بقلم: فارس عبد الله*
تتعرض فلسطين منذ السطو الصهيوني الكبير عليها في نكبة ال48 , إلى حملة تهويد تستهدف بشكل خطير تاريخ تلك الأرض المباركة , ويقع تركيز الصهاينة على مدنية القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك في حملتهم الشعواء للتهويد , وادعاء ملكيتهم لهذه الأرض تتنافي مع كل القراءات الموضوعية والحيادية لتاريخ المنطقة , حيث تؤكد كل المعطيات على عروبة وإسلامية فلسطين , وهنا يظهر العجز الصهيوني ويسعى لتعويض هذا النقص من خلال عمليات التزوير والسرقة.
لقد استخدم الكيان الصهيوني كل الأساليب الخبيثة , عبر مسلسل التضليل والتزييف الذي يعتمد على تغيير المسميات الحقيقية للأماكن، وتهويد الأزقة والشوارع، لتطوى الأسماء الحقيقية في ذاكرة التاريخ، وتبقى الأسماء الصهيونية، في حربه القذرة لإثبات الوجود على هذه الأرض , ويحاول بكل الطرق المخالفة للقوانين والأعراف الدولية وقوانين حماية الآثار الصادرة عن اليونيسكو , سرقة الآثار والكنوز أو شرائها من أشخاص لا يعلمون أهميتها , في الصراع مع المشروع الصهيوني الاستيطاني وفى سبيل ذلك وجهت كل الجهود الصهيونية في مخطط تهويد استهدف التاريخ والواقع الفلسطيني.
منذ أن سيطر الصهاينة على مدنية القدس المحتلة , كان هاجسهم الوحيد محاولة الحصول على أثر تاريخي يسعون من خلال التأكيد , على أحقيتهم المزعومة في تلك الأرض المباركة لذا كانت من أوائل خطواتهم السيطرة على حائط البراق , وهو جزء أساسي من المسجد الأقصى المبارك وأطلقوا عليها اسم حائط المبكي , لممارسة طقوسهم المستحدثة في البكاء على أطلال ما أطلقوا عليهم الهيكل توطئه لهدم المسجد الأقصى الأسير , ويستخدمون في ذلك حيلة ماكرة إلا وهي حفر الأنفاق حيث يقع تحت المسجد الأقصى , أكثر من 18 نفقاً صهيونياً لهما هدفان الأول البحث عن دلائل تاريخية لليهود , والثاني العمل على إسقاط المسجد الأقصى وهدمه لا سمح الله , والادعاء أنه سقط بفعل حادثة عادية , وإلا لماذا تمنع مواد واليات الترميم عن المسجد الأقصى منذ زمن طويل.
ما حدث قبل أيام وكشفت عنه مؤسسة الأقصى للوقف والتراث , حول قيام سلطات الاحتلال الصهيوني بعملية سطو وسرقة في وضح النهار , لحجر أثري من محيط المسجد الأقصى المباركة يعود إلى الحقبة الأموية , والادعاء الباطل بأنه جزء من الهيكل المزعوم ونقله إلى ساحات الكنيست الصهيوني , ليكون مزاراً للأجانب والسياح في تزوير جديد للتاريخ , هذه اللصوصية تشكل نذير خطر قادم يستهدف المسجد الأقصى المبارك , وبعد عجز الصهاينة في عمليات الحفر والتنقيب الحصول على أثر تاريخي واحد يستدلون به , فأنهم يوهمون أنفسهم عبر السرقة بتاريخ مزيف وحضارة مزورة .
كشفت حادثة سرقة الآثار من محيط الأقصى أن المؤسسة الصهيونية الرسمية تقف خلف ذلك العمل ومن هنا جاء وضع الحجر الأثري , في ساحة أعلى مؤسسة سياسية داخل الكيان الصهيوني , وهذا يدلل بما لا يدع مجالاً للشك أن عملية السرقة تمت بعلم ودراية وتخطيط من أعلى المستويات في الكيان الصهيوني , وهنا تتضح حجم الأخطار المحدقة بالمسجد الأقصى المبارك.
أمام عملية السرقة التي تمت بالشهود وفى وضح النهار , يقع السؤال مشروعاً عن الصمت العربي والإسلامي الرسمي , ماذا لو كان المسروق إصبعاً لمومياء من العهد الفرعوني هل سادت نفس حالة الصمت واللامبالاة , أم تحركت وسائل الإعلام والمؤتمرات وتم التوجه للهيئات الدولية المختصة لتسجيل حادثة السرقة , ماذا ينتظر العرب والمسلمين والخطر يزداد على المسجد الأقصى وتتسارع دائرة الاستهداف اتساعاً يوماً بعد يوم , ومخططات العدو الصهيوني أصبحت واضحة في مسارها , الساعي لتهويد المدنية المقدس وهدم الأقصى , ماذا لو كانت تلك الأعمال الصهيونية هي جس نبض , وقياس ردة الفعل للعرب والمسلمين على عمل إجرامي كبير , قد يكون الصمت الحاصل مشجعاً للمؤسسة الصهيونية لارتكابه , وهى ترى التقاعس من قبل المسلمين في نصرة أقصاهم الأسير , ولن يتأخر الصهاينة في هدمه لو استمر واقع الأمة يغط في حالة صمت القبور.
كاتب وباحث فلسطيني