الاطمئنان الكاذب
أحمد النادى
نشرت صحف الحكومة ما يفيد بأن الدعوة إلى إضراب 6 أبريل لم يستجيب لها إلا عدد محدود من الأفراد ولولا إحراج هذه الصحف من وجود قنوات إعلامية مثل قناة الجزيرة وأخواتها لقالت إن المستجيبين للإضراب لم يزد عددهم عن أصابع اليد الواحدة (يدوب نفرين تلاتة وبس) ورأيي الشخصى فى سلوك هذه الصحف أنه ليس خداع للرأى العام فقط ولكنه أيضاً محاولة من كتاب هذه الصحف وهم جزء من المستفيدين من نظام الحكم الحالى لطمأنة هذا النظام وطمأنة أنفسهم بأن (كله تمام) والأوضاع على خير ما يرام وأن أنصار 6 أبريل ما هم إلا قلة مندسة ومخربون وسط صفوف الجماهير الآمنة وأنهم المرجفون فى المدينة.
*ولكن السؤال هنا: هل صحيح أن الأعداد التى شاركت من الشباب والمثقفين وطلاب الجامعة وهى تقدر بالمئات أو ألف أو اثنان أو ثلاثة آلاف هى أعداد قليلة وضئيلة وقلة مندسة وسط الصفوف (طبعاً يحسب من شاركوا داخل الجامعات)؟
وللإجابة على السؤال فى نقاط محددة فهى كالآتى:
(1)هل يوضح لى أحد من كتاب السلطان إذا لم تكن جحافل الآمن والداخلية موجودة واستخدام العنف أمر مهدد به وتم بالفعل، أى أن الإرهاب الفعلى قد مورس والإرهاب المعنوى قد تم التهديد به فكم من الأشخاص كان سيشارك
إن السؤال هو (كم فرد كان يتمنى المشاركة لم يشارك خوفاً من الضرب والاعتقال وكم أب وأم منعوا أبناءهم من التوجه إلى المظاهرات والاعتصامات؟)
*إذاً إذا استطاع أى استبيان أو استطلاع للرأى معرفة عدد من كان ينوى أو يتمنى المشاركة فإن ذلك مؤشر على عدد المشاركين فى المرات المقبلة فإضراب 6 أبريل 2009 معركة فى حرب مستمرة وليس نهاية هذه الحرب.
(2)كان من مطالب شباب 6 أبريل رفع الأجور والإفراج عن المعتقلين وخروج الحرس الجامعى خارج الجامعة ووقف تصدير الغاز إلى إسرائيل ومطالب أخرى كثيرة.
إذن هل يمكن أن نصل إلى استنتاج أن كل من شارك يوما فى مظاهرة أو وقفة احتجاجية أو إضراب أو اعتصام للمطالبة بأى من هذه المطالب فى السنة الماضية هل يمكننا اعتباره مشاركاً ضمنياً فى الاعتصامات وأنه كما فى المصطلحات العسكرية احتياطاتي استراتيجي للحركة الوطنية المصرية سينضم إلى قوتها الفاعلة يوماً عندما يتم استدعائه فهل تستطيع صحف النظام مناقشة هذا الأمر أم أن كل ما يهمها هو إشاعة الاطمئنان بين أركان النظام وبين المستفيدين منه.
(3)إذا كان الحديث عن أعداد المتظاهرين فإن من هم بالشوارع اليوم هم النخب والقادة والذين يتدربون على القيادة لما هو آت من أحداث سترغم هذا النظام فى يوم قريب على الاستجابة، أن أحداث 6 أبريل 2009 (وعودة مرة أخرى إلى المصطلحات العسكرية) هى مدرسة قادة الأركان التى يتعلمون فيها التكتيك لقيادة القوات فيما بعد أن بضعة مئات أو ألف أو إثنان هى بداية مبشرة لجيش التحرير الوطنى من الاحتلال المنوفى.
فكل متظاهر من هؤلاء سيكون حوله مجموعة من ثلاثة أو أربعة أو أكثر أو أقل فى يوم 6 أبريل 2010 وأول الغيث قطرة وبصراحة إنى أرها قطرات وأمطار سينتج عنه سيول التغيير بإذن الله وإن غدا لناظره لقريب.
وأخيراً لا داعى لصحف النظام أن تتعب نفسها ففى حقيقة الأمر لم يعد من يقرأونها بالأعداد الكبيرة مثل سنوات مضت ثم إن قرائها فى تناقص مستمر ودائم وحتى من يشترونها فكثير منهم ليس للقراءة ولكن للإعلانات واسألوا أهرام الجمعة، وحتى من يقرأون فهم لا يصدقون، وإذا صدقوا فهم سريعاً للأمر يستوضحون لذلك ادعوا الصحف الحكومية للاجتهاد كى يرضى عنها المسئولون أما القراء فإنهم قد وجدوا البدائل المسموعة والمرئية والمقروءة الأكثر صدقاً منذ بضعة سنوات لذلك أهنئ هذه الصحف على محاولة بث الاطمئنان الكاذب فى نفوس المسئولين الذين وجدواً شعباً فى الثلاث سنوات الأخيرة غير الذى اعتادوا عليه، لذلك فالقلق يأخذهم لسببين أولاً أن الشعب تغير، وثانياً أن الأزمة المالية العالمية جعلت بنوك سويسرا وأمريكا فى خطر ولبنوك سويسرا وأمريكا فى نفوس المسئولين عندنا شأناً خاصاً جداً.
