أرشيف - غير مصنف

عظم الله اجركم

 

عظم الله أجركم

عمــاد عــودة                                                 Imad Odeh
كان شعاع الشمس المتعب يدب متثاقلا خلف تابوت ثقيل تحملة أكتاف أضناها الجوع والحصار بعد الموت الزؤام في غزة , كل الرايات والأعلام أبت ان تلف ذلك التابوت فلفتة مهابة الموت وسكون الحياة وصمتها في بلد يشكو وحشة الحصار , في أول الركب شيخ رسمت ملامحه الأيام بقسوة وأرخت على وجهه لحية يغزوها الشيب من كل اتجاه وفي عينية الم وعتب ودموع .
الميت ثقيل والأكتاف نحيلة والقبر بعيد المنال , الأرض تأبى دفن ميتنا الا بئر الآثام , هذا بئر يعرفة كل الخطائون من أهل الكبائر والشعارات والمفاوضات , على عجلة من امرة اشار الشيخ على الركب أن القوا حمولتكم قبل المغيب , فالقى الجمع ما على الأكتاف وهرولوا بعيدا من شدة العنت ورائحة الجثمان التي تزكم الأنوف, لكن الشيخ ابى الا أن يؤبن المقبور رغم حشرجة الصدور.
من بعيد تسللت الى الأسماع أنات الثكالى وآهات الأيتام , لكن ليس على المقبور بل بسبب المقبور , والشيخ لا زال مصرا على خطبة الوداع وتأبين الميت الثقيل , يبدأ بسم الله وينعى الفقيد على رؤوس الأشهاد , عظم الله أجركم في ميتكم وهو منكم رغم كل موبقاتة وآلامكم , عظم الله أجركم يا أهل غزة في كل الأسماء التي ستكتبونها على شاهد البئر , احضروا شاهدا كبيرا واكتبوا :
انتقل الى رحمة الله كل الزعماء وكل القادة وكل المشايخ من أهل العروش والرواتب والأجور , في هذا اليوم قبرنا زعمائنا الصامتين وجيوشنا ونياشين النصر الزائف ومعها وصايا الجار البعيد والقريب . على شاهد القبر اعلام الدول التي ظنناها من الأشقاء , وجامعتهم وجامعاتهم ووزرائهم ومفكريهم , قبرنا مع الميت كل الشعراء والأدباء وأهل الحل والعقد في مجالس السلاطين .
قبرنا الأزهر وشيخه وهيئة كبار العلماء وأئمة الحرمين وقبرنا حتى اكرة الباب على معبر الآلام والحرمان , قبرناكم بعد ان قبرتم فيكم كل حمية وكل شهامة وكل خير , وهل بعد حصارنا وموتنا جوعا وقهرا يبقى لكم ما لم تقبروه . عظم الله أجركم يا أهل غزة في حمية العرب وأخوة المسلمين وغيرة الأحرار فليس لكم والله الا الصبر على ما ابتـلاكم الله به فأكبر مصائبكم انكم عرب أقحاح ومسلمين مؤمنين ولا نزكي على الله أحدا.
انعي اليكم شارعكم العربي ومن ورائه كل الدجالين المتشدقين بحرية الانسان وحقوقه , فشارعنا العربي اصبح مدمنا على الدم والأشلاء وصياح الأطفال وأناتهم التي تلامس الآذان دون القلوب , موتوا يا أهل غزة وتقطعوا أشلاءا لتعطونا موضوعا نردح به على الشاشات ويسب بعضنا بعضا وعند انتهاء الوقت نعود الى بيوتنا هانئين بنصر حققناه على الشاشات وأمعنا في تقريع المخالفين .
بعد كل موتكم وحصاركم وقهركم عدنا الى الغناء والحبور وهم الراتب والمعيشة وتعظيم الأبطال الذين لا زالوا يحاصرونكم ويجتمعون من أجلكم ويطلقون التصريحات وربما الاغنيات والمواويل , وكم من دامع ظن ان الدمع يكفي لنصرتكم وان احببتم فهو جاهز للصراخ امعانا في مساندتكم .
لكم الله يا أهل غزة فالشيخ لا زال يتلوا اسماء المقبور ولا أراه سينتهي الا بانتهاء حصاركم , أطلبوا الرحمة للمقبور فأفضل ما سيجري لكم الى يوم الدين أن تقبروه وتحثوا على نتنه التراب عل الآتي يكون أفضل حال .
ميتكم ايها السادة اثقلته دنياه وعرشه وثروته وهو الآن يعاني مر السؤال أما الوارثون منه فليسوا بأحسن حال فارفضوهم وحاربوهم وسموهم بأسمائهم , لا تجالسوهم ولا تفاوضوهم ولا تهادنوهم وجهزوا لهم بئر الخطايا يلفهم الى يوم يبعثون .
لا تسألوهم فتح معبر أو قطعة سلاح ولا ترجوا من اخوانهم توافقا أو عودة عما استمرؤوه من ذل الخيانة والاستحذاء , ارسلوا لعناتكم الى بئر الخطاياه فهم فيه ينتظرون.       

زر الذهاب إلى الأعلى