاب لازال حيّا في حياة الناس ،وقد ترك من ورائه أجيالا ،ولربّما له عرق دسّاس لن ينقطع مابقيت هذه الدّار الدنيا،فاخترت له هذا العنوان لتذكير الناس به،ولعل كثيرا سيوافقونني هذا الرأي ،لمانراه وما نعايشه في أوطاننا ، فكم من مسيلمة وكم من أمية وكم من أبي جهل . اعتاد الناس في كثير من الدول وا لحكومات الغربية التي تَعدُ شعوبها طول العام ،ببرامج في حملات انتخابية غير مسبوقة ،ضمن تنافس متكافئ الفرص في وسائل الإعلام العمومية، المرئية منها والمسموعة والمكتوبة،في جو من التعايش والإقناع ،بعيدا عن أشكال العنف الجسدي ،وتفي هذه الحكومات بوعودها ما يجعلها تكتسب ثقة الناس ورضاهم وما يساعدها في إطالة عمرها وخدمة مجتمعها . فتجد من أصحاب اليمين وأصحاب الشمال كلهم تحت أوامر شعوبهم ،وكأنهم يطبقون الآية الكريمة “ولاتعاونوا على الإثم والعدوان ” التي نقرأها نحن ويعملون هم بها ،غير أنهم يختارون مواعيد ربما أصبحت تقاليد يعتبرونها نوعا من أنواع الترفيه على النفس،أو لاسترخاء العضلات التي تتعب طوال العام . ومع أننا لا نتفق في أصل هذه التقاليد ولا في فروعها ولا ندعو إليها بأي حال من الأحوال، إلا أنه مقارنة بما يحدث في دولنا، نجد أن هذا اليوم 01 أفريل “سمكة أفريل” حتى ،له تأثير في النفوس وله طعم عند أصحابه ،ممّا يدخله من سرور ،وربما هذا هو سرُّ انتشاره عند أحفاد مُسيلمة ،الباحثين عن القشور التاركين للّب . لكن المفارقة ،هو أن من اعتاد طوال عامه الكذب والخداع ،في تنويم الشعب بمسوّغات يكتشفها الطفل في مهده ،ما دعاه لأن يُقيم يوما للكذب مُستنا بما يفعله الغرب ،مادام أنه يكذب طوال العام .؟ أليس الأحرى به أن يقول عام الكذب، أو قرنه ،أو الدّهر كلّه؟