حزب الله … وأحزاب الشيطان(1)
حزب الله … وأحزاب الشيطان(1)
بقلم : زياد ابوشاويش
تتكاثر كالطحالب أبواق النقد غير البناء والهجوم بلا حياء على حزب الله وقائده العربي الشيخ حسن نصر الله في الوقت الذي تصمت ولا تنبس ببنت شفة لمطالبة زعماء آخر زمن بالتململ من أجل عروبتهم وإسلامهم المزعوم،وحرماتنا تنتهك يومياً في القدس وفلسطين والعراق وعشرات المواقع على امتداد الوطن العربي.
ليس الكتاب ممن يتقاضون رواتبهم من أولياء نعمتهم هم المقصودين بمقالي هذا لأنني أقدر أكل العيش ومرارته، وأحترم سعي المرء لإعالة أسرته، وأتفهم أن الصحفي والكاتب سيكون متماهياً مع الصحيفة أو الممول لها من أجل استمرار معاشه، كما أتفهم أن يراعي المرء مكان إقامته فلا يكتب مهاجماً نظام بلد الإقامة بقسوة إلى آخر ما هناك من المحذورات والتدابير التي يتخذها الكاتب لاستمرار بقائه وإن كان بعض هؤلاء لا يستحقون الاحترام أو حتى التفهم، لكن أغلبهم يعرفون ويحرفون وآخرين لا يعرفون ويحرفون أيضاً.
المشكلة التي تواجه الكاتب الجاد والنزيه وخاصة المحايد الذي لا ينتمي لهذا الفصيل أو ذاك أنه يتعرض للهجوم والذم من أطراف متناقضة يمكن فهم مواقفها باعتبارها ملتزمة بالفصيل أو مقتنعة بالموقف السياسي الفكري هنا وفي الطرف الآخر…هؤلاء ليس لنا معهم مشكلة حيث لا فائدة من الجدل معهم فهم من جماعة " عنزة ولو طارت " طالما قال ذلك معلمهم الكبير.
وفي التجربة الحسية تعرضنا لهجوم من محازبي ومؤيدي حركة حماس حين انتقدنا قيام حماس بالحسم العسكري في غزة وما أعقب ذلك من ممارسات خاطئة، وقبلها وبعدها تعرضنا لهجوم ونقد حاد من محازبي وأنصار حركة فتح على نقدنا لفساد السلطة وتحرشاتها وافتعالها المشاكل مع حماس مثل نقدنا لاستغلال النفوذ للإثراء وخلافه. ومن الطبيعي أن يصبر المرء على مثل هذا الهجوم كونه يأتي من كتاب أو معقبين لا يتمتعوا بصفة رسمية وليسوا ناطقين باسم تنظيماتهم ذلك أن من ذكرت أذكى من أن يهاجموا موقفاً يتسم بالموضوعية ويرتكز على الحقائق وليس لصاحبه غرض أو هوى شخصي من وراء هذا الرأي.
المشكلة كلها والإزعاج كله يتمركز في بعض الكتاب والمعقبين الذين يعتقدون أنهم أكثر وعياً من غيرهم، وأنهم أكثر إيماناً وأتقى من غيرهم، كما يغيظك أن تسمع واحداً من هؤلاء يصفك بالساذج أو حتى الأهبل لأنك لا ترى حزب الله وقائده من ذات العين، ويطالبك أن تنضم لحزبه الشيطاني في الهجوم على حزب الله مرتكزاً لتهمتين مملتين تكرران على لسان أمريكا وإسرائيل كما على ألسنة أحزاب الشيطان المنتشرة بكثرة هذه الأيام على صفحات جرائدنا ومواقعنا الالكترونية في طول الوطن العربي وعرضه.
هاتان التهمتان ترتبط أحدها بالمعتقد الديني للحزب باعتبار أغلبيته من المسلمين الشيعة وبالتالي الحكم بفساد المذهب وحكماً فساد الحزب، والتهمة الأخرى الارتباط بإيران سياسياً وتنفيذ إملاءات وتوجهات إيران من جانب حزب الله دون النظر لمصلحة الأمة العربية أو حتى القضية الفلسطينية، وأن تقوية النفوذ الإيراني في المنطقة هو الأولوية لدى حزب الله وزعيمه وليس الدفاع عن الحق العربي أو الشعب الفلسطيني المظلوم.
طبعاً تحت هذين العنوانين يتبحر هؤلاء في تشويه صورة الحزب وزعيمه على خلفية أنه يقوم بحبك المؤامرات ويتآمر من تحت الطاولة على مصلحة الإسلام والمسلمين السنة!
يصل الأمر حد السفه عندما يستغفلنا هؤلاء القوم فيظنوا أن من يكتب مدافعاً عن الحزب ومواقفه العربية الأصيلة وعن نضاله ضد العدو الصهيوني وعن انتصاره البين والمعترف به من قبل ذات العدو، وعن نبل أخلاق وتربية الحزب لأعضائه ومحازبيه والتزامهم حدود الشريعة وانضباطهم الشديد لأوامر قيادتهم احتراماً وقناعة تصل حد الذهاب للشهادة والموت في سبيل الله وفلسطين بنفس راضية وقناع
ة عقلية لا تشوبها شائبة، نقول يصل الأمر حد السفه حين يتهمنا هؤلاء بأننا عملاء لإيران أو صفويين أو نتلقى معونة من السيد حسن نصر الله أو من حزبه المجاهد رغم معرفتهم بخطل وحماقة هذا القول وبفساد هذا النقد.
