لقد فقدنا البوصلة … أين "الريموت كنترول"؟

 

أنقل إلى حضراتكم وحضراتكن سؤال مواطن عربي مسلم:

يتوجه به الى الفئة المثقفة والمتعلمة بهذا الصرح الإنترنتي العربي المسلم على أمل أن يؤخذ بفكر شامل وألاَّ يثير حفيظة أحد. فيقول:
-سمعتُ وقرأتُ كثيراً عن الإسلام أولاً ثم نزلتُ درجةً عن ذلك فقرأتُ وسمعتُ عن السنة والشيعة والخوارج…الخ الخ الخ.
ثم انحدرتُ درجةً لأقرأ أوأسمعَ عن (ودون ترتيب) الزيدية – البهائية – السلفية – الوهابية – المعتزلة – الإثناعشرية الخ الخ الخ، وترنحتُ بين المالكية والشافعية والإباضية …الخ الخ الخ.
وبلغني شيئاً مما قاله ابن تيمية، والحسن البصري…الخ الخ الخ، ثم هويتُ الى الخلافات بين العلامة الفهامة فلان وعلان وبهل بن بهلان، ثم تهالكتُ وتقزَّمتُ وانكمشتُ (من الحرارة) الى أن اختلفتُ مع جاري العزيز الذي أنهكَ نفسه بحثاً وتقليباً في صفحات الفقه وأقوال الأئمة والتابعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين بهمة وجد فقط ليثبت لي أنني لم أتبع السنة، وأنني على ضلال وربما في جهنم وبئس القرار طالما أني لم أرفع سروالي فوق الكعبين، مع أني أخبرته أن كل أهل البلاد يلبسون سراويل تصل أسفل كعب القدم، وليس ذلك عن كبر أو خيلاء يوجب دخول النار…الخ الخ الخ. ولقد كنتُ تمنيّتُ لو أنَّهُ أجهد نفسه وقضّى وقته في إستنباط شيء من الفقه الإسلامي ربما كانت له فائدة تعمُّ المسلمين ولا تخصني.. كأن يبحث في الإقتصاد الإسلامي وأنظمة المرابحة الإسلامية، أو أسلوب حديث لجباية الزكاة و تفعيل هذا الركن بما يعود بالنفع على كل أمة لا إله إلاَّ الله.
لذلك وجدتني أقول:" تعطلت البوصلة، فأين الريموت كنترول؟"
-سمعتُ أن الملحدين احتلوا أفغانستان، وأن الجهاد واجب لطرد الملحدين الأنجاس من بلاد المسلمين، فتطوع من قومي من تطوع وقاتلوا وقُتِلُوا حتى تحررت أخيراً أفغانستان… مع أن بوصلتي العتيقة كانت تقول أن فلسطين أقرب جغرافياً وأقدس مكانة، وأنها أولى بالجهاد. لكنها ضاعت ..
البوصلة أقصد. – فأين الريموت كنترول؟
-سمعتُ عن أسامة بن لادن.. وأنه ملياردير تلقى بعض تعليمه في أمريكا؟، وأن أفغانستان تحررت من براثن الملحدين الروس بفضل المجاهدين العرب والمسلمين الذين تقدَّمُوا جيوش الحلفاء وأنابوا عنهم تقتيلاً وتجريحاً وخسائر ، ولا غرو، فهم يسابقون الى الجهاد والشهادة ، لكننا ادْكرنا بعد أمَّةٍ أن أفغانستان صارت عدواً لأمريكا وحلفائها، وأن هذه الأخيرة صارت عدواً لتلميذها أسامة.و….الخ الخ الخ.
يا إلهي لقد ضاعت البوصلة فأين الريموت كنترول؟
-البوسنة والهرسك ثم الشيشان وفيما بعد كوسوفو… نسارع لنجدة ونصرة إخواننا المسلمين ونطلب ثواب الجهاد من الله على ما بذلناه من مال (نيابة عن دول حلف النيتو، وتغطيةً لنفقاتِ حربها ضد أعداء الإسلام الصرب). قيل أن هذا من باب الجهاد في سبيل الله بالمال!
ترى كم من المسلمين يحتاجون أن نجاهد بأموالنا في سبيل الله من أجل أن نحارب عدواً أخطر يتمثل في الجوع والجهل والمرض الذي يتهدّد إخواننا المسلمين في أفريقيا وآسيا وغيرها.. أم لأن جلودهم ليست شقراء وعيونهم ليست زرقاء يُجِيزُ لنا اسلامنا أن نُصاعرَ لهم الخد، ونعبِسَ ونتولى عنهم؟!
أتراها تحررت فلسطين وأَمِنَتْ العراق إبَّانَ حرب البوسنة وأخواتها وأحنا مش داريين ياقدعان؟!
أين تلك البوصلة اللعينة، بل أين الريموت كنترول؟
 
-يتعين على سلاح المدفعية في البلدان العربية إطلاق 21 طلقة (صوتية) تحيةً لرفاة 21 قمة عربية حتى الآن لم تجتمع على قرار واحد لمصلحة الشعب الممتد من المحيط الهادر الى الخليج الثائر.. و "كل حزب بما لديهم فرحون".. غير أنَّهُ – والحق يقال- أنَّ الشئ الوحيد الذي يتمُّ الإتفاق عليه في كل الإجتماعات الوزارية للجامعة العربية هو أن كافة بنود إجتماعات وزراء الداخلية والأمن حصرياً يتم إقرارها بنسبة 200% !! فلمصلحة من وبتوجيه من يتفق هؤلاء الوزراء يا ترى؟ – بل من الذي له مصلحة في بقاء الحكم (عفواً الأمن) مستتباً من المحيط الهادر الى الخليج الثائر؟!
لله ذرُّ تلك البوصلة أين هي؟ وأين هو الريموت كنترول؟
 
