وجوه بهية وسعد وذخائر رفيق الحريري
خضر عواركة
– لم يكن الضباط الأربعة المحررين ملائكة في مناصبهم، ولكنهم تحولوا إلى ملائكة، وإلى زعماء ، وإلى رموز وطنية طاهرة ومطهرة وطوباوية، بمجرد أن سجنوا ظلما وزورا.
هم رموز الحرية والصمود، لأنهم ظلموا و لأن ما عُرض عليهم ليطلق سراحهم مقابل شهادة زور من أي منهم رفضوه وثبتوا على مواقف لم يثبت عليها كثيرون وهم أحرار فكيف بالمسجون الملقى في زنزانة إنفرادية . ذنوب اولئك مغفورة والحساب بدأ على أفعالهم منذ لحظة خروجهم من السجن لا بما سبق.
لا أنا ولا أي لبناني سمع بأن قضية واحدة رفعت من متضرر على اي من الضباط الأربعة ، مع أنهم بقوا في السجن أربع سنوات تقريبا.
الحقيقة هي أن كل ما قام به الضباط الأربعة من مهام ومن تجاوزات إنما فعلوها لصالح نظام كان عماده رفيق الحريري لأكثر من خمسة عشر سنة، وأي إدعاء عليهم لن يطالهم إلا بعد المرور على رفيق الحريري أكبر رموز المرحلة السورية في لبنان .
وزير الدفاع في عصر تواجد الاف بي أي في بيروت كان وزيرا للداخلية هو أو أبيه طوال عقد ونصف من الزمن .
يتحدث أزلام إبن رفيق الحريري عن الوصاية وعن محاربتها !!
شيء مضحك فعلا أن يصل الغباء الطائفي ببعض الناس إلى درجة نسيان صور إحتفال تسليم مفتاح بيروت لغازي كنعان من قبل رفيق الحريري لا من نبيه بري ولا من عمر كرامي .
مفتاح بيروت مقابل ماذا يا سعد الدين ؟
هذه هي السيادة والحرية والإستقلال التي يفهم معانيها سعد الدين وتياره .
على الطريقة الحريرية يجب أن يكرم الضيف بمفتاح، هكذا فعل رفيق حين سلم مفتاح شقته في باريس لصديقه شيراك ومفتاح قصره في جورج سانك لخدام . لهذا سعد الدين حزين الآن. وسبب حزنه لأنه لم يحصل على فرصة تقديم مفتاح بيروت إلى المسؤول الأميركي عن الأمن في السفارة في عوكر ….اللعنة على المعارضة ..هارد لك يا سعد الدين.
لكن الفضيحة مستمرة إذ يتابع الديكتاتوريين من حاملي فكر ثورة الريال والدولار ممارسة ثقافة التلطي خلف جثة رفيق الحريري للقول بأن شعاراتهم الكاذبة، وأن تلفيقاتهم منذ الخامس عشر من شباط – فبراير 2005 كانت تلفيقات شعبية وستستمر !
أي أن إتهام سوريا وحلفائها في لبنان بقتل الحريري هو أمر لا يزال قائما على الرغم من ظهور العكس وعلى رغم قول مدعي عام المحكمة الخاصة برفيق الحريري، بأن لا دليل ولا حجة ولا شعور باطني لديه يجعل من الضباط متهمين أو مشتبه فيهم أو حتى مشمولين بعين المراقبة فيما يخص قتل الحريري.
أصحاب القبر وزعماء تيار الجثث والأموات ليس لديهم قضية إلا إتهام سوريا وحلفائها ، لذا حين سقطت التهمة بالدليل وببراءة الضباط لم يعد لقوى الحرايرة قضية يتحدثون بها ولم يعد لديهم شعار يجمعون به الناس حولهم .
حتى الطائفية سقطت من أيديهم وإنقلبت عليهم ، ليس سعد الحريري ممثلا نموذجيا للطائفة السنية. وها هو التكفيري الجزار خالد ضاهر فرض نفسه زعيما طائفيا في عكار غصبا عن سعد، فإلتجأ إليه الأخير ليضم رجاله إلى لائحة الضاهر الإنتخابية لا العكس .
الأمر نفسه الذي حصل في طرابلس، ولكن مع ممثل آخر للسنة هو نجيب ميقاتي. الذي ترأس لائحة طربلس والتي يشغل رجال الحريري فيها مقعدين من مقاعدها الستة إن نجحوا في الوصول إلى البرلمان .