يتلذذ هؤلاء في شتم الرجل العربي الوحيد الذي حفظ لهم بعض كرامتهم الضائعة والمبددة على يد من يناصروهم من أحزاب الشيطان وأكثر من ذلك يتعمدون اختلاق قصص مذهبية وكثيراً منها بدون وعي أو دراية بما يهرفون به على هذا الصعيد، فحين تقول لأحدهم أن مصر كانت ذات يوم بأغلبية شيعية، وأن ذلك تغير في عهد صلاح الدين الأيوبي بالقوة يرد أحدهم أنني أجدف ولا أعرف التاريخ بل أكثر أنني لا أحب وأحترم القائد المسلم الذي حرر القدس من الصليبيين وأنني أتحامل عليه، وواضح أن هؤلاء لا يفرقون بين حقائق التاريخ والرأي الخاص للكاتب أو احتراماً لوجدانه العربي والإسلامي بالحد الأدنى.
أكثر من هذا يقوم بعضهم بتكفيرنا وتكفير حزب الله تحت ذات العنوان المذهبي المقيت واتخاذ موقف عدائي يخدم بالمحصلة مخططات أمريكا وإسرائيل في المنطقة، ودعونا نتصور أن حزب الله وفصائل المقاومة انتهت واندثرت فمن ذا الذي سيخيف العدو أو يشاغله بالحد الأدنى إلى أن يغير الله حالنا للأفضل وحتى يتعدل ميزان القوى مع اسرائيل لنحصل على بعض حقوقنا؟ وكما يرى منتقدوا حزب الله فالوضع العربي مؤلم ومستخذي وخيارهم واضح وتغيرات الواقع داخل الكيان لم تحرك فيهم ساكناً فكيف يبررون موقفهم تجاه من يحمل السلاح متحدياً هذا العدو سواء كانوا من الشيعة أو من السنة؟ بل كيف يمكن التعاطي مع المناضلين والقادة والشهداء من المسيحيين الذين قدموا ولا زالوا لفلسطين وللعروبة؟.
إن إدخال المذهب بل وكل المسألة الدينية في الحوار حول قضايانا السياسية ومستقبل المواجهة مع العدو خطأ من حيث المبدأ ويضيع كل الجهد الذي نبذله من أجل وحدة الصف العربي والفلسطيني وليست التقوى أو التقية سوى موقف أخلاقي اجتماعي نادى بها الدين الإسلامي والمسيحي واليهودي وحتى البوذي لمن أراد الفهم (سيتهمنا الجهلة بعدم فهم الفرق بين التقوى والتقية).حزب الله نحترمه لأنه حين قال فعل، وحسن نصر الله نحبه ونحترمه لأنه حين هدد نفذ، وحين وعد صدق، وهو رجل يحفظ الأمانة ولا يفرط بانتمائه العربي أو يتنكر له كما تفعل أحزاب الشيطان ومحازبوها الطحالب.
اليوم يتعرض حزب الله للهجوم على خلفية دعمه لأشقائه في فلسطين ويتهم بالمس بأمن مصر العربية دون أي دليل على ذلك وكل ما يملكون افتراض نية لدى الحزب لفعل ذلك رغم أن الخلية المزعومة تنشط منذ عدة سنوات ولو كان الاتهام صحيحاً لتبينا أثراً ولو بسيطاً لمثل ما يدعون ويزعمون…ربما خالف حزب الله قوانين مصر وكل النظم العربية في سعيه لإيصال الدعم للمقاومة فهل يعتبر هؤلاء الكتاب والمعلقين ذلك جريمة؟ وإن كان هذا جريمة فلماذا يطالبون بها عبر الجولان السوري الذي يبعد كثيراً عن حدود غزة والضفة الغربية والذي يعرف الجميع تعقيداته ؟ إذن هو الكيل بألف مكيال وهو الجهل بالواقع والتنكر لطريق الحق الذي يزعمون الدفاع عنه بهجومهم السفيه على حزب الله وانتقاداتهم الحمقاء لدفاعنا عنه.
إن الدعوة لطريق الحق والصواب يفترض منهجاً عقلياً سوياً لإقناع الناس خاصة إن كان هؤلاء الناس يمتلكون قدراً كبيراً من الثقافة والوعي لتبين الغث من السمين فيما ينشرون ويقولون.
الذي يتصدى للحديث عن المقاومة و(حزب الله رمزها الأبرز في الوطن العربي) عليه أن يدقق كثيراً ويتحرى النزاهة والصدق كي لا يمس مشاعر الناس وعقولها بشكل فظ وغير محترم… وللحديث بقية.
زياد ابوشاويش