ديلي تليجراف: اقتربت الساعة!!

 

إنفلونزا الخنازير.. التغيّر المناخي.. مجاعات بفعل الأزمات الاقتصادية.. هذه بعض من كوارث متوالية يشهدها العالم رأت صحيفة "ذا ديلي تليجراف" البريطانية أنها خلقت بين البشر ما يُسمى بـ"ثقافة الخوف التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية وجعلت الكثيرين منهم يرون أنها تنذر بنهاية الدنيا واقتراب الساعة".

غير أنها عرضت في المقابل وجهة نظر أخرى ترى أن الحكومات ووسائل الإعلام تضخم وتهول من الكوارث التي تنتاب العالم، لصرف أنظار الرأي العام عن قضايا أخرى.
 
وفي عددها الصادر اليوم السبت، عرّجت الصحيفة في تقرير لها على ما يشغل بال وحديث العالم في الآونة الأخيرة، وخاصة منذ بدء الألفية الثالثة، مشيرة إلى أنه "صار لا يوجد لدى الناس سوى شعور واحد وهو الخوف من كل شيء بل ومن المستقبل، وكأن العالم الدنيوي أوشك على الفناء وأن تلك الكوارث ليست سوى مبشرات اقتراب العالم الأخروي".
 
وبنبرة لم تخل من السخرية، تحدثت الصحيفة عن "ثالوث الخوف" الحالي – "إنفلونزا الخنازير"، التي ظهرت حالات منها في غالبية قارات الأرض، و"التغير المناخي" المتسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض، و"الإرهاب" الذي كان سببًا في اندلاع أكثر من حرب على مدار السنوات الماضية.
 
وأكدت منظمة الصحة العالمية إصابة نحو 331 شخصا على مستوى العالم بمرض إنفلونزا الخنازير الذي ظهر مؤخرا بالمكسيك.
 
وقالت المنظمة الجمعة إنها ستظل في الوقت الراهن عند مستوى تحذيرها الحالي الذي يقل درجة واحدة عن التحذير من وباء كامل.
 
ورفعت منظمة الصحة العالمية درجة الإنذار من الحالة الرابعة إلى الحالة الخامسة على مقياسها لمستويات الأوبئة المؤلف من ست درجات، ما يعني أن العالم بات على شفير تعرضه لوباء بسبب إنفلونزا الخنازير.
 
وتتسم المرحلة الخامسة بانتشار الفيروس بين البشر في بلدين على الأقل في أحد أقاليم منظمة الصحة العالمية.
 
وبعد أن ذكرت الصحيفة البريطانية ذلك الثالوث، استطردت لتضيف خطرًا آخرًا وهو المجاعات التي تهدد كثيرًا من دول العالم، والتي قد يسببها التغيّر المناخي أو الأزمة الاقتصادية التي أثرت على العالم مؤخرًا.
 
ولم تجد الصحيفة البريطانية وصفًا للمناخ السائد في العالم سوى أنه أشبه بـ"أجواء أفلام الرعب"، مشيرة إلى أن الشعوب "أدمنت الخوف وتعودت عليه حتى أصبح جزءًا من حياتهم اليومية، وأن المواطنين ما عادوا بحاجة للذهاب إلى دور السينما ودفع مبالغ في شراء تذاكر لمشاهدة أفلام الرعب، فيكفي أن نفتح التلفاز ونشاهد الأخبار كل يوم.. فيلم رعب متجدد دائمًا".
 
ومضت الصحيفة في تقريرها قائلة: "في التلفاز هناك الحديث عن كوارث تشمل زلازل وفيضانات وبراكين وارتفاع درجات حرارة، وأمراض عديدة، إنفلونزا طيور وخنازير وسارس وجمرات خبيثة، إرهاب وتفجيرات واغتيالات وحروب عديدة.. لن تشعر بالملل معها أبدًا!!".
 
