دكتور /ناجى صادق شراب
يبدو من متابعة التطورات السياسية المتصاعدة والمتلاحقة فلسطينيا أننا امام نموذجان او خياران قد يتحولان إلى واقع سياسى متجذر يصعب معه الحوار أو أى شكل من أشكال الحلول المطروحة .ولا يبدو أن الخلاف الفلسطينى هو فى الحقيقة خلاف حول برنامجين سياسيين خلافا حقيقيا ، متناقضين أو متعارضين أو غير قابلين للتلاقى ، فخبرة حركات التحرر الوطنى تؤكد ان الخلاف السياسى فى البرامج والرؤى قد يختفى أو يؤجل طالما أن هناك إحتلال ينبغى إزالته والتحرر من قيوده وأعبائه وتبعاته السياسية والإقتصادية والسيادية .ثم بعد التحرر والإستقلال قد نرى خلافات وتناقضات بل وتنازع حول شرعية وهوية الدولة وإرتباطاتها وتحالفاتها الإقليمية والدولية ، كما هو الحال فى العديد من النماذج السياسية فى الدول العربية وألإسلامية . وهذه الحالة غير موجوده فلسطينيا ، أو بعبارة أدق الفلسطينيون يبدو أنهم بخلافاتهم قد أجلوا مرحلة إزالة وإنهاء الإحتلال ، وشرعوا فى ممارسة مرحلة الإستقلال والبناء السياسى حتى قبل إستكمال إستقلالهم ، ولذلك هذا الخلاف حول هوية الدولة والحكومة هل هى علمانية وطنية أم إسلامية . ولذلك نحن أمام نموذج معقد ومتشابك ، ولم يسبق أن تم التعامل معه فى كل نماذج التحرر الوطنى . وقد يتساءل البعض ويجادل ألا يوجد تناقض بين خيار المقاومة وخيار التفاوض ؟ والإجابة باتأكيد بالنفى ، لأن خيار المقاومة إذا ما وظف توظيفا صحيا تصبح أحد أهم عناصر القوة المتاحة فى يد المفاوض الفلسطينى ، ومن ناحية أخرى اليست ألأهداف السياسية للمقاومة والتفاوض واحده ، بتقيدا كل منهما بالثوابت والمصلحة الوطنية والتى فى مقدمتها قيام الدولة الفلسطينية المستقله بعاصمتها القدس وبسيادتها على أرضها . وعليه لعل الخطأ الذى وقع فيه الفلسطينيون من وراء توقيع إتفاقات أوسلو وغيرها أنهم قد إختزلوا مرحلة الإحتلال فى مرحلة البناء السياسى ، أو أنهم على أضعف تقدير لم يحسنوا توظيف الثانية فى إنهاء الإحتلال . هذه هى المعادلة التى لم يحسن أحد فى فهمها وإستيعابها ، وهذه الحالة هى التى تفسر لنا كل عناصر المشهد السياسى الفلسطينى بكل أشكاله التفاعلية التعاونية أو التصادمية أو التنازعية حول شرعية أو أحقية كل من المقاومة والمفاوضات ، على الرغم من تلازم الخياران معا بسبب طبيعة الصراع العربى الإسرائيلى وبسبب تعقد مكونات القضية الفلسطينية ، فليست كل عناصر القضية قد تقتضى خيار المقاومة . والمعضلة الثانيةأن الفلسطينيين وحتى ألأن وبكل خياراتهم القائمه لم ينجحوا فى بناء النموذج السياسى المؤسساتى القادر أولا على إنهاء ألإحتلال ، والقادر ثانية على دعم وتقوية الموقف التفاوضى الفلسطينى ، وقد لا أبالغ إذا ذهبت بالقول وأن أحد أسباب ضعف الموقف التفاوضى ليس فقط المرجعية الهائلة من القرارات الدولية الداعمة للموقف والحق الفلسطينى ، بل ضعف البناء السياسى الفلسطينى وأخيرا حالة ألإنقسام السياسى وإنقسام هذا البناء السياسى إلى سلطات تنظيمية أكثر منها حكومية أو سلطوية رسمية . إذن المعضلة الفلسطينية هذه المرة هى معضلة فلسطينية بكل عناصرها وأطرافها ومحتواها ، وإن كانت العوامل الخارجية تلعب دورا مؤثرا فى كل تفاعلاتها ، ومحصلتها النهائية . وبعد أكثر من عامين على سيطرة حماس على غزه ، لم يعد الخلاف خلافا حول مقاومة أو مفاوضات ، بل قد توظف هذه المرجعيات لدعم كل طرف ، فى الوقت الذى لا يمكن تجزأة الخيارات الفلسطينية ، وهكذا لم تعد حالة الإنقسام مجرد حالة إنقسام أو خلاف سياسى حول قضايا معينه . لأننى كما أشرت الخيارات المتاحة فلسطينيا يصعب معها تحقيق ملف أو حتى إدارة ملف إنهاء الإحتلال . ومن ثم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة . وفى هذا السياق وهذا الفهم للحالة الفسطينية وفى ظل عدم وصول المتحاورين إلى وضع