أحمد النادى
اعتقال البنات فى عهد مبارك
الخروج عن التقاليد بعد الخروج عن القانون
بدأت فى الآونة الأخيرة حدوث ظاهرة اعتقال البنات والنساء فى مصر لأسباب سياسية وكانت الظاهرة فى السابق مقصورة على اعتقال الشباب والرجال فقط، بينما كانت اعتقالات النساء مقصورة على الشق الجنائى فقط وغالباً للضغط على أقارب لهم لتسليهم أنفسهم.
كانت البداية مع إسراء عبدالفتاح فتاة فى السابعة والعشرين من عمرها، قامت ببعض الفعاليات السياسية على شبكة الانترنت وخاصة موقع الفيس بوك الشهير داعية إلى إضراب السادس من إبريل 2008.
قامت السلطات المصرية باعتقالها محولة إياها إلى بطلة كان كل من سمع عنها بضعة آلاف من المثقفين فأصبحوا بعد اعتقالها ملايين من المصريين.
ثم أعادت السلطات المصرية الكرة ثانية فاعتقلت عدد آخر من الفتيات لتحولهم للمرة الثانية إلى نجوم فى دنيا السياسة وفى دنيا السياسة فى العالم الثالث نجوم المعارضة أبطال (وهم بالفعل كذلك).
وهنا يجب التنبيه إلى قاعدة هامة فى المجتمع المصرى وهى أنه من طبيعة الشعب المصرى أن يثور ثلاثة أشياء وأى شيئ غيرها فإنه يتحمل إلى ما لا نهاية هذه الأشياء هى الدين والعرض ولقمة العيش، لذلك وعلى مر العصور حافظ الحاكم على المعابد أو المساجد أو الكنائس وحافظ على الحد الأدن
ى من الطعام للشعب وحافظ على نساء المصريين فلم يتعرض لهم.
لذلك فالسؤال الآن هل تنوى السلطة فى مصر الخروج عن العادات والتقاليد بعد أن خرجت على القانون.
ولتوضيح الخروج على القانون وأنا أتكلم عن السلطة الحالية التى بدأت منذ عام 1981 فلقد زورت هذه السلطة كل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ونشرت قانون الطوارئ (وهو لجرم عظيم لمن يعلمون والجميع يعلم) ثم أشاعت الفساد والإفساد بشكل متعمد وأضاعت ثروات البلاد (آخر هذه الثروات تصدير الغاز المصرى لإسرائيل بأبخس الأسعار) وبعد ذلك أهدرت هذه السلطة كرامة أهله بالاعتقالات المتكررة لفئات كثيرة من الشعب ثم بالمعاملة المهينة من قبل أجهزة الأمن لك لمن يقوده حظه العثر إلى التعامل مع هذه الأجهزة.
وكانت الأمثلة السابقة لتوضيح نماذج الخروج على القانون.
ولكن الآن السلطة الحاكمة تخرج عن العادات والتقاليد باعتقال الفتيات فهما هو السبب؟
هل هو جهل بالطبائع النفسية للمصريين وأنهم يثورون لبناتهم وعرضهم أكثر من أى شيئ آخر ذلك احتمال؟
أم أن أجهزة الأمن (وزارة الداخلية) فقدت أعصابها بعدما رأت الاعتراض من كل فئات المجتمع يتحول إلى أفعال مؤثرة ولنتذكر هنا نظام شاه إيران وجهاز مخابراته السافاك حينما فقد أعصابه فى أيامه وشهوره الأخيرة (أرجو مراجعة كتاب ـ مدافع أية الله ـ للأستاذ محمد حسنين هيكل وهو يتحدث عن الثورة الإيرانية)
فهمل الأمر هو نظام حكم يفقد أعصابه ولا أستطيع الجزم أن كان فى أيامه الأخيرة أم لا ولكننا متابعون لما هو كائن وناظرون لما سيكون.
هناك احتمال ثالث وهو أن أجهزة الأمن أصبحت مثل الحاوى يخرج كل ما فى جعبته بعد أن أفلست حيله فلجأ إلى أشد وأقسى ما لديه لإرهاب الناس وهنا نتذكر من أمثالنا الشعبية (اضرب المربوط يخاف السايب).
ولكننى أحذر أنها لعبة خطيرة ففى كثير من المرات انقلب السحر على الساحر وبدلاً من أن يخاف الناس من الحاكم مات الخوف فى قلوبهم وأدى ذلك إلى زوال سلطة الحاكم.
ولكن السؤال ما زال قائماً ما سبب اعتقال الفتيات الآن؟؟؟؟!!
أننى وبصدق أوجه السؤال راجياً ممن يعرف أكثر أن يدلنا على السبب الحقيقى وتلك دعوة مفتوحة للنقاش.
أحمد النادى