أرشيف - غير مصنف

القمع يطال المفكرين والمقاومين في الضفة المحتلة

بقلم : فارس عبد الله*

حالة القمع المستشرية في الضفة المحتلة تطال الجميع , ولم يعد الحال قاصر على فصيل بعينه , بل شملت حالة القمع ما يمكن تسميته بوتقة المقاومة فكرياً وإعلاميا وجماهيرياً واتسعت لتشمل ,أصحاب الرأي والفكر المحسوبين على تيار المقاومة , وتمثل ذلك في اعتقال البروفسور عبد الستار قاسم المحاضر في جامعة النجاح ورجال الصحافة وعرف منهم الصحفي مصطفي صبري نائب رئيس بلدية قلقيلية المنتخب والصحفي مراد أبو البهاء من رام الله ولا يخجل أن يسارع بعض أقطاب سلطة التنسيق الأمني بالقول أن هذه الاعتقالات ليست ذات أبعاد سياسية , هل القي القبض على الدكتور قاسم متلبساً , وهو في حالة تنسيق أمني مع الاحتلال الصهيوني على حواجز نابلس حتى يتم اعتقاله ؟! أم هل القي القبض عليه الصحفي صبري بتهمة إغلاق ملفات التحقيق في قضية سماسرة بيع الأرض في القدس المحتل للصهاينة ؟! .
ما يحدث في الضفة المحتلة من استهداف ممنهج لفكرة المقاومة , والاستمراء في نشر ثقافة التطبيع والتنسيق الأمني , مع غياب البدائل الوطنية مع استبعاد التشكيك الذي لن يستمر طويلاً بوطنية أصحاب تيار التسوية , بعد سقوط حل الدولتين وإضافة الاشتراطات المسبقة من قبل نتانياهو , للتكرم على سلطة رام الله بفتح باب المفاوضات السياسية , بالاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني عربياً وفلسطينياً , مع اعتقادي الجازم بأن النظام العربي الرسمي ومن ضمنه سلطة التنسيق الأمني , قد اعترف مسبقاً بيهودية الدولة في تنازل مخجل على حق العودة مع تعريض لأهلنا في الداخل لمحاولات التهجير, وما تصريح السيد أبو مازن بأنه لا يمكن عودة خمسة ملايين لاجئ لان ذلك يعني أن "إسرائيل" سوف تنهار وهذا غير معقول كما قال لصحيفة هآرتس 12/9/2008م , إلا في سياق القبول بيهودية الدولة ,هذه الحالة التي لا تستقيم مع الفهم الوطني للقضية التي تتلخص في كلمتين احتلال وتحرر , ولا يمكن استيعاب المشهد السابق المشوه سياسياً وامنياً في الضفة المحتلة , فلا يعقل القبول بانسداد الأفق السياسي في مسار التسوية مع استمرار برنامج خارطة الطريق الأمني في قمع المقاومة والتضييق على المجاهدين.
بيان حركة الجهاد الإسلامي بتاريخ 21/4/2009م يكشف ,عن حملة مستمرة منذ زمن تستهدفهم في مدن الضفة المختلفة ,خاصة طولكرم وجنين والتي تعتبر من أهم معاقل الجهاد الإسلامي , وكانت تعتقد أنها بمعزل عن الخلاف السياسي , بين قطبي البرنامجين " المقاومة , التسوية" على الساحة الفلسطينية , وترى في الخلاف الدائر هو حول اقتسام السلطة بين حركتي فتح وحماس , حتى أن قيادات الجهاد لم تتحدث كثيراً عن حالات القمع التي تتعرض لها عناصر الجهاد وقياداته في الضفة ,على أمل أن تحل هذه الأمور باعتبارها خارج سياق التجاذبات السياسية الداخلية , ومع ازدياد حالة القمع للمقاومة ,ومحاولات سحب السلاح من فصائل المقاومة , بل وصل الأمر إلى التحقيق في قضايا العمل الطلابي والاجتماعي للجهاد الإسلامي , باعتباره ذو بعد أمني يكشف حقيقة دور هذه الأجهزة الأمنية في استهداف المقاومة !!.
قد يظن البعض أن الأوضاع في الضفة , قد استقامت إلى ناحية مشروع السلطة القائم على استبعاد المقاومة , كأحد برامج الشعوب المحتلة , التجارب المختلفة للشعوب التي خضعت للاحتلال , تقول أن المحتل لا يمكن أن يسلم بالحقوق , إلا بقوة المقاومة وإصرارها واستمراريتها من قبل الشعب المحتل , ولن يكتب استقلال لشعب ما إلا بالدماء النازف من عمق إصراره بالحياة الحرة الكريمة , والشعب الفلسطيني ليس بدعا من الشعوب وحركته الوطنية قامت على المقاومة والقتال , وما حدث من زيغ عن برنامجها الأساس يجب أن يتم تقويمه ولو بحد السيوف , أن لم يكن بالمراجعات والتقييم الحقيقي , لمسيرة النضال الوطني , وأثار الانزلاق في مستنقع التسوية , على وحدة الشعب ومقاومته , وهنا نأمل أن يستنهض الجسم الفتحاوي , لإعادة الاعتبار للحركة الأم واعتماد خيار المقاومة قولاً وفعلاً واحتضان المقاومين ودعمهم , ورفض مسيرة المفاوضات العبثية مع الكيان الصهيوني , وأن استعادة العنفوان لحركة فتح , مرهون بالمقاومة والتمسك بها , فالعدو ليس حماس ومحاولات البعض من القيادات السلطوية , توجيه بوصلة العداء داخلياً لها أهدافها الخبيثة في ضياع القضية , والقبول بسلطة ذليلة وتابعة للمحتل , ولن يتحقق لنا نصراً إلا بالوحدة الواضحة المعالم ذات أهداف وطنية خالصة.
كاتب وباحث فلسطيني
 

زر الذهاب إلى الأعلى