خارج نطاق الجاهزية..!!
بقلم : رداد السلامي
لا شيء يرعب هي تمثيلية هزلية ، متماثلة ، وهي حركات مألوفة طالما اتخمنا الرجل بها ، وطالما كنا يقظين لا نستغفل البتة ، يظن انه مازال ذكيا ، يتسلى بكونه مازال يتحدث ، دون أن يدرك أنه لم يعد لحديثه ذلك الوقع الساحر ، في كل مرة يفقد بريقه ، تتنازعه أفعاله المتناقضة وتنزع عنه أهاب القوة وقناع الرهبة ، لم يعد هناك لدى الشعب ما يخشى عليه ، وحده خائفا يترقب القادم ، يتلوى حول عرش لم يعد حتى يطيق بقاءه عليه.
كل أدواته أضحت مكشوفة ، مبادراته مملة ، مسخور منها ، ولا ندري أن كان ثمة حياء يردعه عن أن يبادر لحل أزمات الآخرين فيما يعج وطنه بألف أزمة وأزمة .
في الوقت ذي لم نعد نطيق بقاءه ، نرثى له ، لحاله الذي يبعث على السخرية والرثاء ، إن أسوء شيئا حين تغدو في نظر الكل زعيما يائسا ، ميؤسا منك ، غير مصدق، ولا يضع الآخرون فيك ثقتهم ، حالة كهذه تعني انك أصبحت خارج نطاق الجاهزية القيادية ، وأن أي تصرف منك لم يعد غير تصرفا سلبيا يسلبك القدرة على الفعل المتزن ، التفكير الواعي ، السلوك الرشيد ، إن العجز الذي أصبحت عليه يدفعك نحو تصرف لا إرادي خارج عن كونه عقلاني ، تهيج فتكسر تغدو خطاباتك مستحيلة تنحل عرى قوتك تفقد وهجك تغور في دوامة البحث تبريرا لما أنت فيه فإذا بك تضرب على أوراق المشاكل فيما جذورها عميقة تزداد اتساعا.
في كل مرة كنا نقول لعل الرجل يصحو ، أو يعود إلى رشده ، لعله يخرج من أحلام اليقظة التي تصنعها ألوان الوهم وأقلام المكيجة حوله، تغزل بها عينيه ، لكنه الغرق ، الغرق الذي يزداد اتساعا، سادية السيطرة ومازوشية السقوط تناقضات سكنته ، ولم تجتمع الا فيه فهو جلاد وضحية في آن.
عاهة مزمنة خطيرة لا تكتفي بإزهاق ذاتها بل تمتد لتزهق شعبا برمته ، تنحر أحلام الأطفال تمزق دفاترهم ، وتنقض على مستقبل جيل برمته ، امتصت عصاباته كل شيء ، البر والبحر وباطن الأرض فيما يتكئ على منسأة تنخره إرض المرض التي نخرت صلابة نظامه ومتانة سلطته ، وسيسقط هامدا دون أن يشارك حتى الشعب في إسقاطه لأن نظامه يحمل عوامل تحلله وانحلاله .
*صحفي يمني