د. فايز أبو شمالة
إيران، وتركيا، وإسرائيل ثلاث دول عدوة للحاكم العربي، وسبب هذه العداوة لا يقتصر على كونهم قوى إقليمية صاعدة، متنافسة فيما بينها على بسط النفوذ، أو تقاسم الوجود في بلاد العرب، كما يحسب البعض، فإيران دولة الإسلامية، وقوة إقليمية صاعدة، لها تطلعاتها السياسية، والاقتصادية على حدودها الشرقية، والغربية، ولها طموحها الواسع ولاسيما بعد اتساع حالة القطرية، والفراغ السيادي في المنطقة العربية، وبعد انشغال كل بلد بنفسه، وهمومه الداخلية، وترك الساحة العربية العامة تفتح صدرها لمن أراد أن يرضع حليب شوقها المستباح، أما تركيا؛ فهي الدولة الإسلامية التي كان لها ماضٍ قريب مع بلاد العرب، ولم تفتح لها أبواب الغرب بالكامل رغم وجودها ضمن الحلف الأطلسي، تلتفت إلى الجنوب حيث التمدد الجغرافي، والاقتصادي، والحضور الاستراتيجي، إنه مكان مغرٍ، وفراغ يفتش عمن يشغله، ورغبة كامنة في الحضور، والتأثير، والتاريخ يزيح الستائر، ويفتح النوافذ.
إن كل ما سبق من تطور الدولتين الجارتين لا يبرر العداوة بين الشعب العربي، والشعب التركي، أو الشعب الإيراني، وإنما يفتح باب التعاون، والصداقة، والتكامل بين العرب وجيرانهم المسلمين، لأن الثقافات تلقح بعضها، وتتكاثر المعارف بالاحتكاك المباشر، وتتداخل مصالح الشعوب مع بعضها، وتتطور مع كل اتصال، وتواصل حضاري، وثقافي، وترابط اقتصادي، وتعاون وتنسيق سياسي، ولهم علينا، ولنا عليهم ما نطق فيه المثل العربي: حق الجار على الجار، أو وفق الحديث: المسلم أخو المسلم.
إنما القاسم المشترك في العداوة التي قصدتها، والتي يلتقي عليها هذين الجارين الصديقين؛ تركيا، وإيران، مع دولة "إسرائيل" التي تحتل بلا العرب، وتدوس على كرامتهم، وتدنس مقدساتهم هو: اعتماد الديمقراطية مرتكزاً للحكم، واللجوء للانتخابات البرلمانية كي تحدد مواصفات الحاكم الذي يستمد قوته، وحضوره من إرادة الشعب، وهذه هي رافعة النهوض، والتطور، والتطلع، والحضور للدول الثلاث، وصلب قوتهم، واستقرارهم، وهذا هو مكمن العداء بين الدول الثلاث، وبين حكام العرب الذين لا يعرفون حتى القرن الواحد والعشرين معنى الديمقراطية، ولا يحبون هذه الكلمة، ولا يحبذون سماعها، ولا يحترمون نتائجها حتى لو جاءت من الأراضي الفلسطينية التي يرفرف عليها علم الاحتلال الإسرائيلي وكانت لصالح حركة حماس، فسيضطر حكام العرب للوقوف ضد هذه النتائج، التي جاءت على عكس رغبتهم، وسلوكهم، وسيرة حكمهم، وأسلوب سيطرتهم، ونمط نسج تحالفاتهم التي تحددها مصلحة الحكام، وأولوية عدائهم التي لا تحددها مصالح الشعوب العربية.