كان مقتل رفيق إستكمال للهجوم الأميركي على العراق، وكان من المفروض أن يتحول دمه في يد المجتمع الدولي إلى حجة لإجتياح لبنان ثم سوريا. ولكن المقاومة العراقية أنهكت الأميركيين فلم يعد لديهم القدرة على خوض صراع جديد . كما أن التصرف السوري الحكيم بالإنسحاب الشامل من لبنان. متبوعا بالصمود في مواجهة الترهيب والتخويف والتهديدات الأميركية (مع وجود جيوش الأميركيين في العراق). ومن ثم جائت الضربة القاضية للمشروع الأميركي في تموز الفين وستة حين فشلت إسرائيل في إجتياح لبنان .
منذ تلك اللحظة سقطت خطط التلفيق والتزوير فيما يخص قضية إغتيال الحريري ، لأن تزوير وجهة التحقيق كان يجب أن تترافق مع قدرة عسكرية على التحرك على الأرض. أكان أميركيا من العراق بإتجاه سوريا، أم من إسرائيليا بإتجاه لبنان وسوريا، وكلا الأمرين سقطا، فلماذا الإستمرار إذا بإستخدام سيف المحكمة؟
ولهذا إستعمل المدعي العام ملفا حقيقيا للتحقيق ولم يأخذ بالشهادات المزورة.
عاشوراء اللبنانية الخاصة بآل الحريري وصلت إلى حائط مسدود ، فلا المقاومة هربت من مواجهة المؤامرة ولا هزمت في الحرب. ولا الأميركي إستطاع إستكمال الهجمة على بوابة الشرق العربي بالهجوم على سوريا.
ثم سقط بوش ودخلت أميركا في مرحلة التراجع والإنكسار والفشل و لم يعد أمام العزيز جيف فيلتمان ومن خلفه الإدارة الأميركية إلا المسارعة للمهادنة سوريا و إيران لحفظ مصالح الأميركيين.
ما الذي لدى قوى تيار الحريري وحلفائه ليقولوه اليوم ؟
لا شيء… وقد ظهر خوائهم السياسي والفكري ، كل ما عندهم هو الجثة والقبر، ولهذا يكملون بالإتهام نفسه، وعلى قاعدة عنزة ولو طارت .
السنيورة والحريري الصغير والأخت التي تتجول وعظام شقيقها محمولة على صينية أمامها (مثل ذخائر القديسين المسيحيين التي تجوب العالم بغرض التبرك بها) لا ينفكون يسألون السؤال نفسه ويردد خلفهم الببغاوات الذين كل عشرة منهم لا يساوون حذاء رجل مثل رفيق الحريري نفسه لو كان للرجولة مقياس.
" لم يقتل الحريري بالصاعقة ولا إنتحر فكيف قتل ؟ "
سؤالهم الذي يتبعه دوما تجديد الإتهام للضباط ولسوريا هو إدانة وتحقير لشخص ولعمل ولحياة ولأهداف رفيق الحريري .
هؤلاء الذين ينطقون بإسمه عشرات المرات في الخطاب الواحد يعلنون بلا خجل، بان رفيق لا يمكن أن يقتل على يد إسرائيل وأن رفيق ليس له أعداء إلا المقاومة وسوريا !
كنت ولا زلت ضد سياسات رفيق الحريري وضد أفكاره الإقتصادية والإجتماعية والتي حاول فرضها على الشعب اللبناني . بالنسبة لرفيق لم يكن لبنان إلا مشروع إمارة يغضبه من يقف في وجه سلطته المطلقة عليها.
رغم كل تلك الملاحظات الأساسية على السياسات التي مارسها رفيق، إلا أنه كان براغماتيا فيما يتعلق بالمقاومة، فإن لم تتعرض لسلطته ولأهدافه في السيطرة على لبنان فهو معها حتى الرمق الاخير (لها ) والكل يعرف بأن المقاومة لم تلتفت يوما إلى الداخل إلا حين أصبحت إسرائيل تحكم السرايا الحكومي في زمن السنيورة عبر فيلتمان .
رفيق لم يكن يتصرف وفقا لقاعدة الوقوف في المكان الرمادي في موضوع الصراع مع إسرائيل .
رفيق كان له أخطاء كبيرة وخطايا أكبر شاركه في إرتكابها كل الطقم السياسي اللبناني، ولكنه لم يكن يوما مؤيدا لأهداف إسرائيل في لبنان ، (على الأقل ليس بشكل معلن ) كما هو إبنه وفؤاد السنيورة، وكلاهما من الأدوات المعلنة لأميركا ( وربما لغيرها) في تحقيق أهداف إسرائيل في لبنان. زلة لسان سعد الدين في نيويورك كشفته حين أعلن أنه أميركا ساعدتنا خلال حرب تموز . ولما كانت أميركا لم تفعل إلا الضغط لإستمرار العدوان نعرف عندها معنى كلامه وحقيقة موقفه (راجع صحف الثامن والتاسع والعاشر من أكتوبر 2007). ذلك التصريح الذي حاول هاني حمود تخفيف اضراره بنفيه كان قد وصل بالصوت والصورة إلى كافة وسائل الإعلام فأذاعته تلك .
