فأس وفارس ومستوطنة
عندما يُعقد العزم على تصوير فلماً عربيا, يكتشف المخرج أن حبكة الفلم غير مُقنعه, فيضطر الى الاستعانة ببطل آخر غير مرئي يضيفه الى الابطال المرئيين لكي تكتمل الحبكة الدرامية, فيستنجد المخرج بالبطل الغير متوقع حضوره ألا وهو (القضاء القدر) فيصبح الفلم المصور من بطولة: “فلان” و”علان” من المشاهير بالاضافة الى البطل الغائب (القضاءالقدر) والذي لا يقبض أيضاً.
وهذه الافلام تختلف كلياً عن الفلسطينية (الآهية التأليف), حيث يكون الفلم الفلسطيني مكوناً من بطل واحد يلعب أكثر من دور, فهو الضحية غالب الامر, والمغلوب على أمره, فيتحول تراجيدياً الى البطل حين يمتشق فأسه ويقاوم, وهو ذاته القدر والمصير اذ عزم على الاختيار الصالح, وهو ذاته الذي سيكون الجندي المجهول عندما لا تُلصق صورته على “البوستر” منتفخ العضلات كأبطال “السيلكون” كما في فن الشبابيك في السينما العربية المجاورة, حيث الفلم له هدف واحد وهو أن يكون فلماً, فقط. دون اي دواعي انسانية أو وطنية, اللهم سوى البساط الممدود فوق ثقافتنا اسفل شباك التذاكر.
يقول الشاعر محمود درويش(يكون الصمت فأساً … أو براويز نجوم)
وهذه حكاية فارس الفلسطيني من بيت لحم, الذي خطط ونفذ رواية ربما من الاجدر أن يجلس بين سطورها كل المُستعبدين, وبالتالي فمن الاجدى ان نُقلد ويقلدون المشاهد الواردة مشهداً تلو صورة, حتى نحتفي بإنتاج سلسة من أفلام البطولة المجردة والبريئة من الميكياج و(عدّ النجوم) دون طائل, وإليك المشاهد:-
المشهد الاول: مستوطنه رابضه أعلى قمة الجبل الحامي لقريتك, مدينتك, مُخيمك, دولتك القريبه, لا فرق, ليس للظلم والاغتصاب حواجز كما انه ليس للمُريد العازم جغرافيا تُحجمه أو تُبعده. كيف تقاومها؟
هل ستصرخ وتلبس الكوفية والاعلام والالوان وتنطنط كالساذج حيث لن يعلو صوتك الى اعلى قمة الجبل المُغتصب؟ ولن تُرى.
-الحبكة الحق تروي ان مستوطنات غزة أُفرغت من مُغتصبيها بقذائف الهاون وإلاقتحامات المسلحه, حيث كان التصوير ايامها بالاسود والابيض حيث لا شوائب تندس بين لونيين اصيليين (حق وحق أكثر).
المشهد الثاني: أقتنع فارس بالحبكة الاصليه القديمة, ولكنه احتار كيف سيقتحم او يطلق الهاون وهو لا يملك إلا صوته وغيرته, (يبحث عن منتج فيجد المنتجين مُنهكين بالتفاوض حيناً والعربدة على الابطال احياناً طويله), تلك هي جغرافيته المحتكرة لحساب الصمت والنظارات التي لا تقرأ, من الرئيس إلى السايس, تحت مظلة التفاوض من اجل التفاوض-كما السينما الجارة المجاورة-.
المشهد الثاني: يمتشق الـ(فارس) فأساً, ربما لأن الفأس أقوى إرتباطاً بالأرض, فهو هاديها ومُجملها وحيلتها ألاخيرة, وحيلته ايضاً, وربما لأن السلاح في جغرافيته بات نادراً ومُحتكراً بل وقصّه الرقيب صاحب القلب الرقيق حامل لواء الحل الشلمي(بالشين).
النهاية: يصعد فارس الى المغتصبة حاملاً سلاحه الأرضي على كتفه, مردداً مأثورة الاديب الشهيد غسان كنفاني(خُلقت أكتاف الرجال كي تحمل البنادق), أو الفؤوس أحياناً, أو الهموم, فكل الأحمال قضايا وكل الاكتاف قواعد, وكل الفرسان مهمون وصاعدون كما فارس.
يلتقي فارس بغاصبين صهيونيين, يعلوان أرضه, قاتلان يدربان الهواء على التلوث, صهيونيان يسلبان العمر من ألارض ومنك….. فينتقم طاعناً, وتنعدم الصورة خلف إبتسامة ألارض.
وفجأة يتدخل القدر_ أن يكون القتيلين إبنان لمجرم أرتكب جُرمان: ألاول أنه –ألاب- مسجون بتهمة ألاعتداء على مدرسة للأطفال الفلسطينيين… والجرم الثاني أنه زرع ابنيه في أرض شامخة لا ترضى بالزقوم.
طوبى لمن حصد.