عربي في الإمارات يتساءل: "شو.. ما في عرب أحكي معهم"؟

"قو قلبك واحك إنجليزي"، خذ معك كتاب "تعلم الإنجليزية في سبعة أيام"، نصائح أسداها عامل عربي يعمل في الإمارات منذ فترة لزميله الجديد عندما خرج ليشتري بعض الاحتياجات من السوق، فكل من يعملون بالسوق بنغال وهنود، وبمجرد نزول الزميل الجديد للأسواق تعجب قائلا : "شو.. ما في عرب بالسوق أحكي معهم؟!".

 
هذا المشهد يعكس التراجع الحاد للعمالة العربية في دول الخليج لحساب غيرها من الجنسيات، حيث بيّن تقرير صدر عن منظمة العمل العربية وعرض في مؤتمر العمل العربي الذي عقد بعمّان في 12 أبريل 2009، أن نسبة العرب الذين استقبلتهم بلدان مجلس التعاون الخليجي تراجعت من 72% في منتصف السبعينيات إلى أقل من 23% بنهاية 2007، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 49% في الفترة بين عامي 1975 و2007.
 
 
 
تقريرمنظمة العمل الدولية
ويشير التقرير إلى أن حجم العمالة غير العربية في القطاع الخاص الإماراتي على سبيل المثال وصل إلى98.7% من إجمالي العمالة الموجودة به عام 2007، فيما بلغت نسبة العمالة غير العربية في القطاع الخاص القطري إلى 96%، أما بالكويت فقدرت بـ90%، وسجلت البحرين أقل نسبة في حجم العمالة الأجنبية لتصل إلى 72.4%.  
غير أن القطاع الحكومي يظل الملاذ لانتقال العمالة العربية في دول الخليج، حيث اعتمدت أغلب دول مجلس التعاون الخليجي على العمالة العربية في فترات بنائها وتطورها، لكن بعد ذلك تشبعت منها؛ وأصبح تطبيق توطين الوظائف فيها أيسر، خاصة مع التطور السريع الذي حدث في قطاع التعليم في تلك البلدان، ووفق التقرير، فقد اعتمد القطاع الحكومي طوال السنين الماضية على اللسان العربي في الإدارة والصحة والإعلام والتعليم والعدالة وقطاعات من الأمن ..
 
مطيعة ورخيصة
وفي تعليقه على التقرير قال أستاذ علم الاجتماع والخبير في القضايا التنموية د. حسين الخزاعي لـ"إسلام أون لاين.نت" إن الظروف الاقتصادية الصعبة لبعض الشركات التي لا تستطيع تحمل مزيد من الخسائر أو الأعباء المالية لجأت إلى تشغيل العمالة الأجنبية، وتحديدا الآسيوية وبلدان العالم الفقيرة؛ لأن هذه العمالة توافق على الحصول على أجور أقل من غيرها.
 
ولفت د. الخزاعي النظر إلى أن ما يغري أرباب العمل لتشغيل هؤلاء أنها عمالة مطيعة جاءت إلى الخليج حاملة ثقافة التنازل، ولهذا فإنهم يوافقون على العمل بأكثر من مهمة داخل الشركة، ومنها وظائف ليست لها علاقة لما استؤجروا من أجله. وأضاف أن هذا الأمر أثر ويؤثر على العمالة العربية، حيث زادت نسبة البطالة، وأدى ذلك إلى بروز مظاهر اجتماعية لزيادة الفقر، على رأسها التفكك والعنف الأسري وانتشار قضايا النصب والسرقة وغيرهما من القضايا.
 
ولم يعرف مواطنو بلاد الشام والنيل العمال البنغال والهنود إلا في حدود ضيقة، خاصة أن بلدان هذه المنطقة تعاني أساسا من بطالة بين مواطنيها، وهو ما عبر عنه بعفوية المواطن العربي المغترب عندما قال لصديقه: تخيل لو أنه لا يوجد هنود أو بنغال أو أية جنسية آسيوية في الخليج أو على الأقل عددها لا يفوق أعداد المواطنين العرب"، فابتسم صديقه العتيق ممازحا وهو يقول له بلكنة الآسيويين العربية: "أنا ما في خيال صديق".
 
آثار اجتماعية لا سياسية
ويؤكد الخبير الاجتماعي د. الخزاعي أنه في الوقت الذي أدرك فيه الأشقاء الخليجيون منذ زمن ما حمله لهم استقبال العمالة الأجنبية من آثار اجتماعية فإن الآثار الاقتصادية ما زالت خفية.
 
وعارض وجود آثار سياسية على المدى المنظور والمتوسط لهذه العمالة؛ لأن العامل يفكر بالعمل وجلب الرزق دون أن ينخرط في أي من القضايا السياسية، سواء عن عدم اكتراث بها أو خوفا من تعرضه للتسفير من الدولة المضيفة.
 
وهو ما أكده الخبير الاقتصادي أمين عام الحزب الشيوعي الأردني د. منير حمارنة عندما نفى وجود أية آثار سياسية لمضاعفة أعداد العمالة الأجنبية في دول الخليج، وقال لـ"إسلام أون لاين.نت": "إن خشية دول الخليج من التجمعات الأجنبية لديها أقل من خشيتها من التجمعات العربية".
 
وأضاف أن: السبب في تراجع استقطاب العمالة العربية كان الإشباع الذي حصل في الدول الخليجية خلال السنوات الأربع الأخيرة، ولسياسات داخلية خاصة بهذه الدول. غير أن محمد البشير، رئيس جمعية المحاسبين القانونيين في الأردن، توقع أن تشهد دول الخليج وقوع إشكاليات مع الأجانب ذوي الأجور القليلة على هامش ارتفاع أسعار السلع والخدمات، إضافة إلى شعورهم بضرورة تحصيل حقوق مدنية أخرى، وهو ما يعني أنهم قنابل موقوتة ستؤثر على الأنظمة السياسية والاستقرار الاجتماعي لتلك البلدان، كما استبعد وجود أية آثار سياسية إثر التجمع العربي في بلدان دول الخليج.
 
مؤتمرات ومنظمات دون جدوى
وقلل د. حمارنة من جدوى منظمة العمل العربية أو أية لقاءات يجريها وزراء العمل العرب بخصوص ارتفاع أو انخفاض نسب العمالة العربية في بلدان الخليج .
 
وقال: "إنهم يناقشون باجتماعاتهم قضايا عامة، ومثل هذه النسب تحددها سياسات الشركات المختلفة؛ لأن القسم الأكبر من العمالة يعملون في القطاع الخاص".
 
إلا أن رئيس جمعية المحاسبين القانونيين في الأردن محمد البشير قال لـ"إسلام أون لاين.نت": "صحيح أن اجتماع وزراء العمل العرب لم يؤثر في السابق على أوضاع العمالة العربية في دول الخليج، إلا أن باستطاعته أن يؤثر إيجابيا عندما يقف وقفة جادة للتعامل مع هذا الملف"، وأضاف: "كثير من المؤتمرات التي تمت في الفترات الماضية لم تجد نفعا". وفي الوقت الذي بيّن فيه التقرير هشاشة التعاون بين الدول العربية أكد البشير أن أهم الحلول لمواجهة الأزمة الاقتصادية أن تكون العمالة العربية أكثر تحررا بين البلدان العربية، بحيث تضيق الحدود أمام العمالة الأجنبية.
 
——————————————————————————–
 
 
صحفي إردني ، ويمكنك التواصل معه عبر البريد الإلكتروني للنطاق namaa@iolteam.com
Exit mobile version