الحلول والخيارات البديلة لحالة الإنقسام ، أننا قد نكون أمام نموذجان أو خياران للحل وأطرح هذه الخيارات بعيدا عن خيار العقلانية ، الخيار ألأول الحفاظ على حالة ألأمر الواقع وتحويل الإنقسام إلى خيار وبالتالى إستبدال كلمة الإنقسام إلى حالة سياسية قائمه ، مع تصور شكل من أشكال التنسيق والتعاون بين النموذج الغزاوى الذى تحكمه حماس والنموذج الضفاوى الذى تحكمه فتح ، من منطلق أن قطاع غزه قد خرجت منه إسرائيل ، وهنا يمكن تصور الحديث عن أشكال من الكونفدرالية غير الواقعية ، والحديث عن هذا الخيار يأتى قى سياق أن الفلسطينيين يتصرفون وكان ألإحتلال قد إنتهى ، هذا الخيار يلزم لإستمراره تهدئة طويله مع إسرائيل مما قد يعنى تحول فى مفاهيم المقاومة ، ويحتاج إلى فتح للمعابر وخصوصا معبر رفح ببعده السياسى . ويحتاج أيضا إلى شكل من أشكال التهادن مع النظم أألإقليمية وخصوصا مصر ،. خطورة هذا الحل أنه يعمق حالة الإنقسام ويجعلها خيارا ،إنتظارا لمصير الضفة الغربية ومن قد يسيطر عليها فى المستقبل ، وهذا يعنى تصفية للقضية الفلسطينية ، وإعطاء فرصة ذهبية للحكومة اليمينية فى إسرائيل التى ستوفر الذريعة بانه لا يوجد شريك للسلام أو التفاوض معه ، فى الوقت الذى تعلن فيه إسرائيل على لسان وزير خارجيتها الجديد ليبرمان أن إسرائيل غير مستعده للقبول بدوبة فلسطين وبكل مقررارات مؤتمر أنابوليس .وهذا الخيار لن يقود با
ى حال من ألأحوال لقيام دولة فلسطينية أو حتى لحكم فلسطينى حقيقى . والأخطر من كل ذلك أن قد يشرعن ألإحتلال الإسرائيلى ، ويحول كل محافظات الوطن الفلسطينى إلى مناطق معزوله وليس مستبعدا تصور نماذج على غرار النموذج الغزاوى . هذا الحديث يقود إلى أنه لابديل إلا بخيار وحل إنهاء أألإنقسام السياسى وإعادة بناء كل النظام السياسى الفلسطيى الذى يوفر إطارا سياسيا للتوافق والتعايش والمشاركة السياسية ، ويزاوج ما بين خيار المقاومة وخيار التفاوض وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال خيار إنهاء أألإنقسام السياسى ، والخطوة ألأولى فى ذلك بتشكيل حكومة توافقية تقود لعملية إنتخابية تعيد ترسيخ الشرعية السياسية التى بات الجميع فى حاجة إلى تأكيد شرعيتهم ، وبعدها الكل يتحمل مسؤوليته ، وليس بالضرورة الإنتظار حتى إنتهاء العام الحالى لأنه عندها الكل سيفقد شرعيته ، وعندها إما بتجدبد الشرعية السياسية بالإنتخاب على مستوى الوطن كله ، وإما بإجراء إنتخابات منعزله تعمق حالة ألإنقسام ، ولحظتها نقول وداعا للقضية الفلسطينية ولنضالات الشعب الفلسطينى ، ولتنتظر غزه طويلا إعمار نفسها .
ى حال من ألأحوال لقيام دولة فلسطينية أو حتى لحكم فلسطينى حقيقى . والأخطر من كل ذلك أن قد يشرعن ألإحتلال الإسرائيلى ، ويحول كل محافظات الوطن الفلسطينى إلى مناطق معزوله وليس مستبعدا تصور نماذج على غرار النموذج الغزاوى . هذا الحديث يقود إلى أنه لابديل إلا بخيار وحل إنهاء أألإنقسام السياسى وإعادة بناء كل النظام السياسى الفلسطيى الذى يوفر إطارا سياسيا للتوافق والتعايش والمشاركة السياسية ، ويزاوج ما بين خيار المقاومة وخيار التفاوض وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال خيار إنهاء أألإنقسام السياسى ، والخطوة ألأولى فى ذلك بتشكيل حكومة توافقية تقود لعملية إنتخابية تعيد ترسيخ الشرعية السياسية التى بات الجميع فى حاجة إلى تأكيد شرعيتهم ، وبعدها الكل يتحمل مسؤوليته ، وليس بالضرورة الإنتظار حتى إنتهاء العام الحالى لأنه عندها الكل سيفقد شرعيته ، وعندها إما بتجدبد الشرعية السياسية بالإنتخاب على مستوى الوطن كله ، وإما بإجراء إنتخابات منعزله تعمق حالة ألإنقسام ، ولحظتها نقول وداعا للقضية الفلسطينية ولنضالات الشعب الفلسطينى ، ولتنتظر غزه طويلا إعمار نفسها .
دكتور /ناجى صادق شراب /استاذ العلوم السياسية /غزه