أرشيف - غير مصنف
الإعدامات بأيدي (فرق الموت) الشيعية قتلت أكثر من (التفجيرات الانتحارية) للقاعدة
أكدت دراسة علمية جديدة أن "الإعدامات" بأيدي فرق الموت الشيعية، قتلت عدداً أكبر من العراقيين حتى آذار سنة 2008، مما قتله التفجيرات الانتحارية للقاعدة والمتطرفين السُنة. وتكشف الدراسة التي نشرتها مجلة طبية بريطانية متخصصة "خفايا بشعة" لـ"أرقام الموت" التي نجمت عن "النزاع الطائفي" و"عمليات التطهير" التي شهدتها بغداد والكثير من المدن العراقية.
ويقول (كيم غاميل) مراسل وكالة الأسوشييتد برس في بغداد إن عمليات القتل التي تأخذ "شكل الإعدامات" وليس "التفجيرات" التي تحتل العناوين البارزة في نشرات الأخبار، كانت "السبب الرئيس" في قتل المدنيين في حرب العراق، طبقاً لدراسة محلية كُشف عنها هذا الأسبوع.
وأوضح المراسل أن نتائج هذه الدراسة نشرت مؤخراً في الدورية الطبية الأكاديمية "New England Journal of Medicine". مشيرة بذلك الى الطبيعة الطائفية الوحشية للنزاع في العراق، حيث كانت فرق الموت تطوف الشوارع، لتصطاد عناصر "الطائفة المنافسة" على حد تعبير الأسوشييتد برس.
وكشفت الدراسة أن أعداد القتلى المدنيين في العراق تفاوت بشكل واسع. واعتمدت الدراسة على التفاصيل الإحصائية المحفوظة والتي تخص "مشارح المستشفيات"، إضافة الى مجموعة خاصة من المعلومات من بينها المصادر المستعملة من قبل الأجهزة الإعلامية بضمنها تلك التي تصدرها وكالة الأسوشييتد برس.
ويعترف مؤلفو الدراسة أن "بياناتها وتفاصيلها" ليست شاملة، لكنهم يزعمون أن الدراسة تعطي "قياساً موثوقاً" لماهية عمليات القتل التي تعرّض لها العراقيون وكيفياتها خلال السنوات الست الأخيرة. وتميط الدراسة اللثام عن "دليل آخر" لوحشة عمليات التطهير الطائفي، والعنف "الانتقامي" بين الفئات الشيعية والسُنية التي دفعت البلد الى حافة "الحرب الأهلية" قبل أن يتحسّن الوضع منذ ما يقربالسنة ونصف السنة.
ويقول (مايكل سباغات) أحد المساهمين في تأليف الدراسة: ((أعتقد أن الكثير من عمليات الإعدام التي رافقها التعذيب كانت محاولات مؤسسة على فكرة إجبار المواطنين على الرحيل بيوتهم خوفاً من التعذيب والقتل)). وأوضح قوله: ((لقد نشرت عمليات الإعدام الوحشية هذه الرعب في قلوب المواطنين. والكثير منها نفذت بسبب الكراهية أو كعقوبة))!.
وغطـّت الدراسة –كما تقول الأسوشييتد برس- الفترة من 20 آذار 2003 ولغاية 19 آذار سنة 2008، والتي شهدت مقتل 91,358 شخصاً، طبقاً لعدد الجثث المسجلة في مشارح المستشفيات، أو من خلال الوسائل الأخرى. والمجموع الكلي للقتلى المدنيين في العراق يُختلف عليه بشكل واسع، ولكنّ العدد المسجل لدى مجموعة متخصصة مقرها في لندن، يعتبر الحد الأدنى الموثوق. وبعيداً عن تقارير وسائل الإعلام المختلفة، فإن أعداد الجثث في التقارير المستخدمة في العراق تعتمد على إحصائيات المشارح وإدارة المستشفيات، منذ أن بدأت الحرب.
ولقد ركزّ مؤلفو الدراسة على مصرع 60,481 شخصاً في "حوادث محددة" استثناء من قتل العراقيين في موجات طويلة من العنف خلال الغزو الأميركي والحصارات الأميركية لمعقل المتمردين في مدنية الفلوجة سنة 2004. ووجدت الدراسة أن 19,706 من الضحايا أو 33 بالمائة منهم، كانوا قد اختطفوا ثم قتلوا بوسائل "إعدام" مختلفة، وحوالي ثلث هؤلاء ظهرت عليهم علامات التعذيب من مثل الكدمات الحادة، والحروق، والآثار الوحشية لاستخدام "المثاقب الكهربائية" في تعذيب الضحايا. وقارنت الدراسة ذلك مع مقتل 16,922 شخصاً أو ما نسبته 27 بالمائة منهم الذين قتلوا في عمليات التفجير التي كان معظمها "هجمات انتحارية". ويشار الى أن هذه الأرقام جاءت مشابهة لتلك التي سجلتها وكالة الأسوشييتد برس.
