في أحدث استطلاع للرأي أجرته شركة الشرق الأدنى للاستشارات، قال 73% من المستطلعين في الضفة الغربية وقطاع غزة: أنهم مع حكومة وحدة وطنية، أي أن الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني ليست مع حكومة تكنوقراط، أو حكومة توافق وطني التي أيدها 16% فقط، وإنما مع حكومة وحدة وطنية وفق ما تطالب فيه حركة حماس، فكيف تنسجم هذه النسبة مع نسبة 63% أتى عليها الاستطلاع، ويطالبون الحكومة القادمة بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع السلطة؟ هنالك خلل في الاستطلاع، إذ لا يعقل أن تؤيد الأغلبية موقف حماس من حكومة وحدة وطنية من جهة، ومن ثم تؤيد الأغلبية ذاتها موقف السلطة؟
لقد ظهر في استطلاع الرأي نفسه النتيجة ونقيضها، وعلى سبيل المثال: 70% يحملون حماس وفتح المسئولية عن فشل الحوار، ثم يأتي في الاستطلاع بعد ذلك أن 64 % يثقون بالسيد عباس، و60% يؤيدون بقاءه في منصبه. فكيف يكون ذلك؟ ولاسيما أن نتيجة استطلاعية أخرى تقول أن: 31% سيدلون بأصواتهم لقائمة فتح إذا جرت الانتخابات التشريعية هذا الأسبوع، ونفس النسبة، 31% سيدلون بأصواتهم لانتخاب مرشح فتح رئيساً، فأي النتائج نصدق 31% لحركة فتح، والسيد عباس، أم 64%؟ لقد ظهر في نفس الاستطلاع مرتين ما يشير إلى إن نسبة 47% من المستطلعين سيمتنعون عن التصويت!.
لقد جاء في الاستطلاع أيضاً أن 47% يفقدون الثقة بأي تنظيم، وفي نفس الوقت يرى70% أن فتح تمتلك الإستراتيجية الأمثل لتحقيق المصالح الوطنية العليا؟ لا يمكن أبداً! فإما أن يكون الشعب غبياً، أو المستطلَعين في الرأي لم يفهموا السؤال، أو المشرفين على الاستطلاع يخادعون الرأي العام، وهذا ليس في صالح المجتمع. إذ كيف يرى 70% أن الصراع مع إسرائيل سيستمر إلى الأبد، وكذلك 74% لا يرون في إسرائيل شريكاً للسلام، ليأتي في نفس الحين رقم 59% يؤيدون توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل، ويدعو 61% حركة حماس إلى تغيير موقفها، نتيجتان لا تلتقيان، وتستغفلان الرأي العام الفلسطيني!
يبدو أن المشرفين على الاستطلاع لم يقرءوا النتائج جيداً، ولم يدققوا في النسبة المئوية، وكأن من يقف وراء الاستطلاع لم يهتم إلا بقضيتين، الأولى: إيهام المجتمع الدولي بأن لفتح الأغلبية المطلقة في الشارع الفلسطيني، وقد سبق لبعض مراكز استطلاع الرأي أن خادعت فتح، وأعطتها الأغلبية في الانتخابات التشريعية، وبنسب عالية، فجاءت النتيجة خسارة لحركة فتح بإسهام مراكز الاستطلاع ذاتها. أما الثانية: تعزيز المطالبة بالاعتراف بشروط الرباعية من خلال إيهام المجتمع المحلي، والخارجي، أن استطلاعات الرأي تؤيد التزام الحكومة القادمة بالاتفاقيات الموقعة مع السلطة!.