أرشيف - غير مصنف

محللون ينجمون: (عودة الصدر بمرتبة آية).. و(موت السيستاني).. و(سرقة إيران للتيار الصدري)!

ينشغل المحللون السياسيون والمراقبون لتطورات الأحداث في العراق، بالاحتمالات التي ستعقب رحيل القوات الأميركية عن العراق نهاية سنة 2011. لكنّ محللين سياسيين في العاصمة البريطانية –أدهشتهم المسيرة الضخمة للصدريين في بغداد عشية الذكرى السادسة للاحتلال- يركزون “تأملاتهم” على “عودة الصدر” وهو بمرتبة “آية الله”، وما قد يحدث بعد “وفاة السيستاني”، وما الذي فعلته إيران بـ”سرقتها للتيار الصدري”!.
وأثارت تظاهرة الاحتجاج التي شارك فيها عشرات الألوف من أتباع (مقتدى الصدر) رجل الدين الشيعي المعادي للأميركان موجة من التساؤلات عن “ماهية” التحليلات الأميركية والحكومية التي كانت ترجّح “بداية تلاشي حركة التيار الصدري” بعد أنْ أزيحت ميليشيات جيش المهدي، أي “قوتها شبه العسكرية” من سلطتها القديمة في الشارع وفي كثير من المدن التي كانت “معاقل مقفلة” لها.
رويترز وصفت التظاهرة، بأنّها “احتجاج ضخم متجدّد” ضد سقوط بغداد بيد الاحتلال الأميركي. وقالت إن موجات هائلة من الرجال يرفعون الأعلام العراقية والرايات واللافتات وصور (مقتدى الصدر) تدفقت الى شوارع بغداد، تطالب بـ “الرحيل الفوري” لقوات الاحتلال الأميركي. وأوضحت أنّ المتظاهرين كانوا يهتفون بصوت واحد “تسقط، تسقط أميركا”، وهم يستمعون الى المسؤول في التيار الصدري (علي المرواني) يشجب الاحتلال الأميركي للعراق الذي بدأ بسقوط بغداد في التاسع من نيسان 2003، وأيضاً بسقوط تمثال الرئيس السابق (صدام حسين) في ساحة الفردوس.
وقال مراسل رويترز إن حشود مؤازري (الصدر) امتدت من مدينة الصدر الفقيرة في شمال شرق بغداد الى حيث وسط العاصمة في ساحة الفردوس التي تبعد عن المدينة مسافة 5 كيلومترات. وأحرق المحتجون دمية تمثل وجه الرئيس الأميركي السابق (جورج بوش) الذي أمر قواته بقيادة تحالف عسكري لغزو العراق، وأحرقوا أيضا دمية تمثل وجه الرئيس السابق (صدام حسين). وألمحت الوكالة الى أن الشيعة عانوا كثيراً من الاضطهاد تحت سلطته.
وفي رسالة وجهها الصدر الى المحتشدين، قرأها نيابة عنه (أسعد الناصري) أحد مساعديه، قال: ((اللهم وحدنا، أعد إلينا ثرواتنا، حرر سجناءنا، أعد السيادة الى بلدنا…حرّر بلدنا من المحتل، وامنع المحتل من أن يسرق نفطنا)). وقبل أنْ تُقرأ فقرة الرسالة التي يحثّ فيها (الصدر) المحتشدين على مصافحة كل مشارك في التظاهرة للآخر، قال (الناصري): ((اللهم وفقنا لنكون محررين لبلدنا)). وتؤكد رويترز أنّ التظاهرة كانت محفوفة بقوات الشرطة التي تراقب كل شيء!.