هناك عملاء سريين ، أولئك يخجلوا من عمالتهم للخارج ، بينما السنيورة وسعد الدين لم يخجلوا من إعلان حصولهم على مساعدة أميركية ضد المقاومة في نفس اللحظة التي كانت فيها أميركا منهمكة في مساعدة جيش إسرائيل على إستكمال مجازره ضد اللبنانيين(2006) وضد الفلسطينيين (2009). (فؤاد السينورة شكر الوزيرة رايس على صبرها صحف بيروت يوم الـ 21 أكتوبر 2006 ذكره النائب رعد في رده على السنيورة) وسعد الدين قال في السادس عشر من تموز سنحاسب من إفتعل الحرب وتسبب بها (عكاظ السعودية وصحف بيروت.)
الوزير شطح كان ناطقا بإسم فؤاد السينورة وهو ظهر قبل ثلاثة أيام من نهاية حرب تموز ليعلن من على شاشة السي أن أن بأنه يشكر بإسم الحكومة اللبنانية ما قامت الوزيرة رايس لأنها سعت لوقف إطلاق نار دائم فردت عليه المذيعة ولكن كان يمكنها أن توقف إطلاق النار وتمنع سقوط مزيد من الضحايا منذ اليوم الأول للحرب فرد شطح بإسم السنيورة مكررا شكره لرايس لأنها أرادت حلا نهائيا للسلاح الغير شرعي في جنوب لبنان !!
اليوم في الثالث من أبريل – نيسان أعلنت وكالات الأنباء بأن نتنياهو سينسحب من قرية الغجر اللبنانية المحتلة لكي يدعموا بإنسحابهم موقف فؤاد السنيورة وتيار الحريري في الإنتخابات النيابية القادمة !
رفيق الحريري لم يلغي إحتفال اللبنانيين رسميا بيوم التحرير في الخامس والعشرين من أيار، السنيورة وسعد الدين فعلوا .
هؤلاء هم أصحاب القبر وهذه هي بعض قليل جدا من مواقفهم لصالح إسرائيل ، فهل كان لرفيق وقاحة هؤلاء في العداء لشعب لبنان بإسم شعب لبنان !
حين يتحدث بعض المرفوعين على قبر رفيق الحريري عن عهد الوصاية فمن هو رمز ذاك العهد ؟ اليس رفيق الحريري أولا ثم وليد جنبلاط مع رموز آخرين ؟
بهية تسأل هل مات بصاعقة ؟
سعد يسخر من أبيه ويقول بأنه لم يقتل بصاعقة ؟
السنيورة يتعلم بسرعة فردد ما قالته بهية وسعد الدين ..
وتسائلوا جميعا عمن يمكن أن يحصل على الفي كيلو غرام من المتفجرات في ظل السيطرة السورية – اللبنانية في بيروت !
رفيق لم يقتل بصاعقة بل قتله إنتحاري فما هي جنسية ذاك الفطيس ؟ الم يؤكد المحققون أنه سعودي ؟
رفيق مات بإنفجار يزيد مرتين عن قوة الإنفجار الذي ضرب به التكفيريون العاصمة السورية دمشق في نهاية العام 2008
من يستطيع أيصال تلك الكمية إلى العاصمة السورية ومن يستطيع إيصال عشرات الأطنان من الأسلحة والمتفجرات إلى داخل السعودية ؟
إسرائيل قتلت أيلي حبيقة وقتلت قادة مقاومين في لبنان فلماذا الإصرار على أن رفيق لم يكن بالنسبة لإسرائيل هدفا يستحق النيل منه في لحظة سياسية معينة ؟
يستمرون في إتهام سوريا والضباط ، لأن لحظة توقفهم عن فعل ذلك تعني لهم الصمت ، فإلتزامهم مع الأميركي يفرض عليهم الصلح الغير معلن والود الغير معلن بينهم وبين إسرائيل .
وأما إستبعادهم لفرضية التكفيريين فلأن قوى التكفير في لبنان هي عماد نشاطاتهم الشعبية .
الصمت هو الخيار وإلا فلا خيار سوى الإستمرار بمعزوفة " هي عنزة حتى ولو طارت"