-يُسَوِّقُونَ الآن أنَّ عدونا الأخطر في المرحلة القادمة – نحن الشعوب القابعة بين المحيط الهادر والخليج الثائر- هو إيران – علماً بأنَّني سمعتُ وقرأتُ أنَّ الإخوة "الإسرائليين" و ياللعجب يقولون نفس الشيء! سبحان الله..هل هذا -عياذاً بالله – تواردَ خواطرٍ بيننا وبين أحفاد القردة والخنازير -حيث نحن والإسرائليين من أبناء سام بن نوح عليه السلام؟!.. فلنقاتل إذن مع أبناء عمومتنا ضد العدو الإيراني المشترك، وأهوه ..يا بخت من جمّع عدوين في الضلال!. ثمَّ لا شك أن الحرب ستتحّول منذ أيامها الأولى حسب البوصلة المعطوبة الى حرب بين الشيعة والسنة إمتداداً نحو الشرق الى آخر أثر لأقدام محمد بن القاسم الثقفي، وهذه طبعاً ستكون حرباً إسلامية مقدَّسةً يجب أنْ نُعفِيَ منها أبناء العم، ونحمل نحن المسلمين أعبائها البشرية والمادية وأوزارها المجيدة ، بل يجب أن نعطيهم مكافأة التفرج على تطاحننا المذهبي لأن الإسلام ديانتنا ولا شأن لهم بها .. وأهل الديانة أدرى بشعابها.
 
فأين البوصلة يرحمكم الله؟، ثم أين الريموت كنترول يرحمكم الله ؟!
 
-قالوا أن صدام حسين لُقِّبَ بسيفِ العرب ذات مرة وهو يتصدّى للمد الفارسي الخمينائي فهلَّلنا وكبرنا، ثم تبين بعد أنْ وضعت الحرب أوزارها أنَّهُ يمتلكُ أسلحة دمار شاملٍ والعياذ بالله، وهي أسلحةٌ تُهلكُ الحرث والنسل (يااااا دي الفيديحة! ماعندنا مفاعل ديمونة مكفي وموفَّي – بسم الله ما شاء الله! ) وأنَّ سلاح صدام حسين (العراق) خطرٌ مُحْدِقٌ بدول الخليج خاصةً وبالشرق الأوسط وبالكرة الأرضية وبكل ما هبَّ و دبَّ عليها من مخلوقات، والأَهَمُّ هو أنَّهُ كان تكتيـــكياً واستراتيجياً خطرٌ على أبناءِ عمومتنا الإسرائيليين بدليل أنهم ابتدروا قصفَ مفاعلاً في العراق فلحقنا بهم متأخرين كعادتنا وقلنا أن صداماً مجرمٌ وديكتاتور بين تشكيلة من حكام عرب آخرين هم غاية في النبل والدَّعة و الديمقراطية وطائيون كلهم فيما يخصُّ حقوق الإنسان حتى أنَّهم يا رجل يُعطون هذه الحقوق بسخاء الى درجة أن الفائض منها يوزَّعُ على القردة في سجون الإستخبارات العربية.. وها قد صارت العراقُ تنعم بالحرية والديمقراطية والسلام وتعدُّد الأحزاب والآراء.. وتخلّصت من الطاغيه – له من الله ما له.
 
ياقوم.. أين البوصلة؟ وأين الريموت كنترول؟
 
ثم أختم ببشرى سارة لكلِّ إخواني العرب المسلمين.. فلقد سمعتُ وقرأتُ أنَّ دارفور مضطهدة وأنها إقليم يجب أن ينعم بالحرية والديمقراطية و الحكم الذاتي وفقأ لأحدث المواصفات الدولية الفاخرة الحائزة على "الأيزو" في الولايات المتحدة وأوربا، علماً بأن مواطني دارفور مسلمون مثل غالبية جيرانهم.. ويقولون أيضاً أن الأمازيغ المسلمين وغير المسلمين في غرب الوطن العربي مضطهدون، ولا بد لهم أن ينعموا بحكم ذاتي أيضاً وأن تكون لهم دولة إباضية المذهب، مبرأةٌ ومطهرة من الجنس العربي النجس. ( إحياءاً لمحاكم التطهير في أسبانيا والتي أنشئت بعد طرد العرب السلمين منها)،.. وسيتم التعامل مع هذه المفاجاءات السارة الموقوتة بعد الإنتهاء من الملف الإيراني وربما الباكستاني المسلم والذي يضمُّ سلاحاً نووياً يشكِّلُ خطراً على أبناء العم.، لكن زر الريموت كنترول الذي سيعرض عليكم هذه المشاهد والمفاجاءات مازال لم يأت عليه الدور ليريكم الأحداث على الهواء مباشرة، ومن أجل متعتكم، وكبديل عن أفلام الإثارة في الإم بي سي أكشن، والإم بي سي تو، وفوكس وأخواتها،… الخ الخ الخ.
فلِّله ذرُّكمُ وذرُّ أبيكمُ – أين البوصلة؟… أين الريموت كنترول؟
 
وبالمرة أسأل:
متى ستقيم الشعوب الإسلامية صلاة الغائب على شعوب الأمة العربية؟
أسائلكم فقط لأنَّه عندها لن أكون بحاجة الى البوصلة أو السؤال عن الريموت كنترول.
 
——————-
 
عفواً – للناطقين بغير العربية:
الريموت كنترول = جهاز التحكم عن بعد <<< (فقط للتأكيد على أن البوصلة ضاعت)
 
مُشتبه به   زمان الغواية
(الساخر)
Exit mobile version