هل ظل الدكتور “وليام نصار” مسيحياً عندما قال: إذا كان الإسلام يعني تحرير فلسطين من سيناء على الحدود المصرية، وحتى رأس الناقورة على الحدود اللبنانية، فأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ وهل يمكن اعتباره قد نطق الشاهدتين، ودخل الإسلام؟ أم انتفى ذلك لانتفاء شرط اكتمال تحرير فلسطين؟ المتخصصون في علوم الدين أقدر مني على الإجابة، وهذا ليس مجال حديثي، وإنما استشف من كلام وليام نصار: أن الوطن هو نقطة اللقاء والافتراق بين المنتمي الحقيقي لفلسطين وبين الآخرين المنتمين عرضياً، ووظيفياً، ونفعياً، فالاقتراب أو الابتعاد عن الوطن هو فيصل الانتماء الديني، والسياسي، فإذا كان الدين الإسلامي نداً لزحف الصهيونية التي تتدثر تحت عباءة الديانة اليهودية، وكان قادراً على تحرير فلسطين من يد الغاصبين، فأنا من هذا الدين، بل وكأنني أسمع الرجل يقول: وأنا جندي تحت أمره أي تنظيم سياسي فلسطيني يندفع إلى الهدف ذاته، ولا ينكص على عقبه في منتصف الطريق، أنا منه، وهو لي!.
بعيداً عن الدين، واللون، والجنس، فإن الإنسان يتعاضد مع أخيه الإنسان إذا داهم الوباء، وأدلهم الخطب، يتكاثف الناس بطبيعتهم، وهمهم الخلاص من البلاء الذي قتل، وأسر، وعذب، وسحق تحت جنازير دباباته ورد العمر، وقطف بصواريخه أحلام العشاق، وأشعل بنيرانه قلوباً يذروها الفراق. وهذا ما تحقق كل سنوات العدوان على فلسطين، والاغتصاب لترابها، واحتلال باقي أرضها، حيث شكلت المقاومة المسلحة نقطة التقاء كافة الأطياف السياسية الفلسطينية، وضمت السجون الإسرائيلية عشاق فلسطين من كل القرى والمدن، والمخيمات، البدوي، والحضري، والفلاح، المسلم والمسيحي، اليساري واليميني، ولا يشذ عن هذا القاعدة الإنسانية إلا من انتظر للناس مصيبة، كي يأكل لحمهم، أو يفجعهم.
على قاعدة الانتماء لفلسطين، كل فلسطين يقول وليام نصار: “أرفض مصطلح حكومة حماس، وأفضل أن يُقال الحكومة المنتخبة من الشعب الفلسطيني. فشعبنا هو الذي اختار الحكومة الفلسطينية التي يرأسها إسماعيل هنية. لذا، أيّ موقف يدعو إلى إسقاط هذه الحكومة هو موقف متماه مع الموقف الأميركي، والإسرائيلي. للسبب هذا، أخذت موقفاً إلى جانب هذه الحكومة، والذي لا يعجبه هذا الكلام أقول له ما قاله الرئيس الشهيد ياسر عرفات: اشرب من بحر غزة». لقد رفض الدكتور الفنان المسيحي “وليام نصار ستين ألف دولار، ومجسم بيانو من الذهب الخالص، جائزة على قطعة موسيقية ألفها مقابل مصافحة يد موسيقية إسرائيلية ـ وليس تقبيل أهود أولمرت، والارتماء في حضنه ـ وقال: لست بحاجة لتلك الجائزة، ولتقطع يدي ألف مرة، لا يشرفني أخذ جائزة على حساب محو ذاكرتنا، ودمائنا.
في خطوة فلسطينية واثقة منحت حكومة حماس كلاً من الفنان المسيحي “وليام نصار” والمناضل الدرزي العربي “سمير القنطار” جواز سفر دبلوماسي فلسطيني، موقع من الشهيد سعيد صيام، جواز سفر بمذاق الكرامة، وبنكهة الدم الذي لن يكف وليام نصار عن تلوينه بالشفق، وهو يشجو، ويترنم:
كل ما تشتي الدنيا دموع، وتتلون عكا بالدم
كل ما طفل بغزة يجوع، ويتشرد ع شفاف الهم