هل تشن إسرائيل حربا ثانية على غزه؟!

دكتور /ناجى صادق شراب
هذا السؤال يتردد على ألسنة الناس هنا فى قطاع غزه ، مع سماعهم لأى صوت طائرة أو تفجير هنا أو هناك . وفى قطاع غزه يتوقع الناس دائما أن تعيد إسرائيل حربها أو عملياتها العسكرية الواسعة ولا فرق بين الإثنين ، لتمر ما تبقى من بقايا حياة مدمرة ، إعتقادا منهم أن إسرائيل قد دمرت الكثير ، ولم تعد تستصعب العودة ثانية تحت ذرائع وحجج كثيرة وإن كانت ليست فى ذرائع ، لذا علينا أن ننتزع كل الذرائع منها وعندها يصبح العوان عدوان ،وألإرهاب إرهاب والعنف عنف والمقاومة مقاومة .ولذا السؤال الذى نطرحه فى مقالتنا اليوم ما هى خيارات إسرائيل بعد حربها ألخيرة على غزه ؟ وهل ما زال الخيار العسكرى هو الخيار الرئيس فى التعامل مع غزه حتى ولم تكن هناك حكماس ؟
لعل الخطأ الذى نقع فيه فلسطينيا دائما أننا ننظر إلى السياسة الإسرائيلية بشكل أحادى كإنسحابها ألأحادى من غزه ، السياسة ألإسرائيلية لا تفهم إلا كرزمة واحده، وبأهداف كليه ، فهى عندما تتعامل مع غزه وحركة حماس لا تفصل ذلك عن أهدافها العامه فى التعامل مع القضية الفلسطينية ، هدفها هنا واضح ومحدد وهو تصفية القضية الفلسطينيى فى ظل حالة من تعميق وتجذيرألإنقسام الفلسطينى ، ولذلك الهدف الرئيس من حملتها العسكرية ليس فقط غزه بل كل ألأرض الفلسطينية للحيلولة دون بناء الكيان الفلسطينى القوى والقادر على البقاء ، وقيام الدولة الفلسطينية المستقله ، وإذا كان هناك بد من قيام هذه الدولة فلتكن فى غزه ، أما بقية الضفة الغربية وبحكم طبيعتها الجغرافية وتلاصقها فى قلب إسرائيل وتداخلها فى العمق الإستارتيجى وتواجد المستوطنات كدولة فى قلبها ، فى مانع وبحم الكثافة السكانية وعدم رغبة إسرائيل بلعب دور الدولة المحتلة ، من قيام أنظمة حكم على شكل سلطة حكم ذاتى أو أكبر قليلا ، ولا مانع بالدفع بها فى إتجاه ألأردن تحت أى مسمى ، المهم عدم قيام دولة فلسطينية فيها ، فالدولة من وجهة نظر إسرائيل هى فى غزه ، التى يمكن إحتوائها والتحكم فى منافذ الحياة فيها ، ويمكن ضربها عسكريا متى شاءت طالما أن فيها حركات مقاومة إسلامية ووطنية ، ..ولعله من ألأخطاء الجسيمه أن نصور الحرب ألخيرة وكان هدفها فقط حركة حماس وغزه ، أو ليست حماس وغزه جزء من القضية والشعب الفلسطينى وفقدانهما فقدان للقضية . وعليه ليس هدف إسرائيل كما يمكن أن نتصور العودة إلى غزه وإعادة إحتلالها ، وهذا يتعارض مع أهداف سياستها ألأحادية فى التعامل مع القضية الفلسطينية ، إسرائيل لن تعود إلى إحتلال غزه من جديد وتتحول إلى سلطة إحتلال مسؤوله عنه ، إسرائيل تتهرب من مسؤليتها كسلطة إحتلال ، وفى هذا السياق هى تدرك تماما أنها لن تستطيع إقتلاع حماس من ألأرض الفلسطينية ، ولذلك هدفها آلآنى هو وقف إطلاق الصواريخ وكل مظاهر المقاومه من غزه بشروط أفضل من وجهة نظرها ، وقد يكون هدف حركة حماس هنا الوصول إلى حالة من الهدنة المتبادله وهى بهذا أى إسرائيل تكون قد جزأت القضية الفلسطينية وفككت عناصر القوة منها ، والسؤال السريع أيهما أفضل فلسطينيا ؟ أعود إلى خيارات إسرائيل فى التعامل مع غزه ، الملاحظ فى قراءة الخيارات ألإسرائيلية أن إسرائيل وعلى الرغم من إنسحابها من غزه إلا أنها لم تسقط غزه من حساباتها  لا العسكرية ولا السياسية ولا حتى الإقتصادية ، لكن إذا كان الثمن هو التخلص من القضية الفلسطينية فلتذهب غزه أيضا إلى مصر تحت أشكال من التنسيق ألمنى والإقتصادى وغير ذلك .