وطبقاً لمحللين سياسيين في العاصمة البريطانية، فإنّ (الصدر) سليل العائلة الدينية الشيعية المعروفة في لبنان والعراق، والذي يُعتقد أنه يدرس حالياً في إيران لنيل درجة علمية “في الفقه والتشريع” تؤهله لمرتبة “آية الله”، يشكل أحد ثلاثة احتمالات في بحر السنوات المقبلة والتي تتزامن تماماً مع “جدولة الانسحاب” الأميركي:
– يقول المحللون السياسيون إن (الصدر) نقل أتباعه الى المهمات المدنية لضمان إبقاء “قوتهم السياسية”، ريثما يعود الى البلد بعد رحيل قوات الاحتلال، ليعلن تبوءه مرتبة علمية، تكفيه مؤونة اللجوء الى العلماء، وبالتالي سيكون خليفة والده (آية الله محمد محمد صادق الصدر) وكان قد ورث مجده ومؤازريه، بعد الغزو الأميركي. ويرى المحللون أن تحوّل (مقتدى الصدر) الى رتبة “آية الله” و”ظهوره الجديد” بعد غيبة طويلة، قد “يجدد الثورة” في نفوس أتباعه، ويقودهم الى إعادة هيمنتهم على الشارع وتطبيق شعارهم الحالي “جيش المهدي سيعود قريباً”.
من جانب آخر يرى المحللون السياسيون في العاصمة البريطانية أنّ وفاة آية الله (علي السيستاني) المرجع الكبير للشيعة في العراق، تشكل “فراغاً كبيراً” يصعب ملؤه، وإذا ما أحرز (مقتدى الصدر) مرتبة (آية الله) فلا شك أنّ أتباعه لن يسمحوا بظهور بديل آخر لـ(السيستاني) من عائلة (عبد العزيز الحكيم) أو من العائلات الدينية الأخرى في النجف، لاسيما أن إيران ستستخدم كل نفوذها لدعم (الصدر) الذي يتعرّض الآن لعملية “توظيب” “وغسيل دماغ” على الطريقة الفارسية، استعداداً للمرحلة المقبلة.
ويعتقد المحللون السياسيون أنّ الكثيرين من أتباع الصدر، ليسوا على وفاق مع فكرة احتضان طهران لـ”التيار الصدري”. وهؤلاء ليسوا قلة، وليسوا فقط من الأتباع العاديين، إنما هم “الأكثرية في التيار” و”أبرز زعمائه” وهم يعدّون قوتهم في أن يشكلوا تياراً “شيعياً عروبياً” في العراق. ومنهم من يركز على أنّ إيران تآمرت على التيار لمرات عدة، وأنّ آخر مؤامراتها “سرقة التيار برمته” من خلال زعيمه، مؤكدين أن حالة كهذه ستفتح الأبواب لحالات “تمرد” على (الصدر) بدأت بواردها منذ الآن.
وتق
ول رويترز إن مقاتلي “جيش المهدي” خاضوا معارك حامية ضد القوات الأميركية خلال السنوات الدامية التي أعقبت احتلالها للعراق، لكنّهم تراجعوا عن خطوط المجابهة، بعدما أمرهم زعيمهم (مقتدى الصدر) لهجر السلاح والمعارك المسلحة والانغمار في تنظيمات تقدم الخدمات الاجتماعية للناس. كان الهدف كما يرى المحللون “إعادة صياغة سمعة التيار الصدري” في الشارع العراقي، والتي ارتبطت بارتكاب مجازر ضد السُنة، وممارسة الابتزاز والاضطهاد في الأحياء الشعبية الشيعية التي سيطروا عليها، لاسيما ضد أولئك الذين يخالفونهم في الاتجاه السياسي، أو الاعتقادات المذهبية.
 وتعتقد رويترز أن حركة التيار الصدري عانت من “نكسة خطيرة” عندما أمر رئيس الوزراء (نوري المالكي) القوات الأمنية العراقية –تدعمها القوات الأميركية- بسحق الميليشيات في مدينة البصرة وفي مدينة الصدر ببغداد السنة الماضية، فيما كانت هزيمة جيش المهدي في المحافظات الأخرى سهلة ولم تكلف (المالكي) أية أعباء.
وتذهب تأملات المحللين السياسيين الى أنّ حكومة (المالكي) لن تكف عن محاولة “تفجير الصراعات السياسية” داخل حركة التيار الصدري التي تعدها المنافس الأخطر لها في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى