تحديات سوبرنتان: ثلاث رؤوس أينعت وحان قطافها

عصام زروق
لا يمكن الحديث اليوم عن مخاضات العملية السياسية والحكومية داخل الكيان الصهيوني ونتائجها، دون الحديث على ثلاثة رؤوس، يعتبرها اغلب المحللين أنها من أهم الإفرازات لهذه الحكومة اليمينية المتطرفة، والتي ستشكل منعطفا مصيريا للكيان، وهم نتانياهو رئيس الحكومة وباراك وزير الدفاع وليبرمان وزير الخارجية، ولا يمكن الحديث عن البعد الاستراتيجي لهذه الحكومة دون ربطه بالملف الإيراني ربطا مصيريا واعتباره انه الملف الأول الذي يجب حسمه والاشتغال عليه . حيث قال بنيامين نتانياهو في حملته الانتخابية ” إني أتعهد بأنه في حال تم انتخابي فان إيران لن تتسلح بسلاح نووي!! ” ووصف البرنامج النووي الإيراني على أنه ” خطر وجودي على إسرائيل ” و حذر من خطر محرقة ثانية.
وعلى مستوى الخارجية فقد عُين ليبرمان الروسي الأصل، الذي دخل إلى فلسطين المحتلة وهو في سنه العشرين، و تربطه علاقة وثيقة بنتانياهو ، حيث ساعده في تجنيد أصوات تؤيده في مؤتمر الليكود في أواخر الثمانينات، وعينه نتانياهو مديرا عاما لليكود سنة 1993، وهو من ساعد نتانياهو أن يكون رئيسا للكيان سنة 1996، حيث عينه  مديرا لدائرته الحكومية التي أدارها بشكل دكتاتوري، ووجهت له الشرطة تهما بالفساد والمخالفات الجنائية بخصوص السعي من اجل تعيين مقرب له مستشارا قانونيا للحكومة. وأغلق الملف لاحقا  لقلة الأدلة في قضيته!!. ليعود ويفتح الملف من الجديد في اقل من أسبوع على تعيينه وزيرا للخارجية والمسكين إما أنه لم يسخن مقعده الوزاري بعد أو وجده حاميا جدا!!، ويعتبر ليبرمان من اليمينيين المتطرفين الذين تفوهوا بعبارات عنصرية ضد العرب الفلسطينيين داخل الكيان، بما فيهم أعضاء الكنيست العرب،مدعيا أن إسرائيل تستطيع أن تضرب طهران وأسوان!.
أما باراك الذي يقارب السبعين سنة! والمزداد في ارض فلسطين المحتلة والحاصل على اللقب الأول في موضوعي الفيزياء والرياضيات والمتقلب في العديد من المراتب العسكرية إلى أن وصل إلى رئاسة الأركان سنة 1991، فقد عرف مساره السياسي والعسكري محطات فاشلة، يكفي أن نذكر بخروجه من جنوب لبنان كمرحلة قاسمة لمساره السياسي والعسكري وهي أهم مرحلة أقبرت حلم ( إسرائيل) الكبرى، وحربه الأخيرة على قطاع غزة أثبتت أن الرجل فاشل سياسيا وعسكريا، وقد عُرف عليه عدم استقراره في قراراته التي يتخذها، ومنها أنه حين خسارته لانتخابات سنة 2001 لصالح منافسه من حزب الليكود ارييل شارون، أعلن عن نيته اعتزال العمل السياسي والاستقالة من الحزب والكنيست، لكنه تراجع وشرع في إجراء مفاوضات مع شارون لدخول حزبه في ائتلاف مع الليكود في حكومة وطنية، وهو نفس الشيء الذي حصل مع حكومة نتانياهو في سنة 2009 ، وكذا عُرف حرصه الشديد على مصالحه الشخصية فوق مصلحة حزبه، حيث رفض باراك الانصياع لضغوط أعضاء الحزب الذين طالبوه بالتنحي لصالح شمعون بيريس ليقود حزب العمل في انتخابات لرئاسة الوزراء .
