أرشيف - غير مصنف
رسائل من مجهول
بقلم : ميساء البشيتي
ضربة في الرمل وأخرى في الهواء .. خطى مهترئة ترحل على رصيف مجهول .. حقيبة ملأى بذكريات مشوهة لن ترى في يوم ٍ النور ..
أقدام خائفة ..أفكار زائغة وقلب من حديد .. صاحت فيك السماء : كفاك إحتراقا ً .. أمطار هذا الشتاء لن تخمد منك النيران .. لن تطفىء هذا الحريق .
لا تتسكع قرب الموانيء .. لا تستجديها الوصال .. ما عادت البحار تنجب عرائسا ً .. ما عادت تهدي عاشقينها أوطانا ً .. ما عاد مصباح علاء الدين ينتفض لرغباتك .. تاه منه علاْء الدين .. أسرته أميرة الظلام وماردُه غاب في سبات عميق .. قد لا يفيق منه قبل قرن ٍ من الزمان .
كم مضى عليك أيها المجهول وأنت تنقش حروف اسمها على أوراق الورد علّ عاصفة مجنونة تحمل إليها يوما ً وشاحا ً من أشعارك ؟
كم مضى عليك وأنت تغزل لها أطواق الياسمين وترسلها في كل صباح على أشرعة المراكب ؟
كم مضى عليك وأنت تنسج قوافيا ً بكماء وتصلي عليها كل ليلة كي تنطق بعد أن أثقل لعق المرار لسانك ؟
ساعة الرمل ليس لها أبواق تدق فتوقظ القلوب النائمة كما تفعل عقارب الوقت .. تلدغ ثم تختفي في الجدار .. وأنت لا تفتأ تحصر الوقت وسنين عمرك في زجاجة وترسلها رسائل حب ٍ بإمضاء " المجهول " علها تصلها في يوم ٍ عبر أوردة المحيطات .
مجهول أنت .. مجهول يجرّ أقداما ً مجهولة .. بخطى مجهولة .. على رصيف مجهول .. ينتظر السماء أن تفصح له عن وطن ٍ
له عنوان !
وشيخ ذليل يكتب لك وصايا مبهمة تخفيها في كوة الجدار وتقرأ عليها بصمتك المعهود منذ ألف عام تعويذة الصباح والمساء .
البحر لن يهديك عروسا ً كي تقرأ لها أوراق الورد ما نظمته لها من أشعار .. المراكب لن تحمل إليك وطنا ً منسيا ً في صحراء منفية يبحث له عن اسم وعن ماء الحياة .. السماء لن تمطر وجوها ً تعيد إليك ذاكرة الأشياء .
ضربة في الرمل وأخرى في الهواء .. لن تحصي أيها المجهول سوى ذرات من الرماد المتطاير في الهواء .