هل جربت أن تنام يوما على حزن..؟؟!!
بقلم : رداد السلامي
هل جربت يوما أن تنام على حزن .. ثم تصحو وحيدا مفرغا ، مكبلا بالغربة ، متهرئ الروح و ممزق؟
و هل جربت أن تنام على حزن و كتابة .. و كان كل حرف منها يقبض ثمنه منك دهرا من سكوت؟
هل تجرعت الحزن ليلا و بجنون .. لتنام إلى الأبد و لا تفيق؟
كنت هكذا البارحة حين سمعت همسا يقول اني لست سوى ناقل كلام ، في إشارة تحتقر وجودي كرجل لم يتناغم مع الخلل المستشري في البلاد ، انكسرت ، وفي الطريق كان يعتلج في أعماقي صراعا مريرا ، من الأسى فلا أسوء من أن تحس ذاتك مخذولا ، وحيدا صادقا غير مصدق ، إن اللحظة التي تغتال عزتك بذاتك هي اللحظة التي يوجهها اليك شخص ما، تحت ممارسة سياسية الكشف الموهومة لنوايا قلبك الصادقة ، وإحساسك الدفين بوطن مدفون تحت أنقاض الحاضر المؤلم .ربما كنت و في حقيقة الحال بحاجة لممارسة الحزن .. بعيدا عمّن يضيّقون عليك الخناق للبكاء دون أن يراك أحد دون أن يعبث الآخرون بخط فلسفاتهم على جدار معاناتك الآيل للسقوط على قلبك لارتكاب الحزن الذي أسداه إليك الوخز الحاد المندلق من أفواه من يريد أن يكسر قدرتك على التفاؤل والحياة بشغف ، كنت هكذا البارحة تأبطت أحزاني و دلفت إلى الغرفة التي ضاقت بكتبي ، وأوراقي المنثورة التي أعيد فهيا ترتيب ما سمعت لأعيد قراءته بتمكن يمكن أن يقودني الى حقيقة غائبة، وأخذت أكتب ، حين ننكسر الشيء الذي يجبر الكسر الكتابة ، ولذلك أجدني ممسكا بقلمي أجس خافق القلب المؤلم ، ونبضه المسكون بالأسى ، ومرارة الخيبة ، لا أجيد فن التمسكن كما يحاول البعض قول ذلك ، فلو تمسكنت لتمكنت منذ زمن ، لكني أجد المسكنة هواية لا يقاربها إلا المسكونين بالمكر ، واعترف أني مسكين بالفطرة ، أقارع بقوة وبصدق انطلق بغريزة صادقة ، أتحدث واكتب بصدق ، وأحاصر وكثيرا ما أرداني صدقي ، وجاءني الكيد من أعز أصدقائي ومن كانوا يوما إخواني…رباه أعوذ بك من شر أصدقائي الطيبون.
تنتقي احزانك بإبداع وتدع الكآبة تمر من كل تفاصيلك ، ينحني رأسك ، ينهمر الدمع من عينيك ، وتتذكر كل خيباتك وفشلك ومراراتك ، كل بؤسك ، تمر خيالات الابتسامات التي وزعت عليك كأنها أوراق خريفية جافة ، يتأكد لك وضعك ، وانك لست سوى رجل يتشابه مع الطفلة المتسولة التي كتبت عنها وهي تكابد ألم الجوع في الجامعة الجديدة ، تلك الوردة الصغيرة التي تكابد الجوع والتشرد ، على أرصفة الخوف ، ورذاذ المطر .
حين يهجرك الناس يسكنك الحزن ، ويتخلى عنك الفرح ، تغدو حياتك بلا معنى ، تريد أن تحيا وتشارك وتشترك في صياغة ملامح غد وطني أجمل ، لكنك تزداد يقينا أن عدد الجياع يزداد كل يوم ، وأن الوطن يتسع لقلة موسعة تتوسع على حساب حياتهم الكريمة ، سيأتي من يحدثك عن الأمل ، وبالتأكيد أنت مليء به ، ملي حد اليقين بان وطنك سيصبح يوما وطن ، لكنه يتوارى خلف هذا الغيم الكثيف من البؤس الذي يحجب عنك التفاؤل ، يضحكون لأنك لم تركع ، او تتخلى عن احترامك لقلمك ، ولم تستسلم لواقعك ، ولم تتحول إلى أداة موت سهلة الاستدراج ، يتهامسون كي يحزنوا قلبك ، كي يكسروك ، وبالفعل انكسرت ، لكنك كل يوم تتعلم فن جديد من فنون القوة الذاتية ، فانكساراتنا مؤهله لأن تجعلنا أقوياء ، والرجال تصنعهم المحن ، ولن يكون المستقبل الا لهؤلاء الجوعي الذي تنتمي إليهم ، لهؤلاء الذين يفترشون طرقات المدينة بشرف وكفاح ، لهذه الطفلة التي تقتل في معركة الخبز والبقاء والتي تشبه عينيها وثيقة سياسية هامة تخفي خلفها تفاصيل وطن سيكون يوما وطن.
إذا ما تسببت بحزني .. فأمنحني حرية أن أبكي و إذا ما أغرقتني .. فدعني أغتسل، ولا ت
نهر دمعي عن التعري و الافتضاح لا تنتزع مني نصف إنسانيتي و أصل فطرتي و لا تربت على قلبي .. فأنت تؤلمه و لا تكترث بشأن سمائي .. حتى لا تغص بك غيماتي فأختنق فليس أبعد نفيا و أكثر وحشة من أن تكون غريبا في وطنك إلا أن تكون غربتك نفسها في غربة
صحفي يمني
[email protected]