أرشيف - غير مصنف

الخصيان الجدد…!؟

جهاد نصره

 

بالرغم من تحريم الدين الإسلامي لخصاء الإنسان وتجارة الخصيان تحريماً قاطعاً، فإن الخليفة( الأمين ) وريث هارون الرشيد، لم يلتزم بالسنة النبوية وكسر هذا المنع بإقدامه على شراء الخصيان من كل نوع..!؟ ومن مروياته أنه بالغ في الإعجاب والاستئناس بهم حتى بلغ به الأمر أنه فضلهم على النساء الحرائر منهن والإماء مما دفع أبو نواس إلى القول:

احمدوا الله جميعاً يا جميع المسلمينا
ثم قولوا لا تملوا ربنا أبق الأميـنا
صيِّر الخصيان حتى صيِّر التعنين دينا
فاقتدى الناس جميعاً بأمير المؤمنيـنا

وليس غريباً أن أكثر الذين مارسوا هذه التجارة الخسيسة في العصور الأولى هم اليهود حيثما وجدوا وذلك نظراً لضخامة الأرباح المحققة منها، ومن ثمَّ الأمريكيين في العصر اللاحق بالرغم من تهافت هذه الأرباح وفضائحيتها في الزمن العبودي الأمريكي..!؟ لقد كان تجار اليهود يبحثون عن صغار العبيد من السود والبيض على حدٍ سواء  بهدف شرائهم بأسعار بخسة  ليقوموا بخصائهم بعد ملكيتهم، وفور شفاء الذين لا يموتون عند إتمام العملية الشنيعة وكان عددهم أقل بكثير من الذين يهلكون، يقوم التجار بعرضهم للبيع كخدم بأكثر من عشرين ضعفاً من ثمن شرائهم..! وأكثر من عشرة أضعاف الخدم غير المخصيِّين نظراً للمواصفات الخاصة التي تطرأ عليهم بعد عملية الاخصاء من قبيل الشجاعة والصبر وجانب الثقة بهم الذي يتوفر فور نجاح عملية الاخصاء..! وأيضاً ولعهم بالعبث واللهو وحب الشراب وغير ذلك الكثير.!؟ أما بالنسبة للشجاعة فيكفي التذكير بمؤنس القائد..!؟ وعن جانب الثقة نذكِّر بأبي الفتوح برجوان وقد ربي في دار الخليفة العزيز بالله الذي ولاه القصور ولشدة ثقته به وصَّاه قبيل وفاته على ابنه الحاكم بأمر الله.!؟
ورويداً رويداً، ومع التوسع الإسلامي الجغرافي ونزح الثروات وتمركز السلطة، تغير موضع خصاء الإنسان   فصار يخصى من الأعلى بدلاً من الأسفل.! وهذا التطور الخصائي فرضته ظروف الخلفاء المتتالين التي تطلبت خصاء الذين يستعملون عقولهم فيما لا يعنيهم مثل الكلام عن شؤون الحكم وبذخ السلطان وبيت المال والحرس وغير ذلك من المسائل التي من المفترض أن لا تعني عامة العبيد..! فكان أن ازداد عمران السجون التي عمَّت الأمصار وجُعل لها ميزانية وعُين لها أطباء، واسُتحدثت أجهزة الشرطة، وتسابق الفقهاء لتدبيج الفتاوى التي تصلح لتسيِّيل عملية الاخصاء الجديد نظير الجعالات التي يقبضونها من بيت المال.! وهكذا فقد ازداد الطلب على الخصيان الجدد فأفلس التجار اليهود بعد أن كسدت بضاعتهم..!؟

الخصيان عبر التاريخ الإسلامي تمتعوا وحدهم بثقة ولاة الأمور فقد كان عضد الدولة المعروف بقساوته وعنفه وقلة ثقته بمن حوله لا يثق إلا بالخصي الأسود ( شكر ) حتى وصل الأمر بهذا الغلام العبد إلى الإشراف على كل أمور السلطنة..! وهو الحال الذي كان عليه الخصي الأبيض ( برجوان ) حيث كان يدير شؤون الدولة الفاطمية، وهو الذي ابتكر فن السلخ بالرغم من أن الشريعة لا تبيح مثل هذه الفنون وإن أباحت لصاحب الحرس عند الضرورة أن يستخدم السوط على الظهر والقفا والرأس لا أكثر ولا أقل..!؟ وهكذا، فالخصيان  وحدهم الذين يتمتعون بالثقة الكاملة..! وإذا حدث وتمرد خصي موثوق، فإن ذلك يعود إلى خلل يكون قد حصل أثناء العملية كأن يفزع الصبي فتصعد إحدى خصيتيه وتنزل بعد أن يلتحم الجرح فإن كانت اليسرى كانت له شهوة، وإن كانت اليمنى خرجت له لحية وشارب لكنه يظل ـ خداماً ـ ولا ينظر إليه عامة الناس إلا كذلك…!؟

 هذه الأيام ازداد الطلب كما هو معلوم على الخصيان الجدد الذين صار يطلق عليهم أسماء محترمة مثل الأستاذ، والخادم، والفقيه، ورئيس التحرير، والكاتب وغير ذلك!؟

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى