يقول عليه الصلاة والسلام: "يا أيها الناس ان منكم منفرين فأيكم أم الناس فليتجوز, فان من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة" (متفق عليه), وغضب صلى الله عليه وسلم على معاذ بن جبل, لما طول بالناس في الصلاة, وقال: "أفتان انت يا معاذ?" ثلاثا,(أخرجه الشيخان), وقد ابتلينا في عالمنا الاسلامي بأئمة وخطباء للمساجد عذبوا الناس بجهلهم بالشريعة الميسرة, والسنة السمحة, فمنهم من حول التلاوة في المسجد الى نواح كربلائي حسيني, ومنهم من يصرخ في الميكرفون اذا كبر صراخا لو سمعته الحامل لاسقطت جنينها, ومنهم من حول التلاوة الى مقامات حجازية, ومنهم من قلب الدعاء في التراويح الى خطب منبرية والى حكايات عن الاموات وعجائب وغرائب عن اهل القبور, فهو يصف حالهم منذ ان ماتوا فغسلوا فكفنوا فصلى عليهم فدفنوا فغطوا بالتراب فأكلهم الدود فوزعت ثرواتهم وقسمت تركتهم وتزوجت نساؤهم وتيتم اطفالهم, ونسي المسكين الدعاء لهم بالرحمة, ومنهم من دخل في تفصيل التفاصيل في الدعاء, فدعا لفلسطين, والعراق, وافغانستان, والشيشان, والصومال, والبوسنة والهرسك, ومسلمي الفلبين, وجبهة مورو, ومسلمي تايلاند, ومسلمي كوسوفو, واهالي دارفور, وجزر الملوك, حتى نام الناس وهم وقوف, ومنهم خطيب حول خطبة الجمعة الى مقامات الحريري مع السجع والتكلف والتعسف والتمطيط والتفحيط (والتعشيق بالدبل) مع الشهيق والزفير واخراج الحرف من آخر الحلق, بل من الجوف فيقول مثلاً: أيها المسلم عليك الرضا بالقضا, على جمر القضى, ونسيان ما مضى, فما قضى قد انقضى, ثم يعجبه حرف آخر فينشب فيه, فقلدته في مقامات القرني فقلت: ان اليهود وقعوا في غلطة, وسقطوا سقطة, وصاروا في ورطة, لما زادوا نقطة, قيل لهم قولوا: حطة, فقالوا: حنطة, ومنهم من زاد: فمن قط قطة, فليشتر بطة, وليأخذ شطة, ويضعها في شنطة, وغالب جمهوره من النيجيريين وساحل العاج واندونيسيا وطاشقند وتركمانستان وابخازيا وجورجيا, وهناك خطيب تحتاج الى قاموس لتفهم مفرداته, فهو يقول: ان دستور الاخلاق يقوم على الوسط, بلا وكس ولا شطط, ليكون على احسن نمط, وخطب خطيب عن انفلونزا الطيور اربعين دقيقة وخلص الى انها مؤامرة عالمية على المسلمين, فحمدنا الله على نعمة العقل, وخطب خطيب في قرية عن الغزو الفكري وطوفان العولمة, واهل القرية لا يعرفون نواقض الوضوء, وخطب خطيب في البادية عن عملية السلام والتطبيع مع اسرائيل, واقسم انه لا يقبل بالدنية ولن يتم هذا الأمر, ومثل هذا الخطيب يبرك على صدره ويقرأ عليه آية الكرسي ويكوي ثلاث كيات حتى يشفيه الله مما اصابه, وغالب الخطباء يقرأون من اوراق صوروها من الكتب او سحبوها من النت فتأتي خطبهم باردة مثلجة سخيفة سامجة هزيلة ميتة, لانها بلا روح ولا تأثير (حرمت عليكم الميتة).