وفي الوقت الذي لم تحدّد الجهات المسؤولة عن عمليات القتل هذه –كما تقول الأسوشييتد برس- فإن أشارت الى "فرق الموت" التي أدارتها بشكل واسع ميليشيات شيعية، يعتقد أنها وراء الكثير من الجثث التي مُزّقت بالرصاص والتي كانت تظهر في بالعشرات في شوارع بغداد والمدن الأخرى، وغالباً ما كانت تُلقى من دون أية "تعريف بأصحابها"!. وتقول الوكالة إن "فرق الموت" تلك كانت تطلب الانتقام لمقتل المدنيين الشيعة على أيدي القاعدة، والجماعات السُنيّة المتطرفة الأخرى التي كانت مسؤولة عن التفجيرات الانتحارية وهجمات أخرى.
ويؤكد مؤلفو الدراسة أن ظهور عدد الذين قتلوا بطريقة "الإعدام" قد يكون سببه "استبعاد" أرقام عدد القتلى الذين لم يُحدد نوع السلاح المستخدم في قتلهم، فيما لم تستطع الدراسة تخمين أعداد الأشخاص المفقودين حتى الآن والذين اعتبروا في عُداد القتلى. وعلى الرغم من استمرار عمليات قتل كهذه، فإن عدد الجثث التي يعثر عليها يومياً، قد انخفضت جداً منذ أن استخدمت الجيش الأميركي قوات "السورج" الإضافية أوائل سنة 2007، ووقف إطلاق النار من قبل زعيم الميليشيات الشيعية (مقتدى الصدر) في آب من السنة نفسها.
وتؤكد الدراسة أن انخفاض مستوى العنف، يرجع في أسبابه –جزئياً- ا
لى حقيقة أن الكثير من الأحياء السكنية المختلطة في بغداد كانت قد تعرّضت عملياً لـ "حالة فصل" بعد عمليات التطهير التي بدأتها "فرق الموت". وكانت بغداد قد أصبحت خلال سنوات العنف "متاهة" لجدران الكونكريت الفاصلة، ومزرعة لنقاط التفتيش التي هدفت الى ضمان الأمن في العاصمة.
لى حقيقة أن الكثير من الأحياء السكنية المختلطة في بغداد كانت قد تعرّضت عملياً لـ "حالة فصل" بعد عمليات التطهير التي بدأتها "فرق الموت". وكانت بغداد قد أصبحت خلال سنوات العنف "متاهة" لجدران الكونكريت الفاصلة، ومزرعة لنقاط التفتيش التي هدفت الى ضمان الأمن في العاصمة.
من جانب آخر أكد (مارس غارلاسكو) أحد كبار المحللين العسكريين الأميركان –يعمل مع منظمة مراقبة حقوق الإنسان في نيويورك- أنّ من يتحمل مسؤولية حمامات الدم والعنف الطائفي وجرائم "التمرد" الذي نشب في أعقاب سقوط نظام الرئيس السابق (صدام حسين)، هي إدارة الولايات المتحدة الأميركية التي شرعت في غزو العراق، وهي لا تمتلك إلا "خططاً ضعيفة" لفترة ما بعد الحرب!. وقال: ((لقد عرفنا فيما بعد أن هناك تغييراً كبيراً حدث في إطار سنة 2004 في عدد إصابات المدنيين برصاص القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها، مقارنة بعمليات القتل الناجمة عن التمرد)).
من جانب آخر وجدت الدراسة الجديدة أن 4 بالمائة من الضحايا العراقيين، أو 2,363 قتلوا كنتيجة لعمليات قصف وغارات جوية، والتي كانت تستهدف بشكل متكرر "المتمردين المشتبه بهم" المختفين في البيوت. لكن 46 بالمائة من الضحايا كانوا من النساء، و39 بالمائة من الأطفال. ويحذر من المشاركون في إعداد الدراسة من أن هذه النسب قد "أكبر من حقيقتها" بسبب تقديرات وسائل الإعلام الى تميل الى الإشارة للقتلى من النساء والأطفال.
ويقول المحلل العسكري (غارلاسكو) الذي لم يشارك في هذه الدراسة، إنها تعكس "حقيقة متجهمة". وأوضح أن أعداد قتلى الضربات الجوية في العراق مشابه لعدد مقتل المدنيين في أفغانستان بقنابل تلقي الطائرات. وأوضح قوله: ((على الرغم من أن سلاح الطيران حاسم في المعارك، إلا الأخطاء تؤدي دائماً الى قتل المدنيين الذين يدفعون إثماناً باهظة في حرب)).