بداية النهاية
 
ولفتت الصحيفة إلى أن الناس صار لديهم تفكير بأن ذلك علامة على انتهاء كل شيء، فمن الذي من الممكن أن ينجو في ظل كل تلك الأزمات المتسارعة؟ وتشير إلى أن "ذلك الاعتقاد قد هيمن على عقول الكثيرين وأن المسألة ليست سوى مسألة وقت فقط من وجهة نظرهم، لأن الأمر قد بدأ".
 
وتجلى ذلك الاعتقاد –تقول ديلي تليجراف- حين بدأت إنفلونزا الخنازير تنتشر وتظهر في دولة تلو الأخرى "فالبعض أخذ يتساءل: هل من الممكن أن يُخطئنا الفيروس وتمر الأزمة بسلام؟ لكنهم ما إن تنتعش الآمال لديهم بأنهم قد ينجون، حتى يظهر لهم شبح التغيّر المناخي الذي تفشل الدول باستمرار في وضع حل له، فيخافون من تأثيرات درجات الحرارة عليهم وذوبان جبال وأنهار الجليد المتجمدة" ما سيسبب الفيضانات المروعة.
 
"وحين يفكر البعض الآخر في أنه ربما كان بعيدًا عن تأثيرات التغيّر المناخي، حيث إنهم ليسوا في جزيرة وسط محيط أو ربما قد يتكيفون مع الوضع، ومن ثم تبدد المخاوف، لكن تتسارع إلى أذهانهم العمليات الإرهابية وأنهم ربما يكونون ضحية لقنبلة هنا أو هناك أو ربما يسقط عليهم مبنى جراء اصطدام طائرة به كما حدث في تفجيرات برج التجارة العالمي في الولايات المتحدة مطلع الألفية الجارية"، تلفت الصحيفة.
 
وبالرغم من أن التعزيزات الأمنية في بعض من دول العالم، وخاصة العالم المتقدم، تعطي البعض شعورًا بالأمن من الإرهاب ومحاولاته، فإنه يخشى أيضا من الموت جوعًا بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي أثرت على اقتصاديات ضخمة، "فربما لن يوجد غذاء في يوم ما"، بحسب تعبير الصحيفة اللندنية.
 
تضخيم ومبالغات
 
وعلى الجانب المقابل، عرضت الصحيفة وجهات نظر ترى أن "الأخطار المحدقة بنا والتي أصابت العالم بالرعب ليست سوى مبالغات، الهدف منها إلهاء الناس وأن التجارب في الماضي كفيلة لتؤكد لنا الأمر".
 
ودللت على صدق كلامها بقولها: "إن التحذيرات كثيرة والخطر الحقيقي لم يظهر حتى الآن، فليس معنى أن الكثير من الدول توزع ملايين الأقنعة على مواطنيها أن إنفلونزا الخنازير صارت وباءً يحصد الأرواح".
 
ومضت قائلة: "الحكومات هي التي تضخم من الأمور"، معززة رأيها بالقول: "الحكومات الغربية هي التي خلقت من التعصب الإسلامي شبحًا أخافت به شعوبها فجعلتها عجينة ليّنة في يدها تنفذ ما يُطلب منها دون تفكير أو اعتراض!".
 
ليس معنى ذلك أن الحكومات هي التي أوجدت إنفلونزا الخنازير -والكلام للصحيفة البريطانية- لكن الفكرة هو أن "الشخص الخائف يفعل كل ما تطلبه منه".
 
وفي هذا السياق ترى الصحيفة أن الخطر الحقيقي، من وجهة نظرها، هو أن "يظهر خطر بمعنى الكلمة في يوم ما ويتم التعامل معه كأي خطر زائف تعودنا على أن تشغلنا به الحكومات والمؤسسات".
 
الأمر أشبه بـ"قصة الصبي الذي صرخ: الذئب.. الذئب؛ ليشغل الناس بشيء لم يكن له أساس.. والآن يصرخ نفس الصبي: إنفلونزا الخنازير"!!
Exit mobile version