أما نتانياهو المقبل على الستين، والمزداد في القدس- على حسب بعض المراجع- وحاشا لله أن تلد القدس إرهابيا مثله،ومصادر أخرى تقول انه ولد في تل الربيع، فيعتبر من المثقفين والمفكرين الصهاينة، الذين أججوا ما يسمى الحرب على الإرهاب منذ انتهاء حرب 67 من خلال مجموعة من الكتب التي أصدرها، والمحاضرات التي ألقاها سواء في الولايات المتحدة أو في داخل الكيان، فاز بانتخابات الحكومة وعين سنة 1996 رئيسا لها، خسر الانتخابات مقابل باراك سنة 1999، وعليه قرر الاعتزال من العمل السياسي لكنه عاد بعد فترة وجيزة إلى الظهور على الساحة السياسية مكونا أجواء من الحاجة إليه كمنقذ لـ( إسرائيل )!! لكن أحلام السوبرنتان لم تتحقق لتتحطم أمام غريمه ارييل شارون مؤسس حزب الليكود، ويرضى بحقيبة وزير المالية في حكومة شارون الثانية.
حكومة نتانياهو لقيت في اليوم الأول من تسلم مهامها انتقادات لاذعة من وسائل الإعلام الصهيونية، في أولها الجريدة النخبوية هائرتس حيث قالت في افتتاحيتها ليوم 1-4-2009 أن الحكومة الثانية والثلاثين لدولة (اسرئيل) التي تم تنصيبها أمس مصيرها الفشل” ولم تجد الصحيفة في تشكيلة الحكومة أي بصيص من الأمل وأعقبت قولها :” إسرائيل حظيت أمس بأكبر حكومة في تاريخها وفي الوقت ذاته بواحدة من أفقر الحكومات. وتنذر تركيبتها بالشؤم “وأعقبت قولها ” والنتيجة هي تعيين وزير مالية “يوفال شطاينيتس” يفتقر لمؤهلات اقتصادية ، ووزير خارجية ( ليبرمان ) قد يجد نفسه منبوذا في العالم. ووزير دفاع فشل في مهامه . ووزير تربية وتعليم لم يمارس التربية والتعليم في حياته. ووزارة الصحة بدون وزير، إضافة إلى سلسلة طويلة من الوزراء والوزارات عديمة الفائدة….”
بشائر هذه الحكومة الوليدة ولادة قيصرية لا تنبئ باستمرارها طويلا، وسيتم وضع صابونة الزحلقة السريعة إذا لم تتماشى مع السياسة الأمريكية، كما حدث الآن مع ليبرمان الذي بلاشك سيتم الإطاحة به أو تليين مواقفه، وهذا يدل على أن (إسرائيل) لا تحكم نفسها، طبعا لا يجب أن تخيف التصر
يحات المتطرفة لهذه الحكومة المعنيين المباشرين لها وفي أولها الشعب الفلسطيني، فقد قال احد المحللين السياسيين أن ” نتانياهو وكما علمته تجربته الشخصية السابقة في سنوات التسعين ، فانه في اللحظة التي سيجلس فيها على كرسي رئاسة الحكومة، فانه سيعي أن الانتخابات قد انتهت كليا، وان واقع الحال يفرض عليه مسارات حراك سياسية مختلفة، وكما قال رئيس الحكومة السابق ارييل شارون، حين أجاب على سؤال حول سبب التغييرات في مواقفه بعد تسلمه رئاسة الحكومة: قال: ما نراه من هنا -رئاسة الحكومة – ليس كما نراه في من هناك -المعارضة- .
التحديات القادمة لهذه الحكومة وفي أولها الملف الإيراني والأزمة المالية وحماس بالمقارنة مع التركيبة اليمينية المتطرفة لها، ستقودها إلى مسارين لا ثالث لهما .
3- حرب شاملة مع إيران تأتي على الأخضر واليابس إما تعجل بزوال هذا الكيان المسخ ونكون أمام آخر حكومة صهيونية، أو سيطرة مطلقة وشاملة على الشرق الأوسط، وكل التحليلات تسير في اتجاه أن المواجهة مع إيران ستكون بين سنتي 2009 وسنة 2010 وان كان يرى بعض المحللين الصهاينة أن الأمر غير محتمل. لكن يجب الإشارة إلى أن الكيان سيستعد في متم السنة إلى حملة تدريبية شاملة لكافة أرجاء الكيان لتدريبهم على الملاجئ واستعدادهم لحرب شاملة.
2- الإطاحة بهذه الحكومة في عامها الأول وتصفيتها بما يلائم السياسة الأمريكية التي لا تستطيع أن ترى أمامها سوى عاصفة الأزمة الاقتصادية وهي تسير في اتجاه تليين المواقف حتى تستطيع تأمين الجانب العسكري والمواجهة العسكرية إلى أن تستعيد عافيتها الاقتصادية .
 
يتبع ….
Exit mobile version