تعمل "وحدة سرية" أميركية تسمى "قوة خلية الارتباط الستراتيجي" على إقناع جنرالات حزب البعث بالتعاون مع رئيس الوزراء (نوري المالكي). وكشفت صحيفة النيويورك تايمز أن مسؤولين في هذه الوحدة، زاروا عمان فعلا واتصلوا بالفريق الركن (رعد مجيد الحمداني) خلال الأيام القليلة الماضية –وبالتحديد يوم 18 الحالي- إلا أنه رفض التفاعل مع هذه المهمة، قائلاً إنّه أهمل "المصالحة الوطنية"، فيما قال (سام داغير) مراسل الصحيفة إن الفئات الشيعية قد اتهمت (المالكي) بمحاولة إعادة البعثيين "بالجملة" الى السلطة، مقابل الاستناد إليهم في تدعيم موقفه، استعداداً للانتخابات البرلمانية نهاية السنة.
وإذ تشير الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء لا يتحمّل "العزلة" عن زملائه الشيعة، وهو موقف مرتبط بملاكات حزبه الحاكم "حزب الدعوة"، يقول (أحمد الجلبي) السياسي الشيعي الذي كان أول المدافعين عما يسمّيه "تطهير العراق من البعث"، قد وصف (المالكي) بأنه ربما يكون "واقعياً" في موقفه من البعثيين السابقين، إلا أنه في الحقيقة يكره كل ما له علاقة بـ"حزب البعث"!. وترى النيويورك تايمز أن سنة مرّت من دون أن تحقق المصالحة الوطنية أية خطوة جادة، تنعكس على كامل العملية السياسية في العراق. وقالت إن المالكي هرب من "الوعود بمصالحة البعثيين السابقين" الى الخضوع لضغوط "شركائه الشيعة" المتشددين.
ومن جانب آخر أكدت شبكة التحليلات السياسية "تروث أوت" أنّ التهديدات الطائفية عادت الى الواجهة من جديد، مشيرة الى أنْ القوات الأمنية الحكومية لن تستطيع التخلص من هجمات القاعدة، لأنها لا تعرف أين تجدها، وشدّدت على أنّ "سر" الهجمات المسلحة الأخيرة "تحت أيدي مسلحي "أبناء العراق". وثمة وجهة نظر تضمنها تحليل سياسي نشرته شبكة "تروث أوت" الأميركية تقول إن هجمات العنف الأخيرة في العراق، نتيجة مباشرة لـ"ترك الأميركان قوات الصحوة بيد الحكومة" ولـ"تردّد واشنطن في إيقاف المالكي عن الاستمرار في سياساته لحرمان حقوق هذه المجموعة الكبيرة من المقاتلين السُنة". ويرى المحلل السياسي في الشبكة أنّ رجال الصحوة كانوا –وهم يؤدون واجباتهم بحرص ومتابعة وبالتزام مع القوات الأميركية والقوات الأمنية الحكومية- يعرفون كل المسارات الخفية والأساليب التي ينشط بها عناصر القاعدة.
ونظر محللون سياسيون في واشنطن الى أن الزيارة المفاجئة لوزيرة الخارجية الأميركية (هيلاري كلنتون) الى بغداد على أنها مرتبطة بالضغط على حكومة (المالكي) لاتخاذ خطوات جريئة باتجاه المصالحة، وهي في الوقت نفسه مؤشر مهم على "خطورة" الموقف الأمني في العراق بعد اتساع نطاق الهجمات الانتحارية.