، فظلت محتفظه بالتحكم فيها عن بعد حتى تتجنب مسؤوليتها كسلطة إحتلال وصولا إلى هذه المرحلة وتصوير قطاع غزه بالكين المعادى والخطر على أمنها ، ولذلك تعاملت مع الصواريخ الفلسطينيى رغم تقليديتها ومحدودية آثارها وكانها صواريخ عابرة للقارات ، وصورت غزه أيضا بانها تحولت إلى قاعدة عسكريه , وعملت على تهيأة الرأى العالمى إلى هذه المرحلة عكسنا تماما نضخم من قوتنا العسكرية ونتبارى فى الخطب السياسية التى تستغله إسرائيل أفضل إستغلال حتى تغطى أهداف حملتها العسكرية وما ترتكبه من قتل وتدمير للحياة الفلسطينية .بهذا الفهم تلجأ إسرائيل الى كل الخيارات المفتوحة بدءا من الخيارات ألإقتصادية بالحصار والتحكم فى المعابر والمنافذ البرية والبحرية وهى فى كل خياراتها تنطلق من رؤيتها الخاصة لأمنها وإدراكها أن الظروف ألإقليمية والدولية وقبلها الفلسطينية تعمل لصالحها ، وأيضا إطمئنانها للموقف ألأمريكى الذى يقف فى وجه أى فيتو داخل مجلس ألأمن.وإدراكها من ضعف النظام الإقليمى العربى وإنشغاله بملفات أخرى كالملف النووى الإيرانى .  ولكل هذا فقد إستفادت من التطورات السياسية فى غزه بوصول حركة حماس إلى السلطة وسيطرتها أعلى غزه , رابطة بينها وبين ألإرهاب الدولى وتحافها مع إيران ، ومع سوريا أو ما يسمى بدوب اللمانعة او محر الشر كما يحلو للسياسية ألمريكية تصويرها و مستغلة مسألة الصواريخ التى تطلق لتغطى حقيقة أهدافها من وراء حملتها العسكرية ضد غزه وهى فى الحقيقة ضد القضية والشعب الفلسطينى كله . وهنا تتراوح الخيارات الإسرائيلية ما الحرب وإن كانت مستبعده فى الوقت الحالى فالحرب تخضع لإعتبارات داخلية وإقليمية ودولية ,أعتقد هذه المحددات غير متاحة ولو فى المدى القصير , وخيار ا
لعمليات العسكرية المحددة وأحيانا الواسعة تحت ذريعة ضرب عملية التسلح وقواعد المقاومة الفلسطينية ، وهذا الخيار هو ألكثر إحتمالا وإستمرارية ، وهناك الخيارت ألإقتصادية من حصار وتحكم فى المعابر ، وعليه يبقى الخيار العسكرى قائما وقويا ، لأن إسرائيل من منظورها لا تمانع فى قيام أى سلطة فى غزه وحتى لو كانت حماس المهم أن يبقى هذا الكيان تحت السيطرة ألإسرائيلية ولا يشكل خطرا عليها ، ومن هنا ألإجراءات الدولية بمنع تدفق السلاح على غزه ، كما حدث فى ضرب قالفة التسلح التى أعلنت غسرائيل مسؤوليتها عنها فى شرق السودان قبل شهرين من ألن, هذا وكون إسرائيل دولة قوة ، وتطلق من إعتماده على قدراتها العسكرية الذاتية يبقى هذا الخيار قويا ، وينبغى التذكير بأن غزه ليست منطقة نائية لا تعنى إسرائيل ، قد لا تعنيها جغرافيا بحكم موقعها فى خفى أقصى الحنوب من فلسطين ، وبالتالة إقتطاع هذا الجزء لا يؤثر إستراتيجيا على الخريطة السياسية لها ، ولعدد السكان الضخم والقابل للزيادة والتى لا يمكنها التحكم فيه عكس الحال فى غزه ، لذلك تتعامل مع غزه من هذه المحددات فهى لا تريد غزه من ناحية ولكنها لن تسقطه من حساباتها ألمنية والعسكرية ، وفى هذا السياق يبقى الخيار العسكرى وخيار الحرب الشامله قائما إذا إستدعت الضرورات ذلك .  وقد ينتهى ألأمر بها فى المنظور البعيد إلى فك إرتباطها الكامل بقطاع غزه حتى تؤصل لحالة ألإنقسام الفلسطينية طالما أنها آمنت حدودها معه ومن ثم لا يعنيها من يسيطر على غزه ،هذه هى بعض خيارات إسرائيل من حملتها العسكرية الواسعة وأهدافها ، وبقى الجانب الفلسطينى وعليه تفرض مسؤوليات كبيره وتساؤلات وطنيه ، وأكتفى بالتساؤل هل تتم مواجهة هذه الخيارات  بمزيد من ألإنقسام والإستقطاب الإقليمى والدولى للقضية الفلسطينية، ، فلا خيار أمامنا جميعا إلا العودة إلى الخيار الوطنى لأنه القادر على لجم العدوان وغفشال كل هذه الخيارات ، وكل شئ يتحرك من حولنا ولتكن حركتنا حول قضيتنا وشعبنا ، ولا نكون حلقه فى دائرة غير دائرتنا .
دكتور /ناجى صادق شراب/أستاذ العلوم السياسية /غزه
 
Exit mobile version